ليست «مسألة سطل»!

نشر في 09-04-2019
آخر تحديث 09-04-2019 | 00:10
الصراع على المياه قد يشكل أحد أهم معالم التنافس العالمي بما فيها اللجوء إلى الخطط العسكرية والتمدد الجغرافي للتحكم في منابع المياه في العالم، لكن التفكير الكويتي يختزل كل هذه الأدبيات بالعودة إلى استخدام السطل"، ووضع هذا التصور ضمن خطط الدولة التنموية في المستقبل.
 د. حسن عبدالله جوهر احتلت قصة "السطل" صدارة الاهتمام الإعلامي والشعبي طوال الأيام الماضية، بعدما اقترحت رئيسة حملة الترشيد تغيير سلوك المستهلك للمياه من خلال العودة إلى استخدام السطل بدلاً من الهوز.

وعلى الرغم من عفوية الطرح وبساطته فإن الطريقة الإعلامية والظرفية الزمانية وموقع المسؤولية لما يتم تداوله كان محل غضب عارم تم التعبير عنه بأقسى صور التهكم والتعليقات الساخرة، وهذه نتيجة طبيعية لرد فعل الناس التلقائي على الكثير من السياسات الحكومية وطرق علاج المشاكل ووسائل تسويقها.

‎نعم لدينا مشكلة ندرة المياه، والكويت من الدول القليلة في العالم التي تعتمد على محطات تحلية ماء البحر للاستهلاك الآدمي، ونعم لدينا ظاهرة الإسراف في طريقة الاستهلاك، ونعم نحتاج إلى رؤى مستقبلية وخطط لإعادة منظومة ربط الموارد بمفاهيم التنمية.

‎ولكن كما يكون التعبير العامي "هذا حد يوش" الحكومة، التي لا تملك أي أطروحات علمية، ولا تفهم حتى القضايا التي تتم إثارتها، ولا تنجح في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب، ولذا فإن النتيجة تكون أنه في حين تتحدث نظريات واستراتيجيات العلاقات الدولية المعاصرة عن سيناريوهات الحروب المستقبلية، وأن الصراع على المياه قد يشكل أحد أهم معالم التنافس العالمي بما فيها اللجوء إلى الخطط العسكرية والتمدد الجغرافي للتحكم في منابع المياه في العالم، فإن التفكير الكويتي يختزل كل هذه الأدبيات بالعودة إلى استخدام "السطل"، ووضع هذا التصور ضمن خطط الدولة التنموية في المستقبل.

‎السؤال الذي نوجهه إلى حملة الترشيد ذاتها ووفق مرئياتها ونظرتها للسطل كحل للترشيد: كم هي معدلات استهلاك الهوز لغسيل السيارات في المنازل مقابل مئات محطات الغسيل اليدوية والآلية المنتشرة في محطات البنزين، علماً أن المستهلك يقوم بدفع مبلغ مالي لهذه المحطات التي لا تختلف تسعيرة الماء فيها عن سعر التكلفة للمواطن والمقيم، وأن هذه الشركات الخاصة تستحوذ على أرباح غسيل السيارات بالكامل، وباستثناء بعض العمالة الفقيرة التي لا يتجاوز أجرها مقابل 12 ساعة عمل في اليوم 50 إلى 60 دينارا، ولا تدفع فلساً واحداً كرسوم أو ضرائب للدولة، ولا يتم تعيين الكادر الوطني حتى في وظائفها الإشرافية على الأقل، في حين أهواز الماء لا تتوقف من الصباح الباكر حتى منتصف الليل؟ فهل لديكم الجرأة على فرض سياسة السطل على التاجر البطل؟!

back to top