«الحرير»... في واقع مرير!

نشر في 04-04-2019
آخر تحديث 04-04-2019 | 00:30
 عبدالمحسن جمعة تضج الكويت بالكلام والتعليق على مشروع المنطقة الشمالية الاقتصادية المعروف باسم مدينة الحرير، الذي سيحقق رؤية الكويت الجديدة 2035، ويجري النقاش على جميع المستويات الحكومية والبرلمانية والاقتصادية والإعلامية والشعبية حول المشروع منذ أسابيع، وجاء لقاء النائب الأول وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد ليوضح حقائق المشروع وقيمته العالية لمستقبل البلد.

وبعيداً عن كل التفاصيل الفنية والاقتصادية للمشروع، فإن واقع البلد الصعب والمرير يعكس صعوبة تنفيذ ذلك المشروع الحلم، فتفشي الفساد وضياع هيبة القانون والاختلالات المختلفة في بنى الدولة الإدارية، والصراعات القائمة بين قوى النفوذ في الكويت، لن تسمح أن ينجز مثل هذا المشروع، فبناء مستشفى ومطار جديد احتاج إلى أكثر من عشر سنوات، ومجلس الوزراء بـ "كبره"، في اجتماعه الاثنين الماضي، يترجى جهات حكومية لرفع عوائق مشروع سكك الحديد ومترو الكويت الذي يدرس منذ 15 عاماً!

وعلى المستوى الاجتماعي، فإن الكويت تحتاج إلى ثورة "عصرنة" للمجتمع، كما يحدث في المملكة العربية السعودية الشقيقة، فلا يمكن جذب المستثمرين في وقت يبحث مراقبو وزارة الإعلام في الحفلات العامة عمن يصفّق أو يرقص، بينما يهدر رجال الأمن ساعات ثمينة من عملهم لتفتيش حفل خاص وتحرّي نوعية المشروبات التي يتناولها المدعوون فيه، سواء كانت عادية أو روحية.

ولا يمكن لدولة منغلقة ومتزمتة أن تكون معبراً دولياً ومحطة استثمار عالمية، ومن يقُل خلاف ذلك فعليه أن يعطينا مثالاً واحداً لدولة متزمتة ومزدهرة.

الرؤى الاقتصادية والاستراتيجية لمشروع الشمال رائعة، لكن الواقع على الأرض مختلف تماماً، ويحتاج إلى حركة تصحيحية وثورة اجتماعية تعيد المجتمع الكويتي المنفتح، وتعيد للشعب ثقته بأن مشروع "الحرير" لكل الكويتيين، ولن تسطو عليه فئة أو تحتكره، وستتمثل فيه العدالة، وسيكون للمنتج والمبدع النصيب الأكبر منه، وليس لقوى الاحتكار والاستحواذ، وقبل ذلك يجب أن تبطش قوى القانون بكل الفاسدين، وتكف أيديهم عن العبث بمقدرات البلد، حتى ينتهي واقعنا المرير بسبب الفساد، وتُهيأ الساحة لاستيعاب ذلك المشروع الوطني الكبير والواعد.

back to top