سدانيات: جلطة!

نشر في 29-03-2019
آخر تحديث 29-03-2019 | 00:06
 محمد السداني في مشهد لم أعتد عليه أبداً، حالة الضعف التي انتابتني وأنا أشعر بروحي تخرج من جسمي؛ لتذهب إلى مجهول لا أعلمه بكل تأكيد، سقوط ووعكة صحية صفعتني لتنذرني بألا شيء يستحق كل هذا التفكير. وأنا أقود سيارتي متجهاً إلى المنزل وجدت نفسي لا أستطيع التحكم في نفسي، فكان صانع "الآيفون" بخدمة بصمة الوجه أكثر إنسان يستحق الشكر والثناء، فقد أنقذني وجعلني أتصل على أقرب صديق لي، وذهبنا إلى مستشفى مبارك فوجدناه سوقا يعجّ بالناس الذين يلاحقون العافية في أروقة الموت والفوضى، فخرجت إلى مشفى خاص وهناك قال لي الطبيب: هذه أعراض جلطة يا محمد "لسة بدري عليك"، صمتُّ وكتمتها في نفسي مع ضحكة خفيفة لأخفي ما بداخلي من خوف وهلع، فكل الفحوص أشارت إلى عدم وجود مؤشر لهذه الجلطة، ولكن في قرارة نفسي أعلم جيدا مصدرها ومسببها ومتى تكونت!

ولكنني آثرت الصمت حلاً وطريقا للخروج الآمن من هذا المشفى الجميل الذي لم أتمنى الخروج منه. علمتني هذه الجلطة أنَّ كثيرا من الأحيان نرهق أنفسنا بحثا عن مجهول ليس لنا، ونرهق ذواتنا بمطلوب لم ولن يكون في أيدينا، علمتني أن جريان الحياة يجب أن يكون في المسار الذي رسمه الله تعالى لنا، وأن هذه الجلطات هي من صنع أيدينا.

علمتني هذه الجلطة أنَّ أعيد حسابات لكثير مما كنت أعتقد أنه صحيح أو على صواب، كنت أعتقد أن الجلطات لا تصيب إلا المدخنين أو أصحاب الوزن الزائد أو كبار السن، والحقيقة أنها تصيب كبار السن وكبار الهم وكبار التفكير والقلق.

علمتني الجلطة أن أبحث عن القريب قلبا وروحا ومكانا ووصالا قبل أن أبرر بُعد أحدهم أو غياب الآخر أو لامبالاته، وأن الله عندما ينبهنا إلى أمر فإنه يهدينا مع تنبيهه هدية تعدل بوصلة حياتنا، فنكون أقوى وأشمل وأدوم في الحياة والعلاقات. لا أدري إذا كانت جلطة حقيقية، لكنها بكل تأكيد جلطة معنوية أفاقت نفسي وخاطري وقلبي إلى رشده التائه الذي ضاع وهو يحاول أن يصلح العالم ولم يصلح أول موضع له وهو نفسه.

خارج النص:

• تابعت لقاء الشيخ ناصر صباح الأحمد، وتوصلت إلى نتيجة مفادها هو أن الرجل لديه رغبة حقيقية في الإصلاح، ولكن المحيط السياسي مليء بالذئاب التي تضحك للإعلام وتكشر للمسؤول.

• مشاريع الشمال والحرير لم تعد حُلما نتمنى حدوثه ولكنها أصبحت حاجة ملحة لا تفريط فيها.

back to top