ترامب لا يمانع نشر «تقرير مولر» كاملاً ويعتبره صك براءة

التحقيق لم يتهم ولم يبرئ الرئيس من «عرقلة العدالة»... والديمقراطيون يتهمون بار بعدم الحياد
موسكو جاهزة لطي الصفحة

نشر في 26-03-2019
آخر تحديث 26-03-2019 | 00:03
مناصرون لترامب يتجمعون في تايمز سكوير بنيويورك أمس الأول بعد إعلان ملخص تقرير مولر   (رويترز)
مناصرون لترامب يتجمعون في تايمز سكوير بنيويورك أمس الأول بعد إعلان ملخص تقرير مولر (رويترز)
لم يعثر التحقيق، الذي أجراه المحقق الخاص روبرت مولر، واستغرق العمل فيه نحو عامين ونصف العام، على أدلة بأن حملة الرئيس الأميركي دونالد تآمرت أو تعاونت مع الحكومة الروسية، من أجل التأثير على الانتخابات الرئاسية عام 2016، حسبما جاء في رسالة إلى الكونغرس أعدها المدعي العام ويليام بار.
أعلن البيت الأبيض، أمس، أن الرئيس دونالد ترامب لا يمانع نشر تقرير المحقق الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، وهو ما يطالب به الديمقراطيون الذين شكلت نتائج التحقيق صفعة لمحاولاتهم مساءلة الرئيس قبيل رئاسية 2020.

لا تآمر

وكان وزير العدل الأميركي بيل بار سلّم، أمس الأول، إلى الكونغرس، رسالة من أربع صفحات، أوجز فيها خلاصة التحقيقات التي أجراها مولر على مدى عامين ونصف العام، تظهر خصوصاً أنه "لا تآمر من قبل حملة ترامب أو أي أحد مرتبط بها، مع جهود الحكومة الروسية، رغم عروض عدة من شخصيات مرتبطة بروسيا لمساعدة حملة ترامب".

عرقلة العدالة

وفيما خص الموضوع الثاني الأخطر، الذي كان يواجهه ترامب في التقرير، وهو مسألة عرقلة سير العدالة، خصوصاً بسبب طرده مدير مكتب FBI جيمس كومي، الذي كان يقود التحقيق قبل مولر، عرض التقارير الموضوع من الجانبين ولم يكن حاسماً فيما يتعلّق بهذه المسألة.

وقال وزير العدل إنّ "المدّعي الخاص لم يصل بطريقة أو بأخرى إلى نتيجة حول ما إذا كان السلوك الذي يخضع للفحص يشكّل إعاقة للعدالة".

وتابع: "يبيّن المدعي الخاص أنّه على الرّغم من أنّ هذا التقرير لا يخلص الى أنّ الرئيس قد ارتكب أي جريمة، إلاّ أنّه أيضا لا يبرّئه".

وأكد بار أنه ليس هناك "أدلة كافية للتأسيس عليها أنّ الرئيس ارتكب جرم إعاقة سير العدالة". وأضاف: "وفي تعداد لأفعال الرئيس، والتي حدث العديد منها أمام أنظار الرأي العام، لا يحدّد التقرير أيّ أفعال تشكّل سلوكاً معرقلاً للعدالة".

وقال وزير العدل في رسالته إلى رئيسي لجنتي العدل في مجلسي الشيوخ والنواب إنّ "التقرير لا يوصي بتوجيه أيّ اتّهامات أخرى، وكذلك ليس لدى المدّعي الخاص اتّهامات طيّ الكتمان تنتظر إعلانها للرأي العام".

وفي أول رد فعل على ما تضمنه تقرير مولر، أعلن الرئيس الأميركي في تغريدة على "تويتر": "لا تواطؤ، لا عرقلة، تبرئة كاملة وشاملة. فلنبق أميركا عظيمة!".

وعقب التغريدة، أدلى ترامب بتصريح للصحافيين، قبيل مغادرته فلوريدا على متن الطائرة الرئاسية، اعتبر فيه انّه من المعيب أن يكون رئيس الولايات المتحدة قد اضطر للخضوع لتحقيق بشأن احتمال حصول تواطؤ بين فريق حملته الانتخابية وروسيا، أو احتمال سعيه لعرقة عمل العدالة. وقال: "بصراحة، من المعيب أن يكون رئيسكم قد اضطر للخضوع لهذا الأمر، الذي بدأ حتى قبل انتخابي".

وأضاف أنّ التحقيق "محاولة تدميرية غير شرعية، ومناورة غير قانونية للإذلال انتهت بالفشل".

كما اعتبرت الناطقة باسم البيت الابيض سارة ساندرز، "ان النائب العام لم يجد أي تواطؤ ولا أي عرقلة"، وخلاصات وزارة العدل هي تبرئة كاملة وشاملة لرئيس الولايات المتحدة".

الجمهوريون

وفي تغريدة على "تويتر"، كتب السناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام، الذي لعب الغولف مع ترامب، أمس الأول، أنّ هذا كان "يوماً عظيماً للرئيس ترامب وفريقه، ويوماً سيئاً بالنسبة لأولئك الذين كانوا يأملون في أن يؤدي تحقيق مولر إلى إسقاط الرئيس".

وقال غراهام إنه يريد التحقيق فيما إذا كان مسؤولون كبار في وزارة العدل قد بحثوا إجبار ترامب على ترك المنصب، كما يضغط على مكتب التحقيقات الاتحادي لتسليم وثائق تتعلق بمراقبته لكارتر بيدج أحد مستشاري السياسة الخارجية في فريق ترامب الانتخابي.

كما أعلن السناتور ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ، في بيان، أن استنتاجات مولر توكد أن رواية الرئيس بعدم وجود أي تورط من جانب حملته للتآمر أو التعاون مع الروس في 2016.

مع ذلك، أوضح ماكونيل أن "الجهود المستمرة من جانب روسيا للتدخل في ديمقراطيتنا خطيرة ومزعجة، وأرحب بمساهمات المحقق الخاص في جهودنا كي نفهم بشكل أفضل النشاطات الروسية في هذا الشأن".

الديمقراطيون

لكنّ رأي الديمقراطيين أتى مخالفاً، إذ سارع زعيما الحزب في الكونغرس إلى المطالبة بنشر التحقيق "كاملاً"، معتبرين أنّ وزير العدل ليس "مراقباً محايداً" كي يتم الركون إلى الخلاصة التي أعدّها.

وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقليّة الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، في بيان مشترك، إنّ "رسالة وزير العدل بار تطرح أسئلة بقدر ما تقدّم أجوبة". وأضاف البيان أنّه "من الملحّ أن ينشر التقرير كاملاً وكل الوثائق المتعلّقة به"، مشيرين إلى أنّ مولر لم يبرّئ ترامب من تهمة عرقلة سير العدالة.

وأتى البيان المشترك بعيد إعلان مسؤول ديموقراطي آخر هو رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف تعليقاً على ما نشره وزير العدل: "بصعوبة يبدو لي ذلك تبرئة".

وأعلن شيف أنّ الكونغرس سيطلب أولا ببساطة نشر التقرير كاملاً، لكنّه مستعدّ لاستخدام سلطته في الاستدعاء أو "الملاحقة امام القضاء إذا اقتضى الأمر من أجل الحصول على المعلومات".

إيفانكا تستعين بلينكولن

عبّرت إيفانكا ترامب، نجلة الرئيس دونالد ترامب ومستشارته، عن سعادتها بخروج والدها منتصراً في ملف التدخل الروسي.

واستخدمت على "تويتر" عبارة شهيرة للرئيس الأميركي التاريخي أبراهام لينكولن يقول فيها: "الحقيقة هي أفضل دفاع ضد التشهير".

وقال ديمقراطيون يترأسون ست لجان في مجلس النواب إنهم يتوقعون تسليم الأدلة بالطلب إلى لجانهم التي تشمل كل شيء من الضرائب إلى البنوك. ومن المتوقع أن تواصل اللجنة القضائية في مجلس النواب تحقيقها بشأن مزاعم عرقلة العدالة، بعد طلب وثائق من 81 شخصا ومنظمة قبل عدة أسابيع.

بدوره، أوضح رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيري نادلر، وهو من الديمقراطيين: "نعلم أنّ هناك تواطؤاً"، مضيفاً: "لا نعلم لمَ لا توجد توصية بتوجيه اتّهامات".

وقال نادلر إنه ينوي أن يطلب من بار الإدلاء بشهادته أمام اللجنة، لتفسير السبب الذي دفعه للاعتقاد بأنه ينبغي عدم اتهام ترامب بعرقلة العدالة. وكتب على "تويتر": "يجب أن تكون هناك شفافية كاملة فيما اكتشفه المحقق الخاص مولر ومنع عدم تبرئة الرئيس من ارتكاب مخالفات. وزارة العدل مدينة للشعب بأكثر من مجرد ملخص موجز وقرار بعدم المضي أكثر في عملهم".

ورغم ما قاله نادلر وشيف من أنهما قد يحاولان جعل مولر يدلي بشهادة أمام الكونغرس، فإن الاستجواب قد يكون مهذبا نسبيا؛ فمولر مدير سابق لمكتب التحقيقات الاتحادي، ومن المحاربين القدامى في حرب فيتنام. لكن شهادته ربما لا تكشف عن الكثير.

واكتسب مولر سمعة بأنه محقق دقيق، إلا أنه قد لا يرغب في مناقشة الأدلة أو استخلاص نتائج غير واردة في تقريره. كما أنه ملزم بإحالة الأمر إلى بار فيما يتعلق بما يمكن الكشف عنه، وذلك بحكم كونه ممثلا خاصا للادعاء.

موسكو جاهزة لطي الصفحة

في تعليق على صدور تقرير المدعي الأميركي الخاص روبرت مولر، قال الكرملين أمس إنه مستعد لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، لكن اتخاذ الخطوة الأولى أمر يعود الى واشنطن، مجدداً نفيه تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الاميركية السابقة.

وفي رد على أن التقرير أقر بوجود تدخل روسي، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: الاتهامات التي مازالت تصدر بحق روسيا بشأن التدخل في الشؤون الانتخابية الأميركية، نحن نعتبرها كما كانت، لا أساس لها. وأضاف: نحن لم نطلع على التقرير بحد ذاته، لذا لا توجد إمكانية لدينا للتعليق. لكن الخلاصة التي يجري الحديث عنها لم تقدم شيئاً جديداً غير الاعتراف بعدم وجود أي مؤامرة.

واستشهد بيسكوف بحكمة فيلسوف صيني، شبه بها البحث عن التدخل الروسي، بمن "يبحث عن قط أسود في غرفة مظلمة لا قطط فيها أصلا".

بدوره، قال النائب الروسي كونستنتين كوساتشي إن موسكو يسعدها إصلاح العلاقات مع واشنطن بعد تقرير مولر، واضاف: "على أية حال هناك فرصة لإعادة ضبط علاقاتنا لكن السؤال هو هل سيجازف ترامب بهذا؟ نحن مستعدون بالطبع".

back to top