«دار الكتب»... 149 عاماً على تأسيس «أرشيف مصر»

دُشنت بأمر الخديوي إسماعيل وتعد أول مكتبة وطنية في العالم العربي

نشر في 26-03-2019
آخر تحديث 26-03-2019 | 00:02
مضت قبل يومين الذكرى الـ149 لإنشاء دار الكتب المصرية، التي تعدّ أول مكتبة وطنية في العالم العربي، حيث شيدت في 23 مارس 1870، وتعتبر بمنزلة "أرشيف مصر" العملاق وحافظة تراثها، ومازالت قبلة مهمة للباحثين والدارسين، وخاصة في مجال التاريخ، في مصر والوطن العربي.
في عام 1870 وبناء على اقتراح علي باشا مبارك ناظر ديوان المعارف وقتذاك، أصدر الخديوي إسماعيل أمرا بتأسيس دار للكتب في القاهرة، وكانت تعرف في ذلك الوقت باسم "الكتبخانة الخديوية المصرية"، لتجمع المخطوطات والكتب النفيسة التي أوقفها السلاطين والأمراء والعلماء على المساجد والأضرحة والمدارس، ليكون ذلك نواة لمكتبة عامة على نمط دور الكتب الوطنية في أوروبا. وفي عام 1904 انتقلت المكتبة إلى مبنى أنشئ لها في ميدان باب الخلق (وسط القاهرة).

في عام 1971 انتقلت المكتبة إلى المبنى الحالي على كورنيش النيل في منطقة رملة بولاق، وصُمم المبنى ليكون صالحا لأداء الخدمات المكتبية الحديثة، وليتمكن بمساحاته الضخمة من توفير مخازن مناسبة لحفظ المخطوطات والبرديات والمطبوعات والدوريات والميكروفيلم، إضافة إلى قاعات تستوعب العدد الضخم من المترددين على الدار، وتخصيص أماكن للمراكز المتخصصة والمكاتب الإدارية، لتؤدي وظيفتها كمكتبة وطنية تقدم خدماتها للباحثين والقراء في شتى المجالات.

ينقسم المبنى الحالي إلى 4 وحدات: وحدة رئيسة مكونة من 7 طوابق تضم قاعات ومكاتب إدارية، ووحدة تعرف بـ "مبنى البرج"، وصممت لتتحمل 22 طابقا، لكن لم ينجز منها سوى 8 طوابق، مخصصة لمخازن دار الكتب، ووحدة خلفية متصلة بمبنى البرج صُممت لتضم المراكز العلمية (تحقيق التراث، وتاريخ مصر، والترميم، والببليوغرافيا والحاسب الآلي، والتنمية البشرية) والإدارة المركزية للشؤون المالية والإدارية بإداراتها المختلفة، بينما يضم الطابق الأرضي والبدروم مطبعة دار الكتب وإداراتها الفنية. أما الوحدة الرابعة فهي ملاصقة للمبنى الرئيس ومكونة من 3 طوابق، وتم تخصيصها عام 1989 لدار الوثائق القومية.

وفي عام 1966 تم ضم دار الوثائق المصرية إلى دار الكتب المصرية، قبل أن يصدُر قرار جمهوري في عام 1993 بإنشاء الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، وأصبح لها هيكل تنظيمي مستقل.

ترميم وإعادة افتتاح

وخلال فبراير الماضي، أعيد افتتاح المبنى القديم لدار الكتب في منطقة "باب الخلق"، بعد خضوعه لعملية ترميم وتطوير، بحضور رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم، وحاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي الذي قدّم منحة الترميم والتطوير.

وروعي في عملية التطوير المزاوجة بين الأصالة والمعاصرة، حيث تضمن المشروع تحويل المبنى إلى مكتبة متخصصة في الدراسات الشرقية، تضم مخطوطات الدار العربية، والتركية، والفارسية ومجموعة البرديات الإسلامية، كما تم تخصيص قاعة للعرض المتحفي.

57 ألف مخطوط

وتعتبر دار الكتب أكبر مكتبة في مصر، تليها مكتبة الأزهر ومكتبة الإسكندرية الجديدة، ويبلغ عدد المخطوطات المحفوظة في الدار نحو 57 ألف مخطوط، تعتبر من أنفس المجموعات، وهي مرقمة ومفهرسة وتغطي تشكيلة واسعة من الموضوعات، وتتميز هذه المخطوطات بتنوع موضوعاتها وخطوطها المنسوبة ومخطوطاتها المؤرخة.

كما تضم الدار مجموعة نفيسة من أوراق البردي العربية، من بينها مجموعة عُثر عليها في "كوم أشقاو" بصعيد مصر، يبلغ مجموعها 3 آلاف بردية تتعلق بعقود زواج وبيع وإيجار واستبدال وكشوف وسجلات وحسابات خاصة بالضرائب أو تقسيم مواريث أو دفع صداق وغيرها.

وأقدم البرديات يرجع إلى عام 87هـ (705م) ولم ينشر منها إلا 444 بردية، كما تحتوي الدار على مجموعة من الوثائق الرسمية التي تتمثل في حجج الوقف ووثائق الوزارات المختلفة وسجلات المحاكم وغيرها، مما يعنى به الباحثون في شتى المباحث الأثرية والتاريخية.

وتمتلك الدار أيضاً مجموعة طيبة من النقود العربية يعود أقدمها إلى سنة 77هـ (696م)، وتشمل مجموعاتها تشكيلة كبيرة من مخطوطات القرآن الكريم المكتوبة على الورق والجلد، وبعضها بالخط الكوفي القديم غير المنقط، وبعضها لخطاطين مشهورين.

وهناك مجموعات من مخطوطات البردي من مختلف أنحاء مصر بعضها يعود إلى القرن السابع أو قبله، وهي منجم معلومات عن الحياة الاجتماعية والحضارية بمصر في بداية الإسلام، وفيها مجموعات عثمانية وفارسية قديمة أيضاً.

أهداف الدار

ومن أهم أهداف دار الكتب، نشر الوعي الثقافي بين أفراد المجتمع، وتيسير الاطلاع على الإنتاج الفكري والأدبي والعلمي للحضارة الإنسانية، وتقديم الخدمة المكتبية لجمهور الباحثين والمطالعين، وإتاحة مقتنيات الدار للاطلاع عليها والاستفادة منها، سواء في مقر الدار، أو من خلال المكتبات الفرعية التابعة لها، والعمل على إحياء التراث العربي، وجمع وحفظ وصيانة مقتنيات الدار التراثية من الكتب وأوائل المطبوعات والدوريات والمخطوطات وتنظيمها والتعريف بها والإعلام عنها، وتوثيق الصلات العلمية والثقافية مع مختلف المكتبات والمؤسسات داخل مصر، وكذلك دور الكتب العالمية والهيئات العلمية والثقافية بالخارج، وخاصة في الأقطار العربية، عن طريق تبادل المطبوعات والمعلومات الفنية.

عقود زواج وبيع وإيجار على ورق بردي... ونقود عربية ترجع إلى عام 77هـ
back to top