«دولة داعش» تنتهي شرق سورية... والأنظار على الجولان

ماكرون يعلن إزالة خطر كبير عن فرنسا... وواشنطن وحلفاؤها يبدؤون «مرحلة جديدة» ضد الخلايا النائمة

نشر في 24-03-2019
آخر تحديث 24-03-2019 | 00:05
كوباني يعلن نهاية «داعش» في مؤتمر صحافي بحقل العمر النفطي في دير الزور أمس (أ ف ب)
كوباني يعلن نهاية «داعش» في مؤتمر صحافي بحقل العمر النفطي في دير الزور أمس (أ ف ب)
بعد مرور عام من إعلان العراق «النصر المؤزر» على «داعش»، طوت واشنطن وحلفاؤها صفحة خلافة التنظيم في سورية، لتنهي بذلك مرحلة مهمة في أكبر الأزمات الإنسانية وأكثرها تعقيداً والتي خلّفت منذ اندلاعها في 2011 أكثر من 370 ألف قتيل وشرّدت ملايين النازحين واللاجئين.
مع سيطرتها على آخر جيوب التنظيم عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، أعلنت قوات سورية الديمقراطية (قسد) القضاء التام على «دولة داعش»، التي أعلنها زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي في 2014، لتطوي بذلك نحو خمس سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الدموية.

وخلال احتفال عسكري ومراسم بثها التلفزيون، أعلن القائد العام للقوات مظلوم كوباني، في مؤتمر صحافي بحقل العمر النفطي، إنهاء السيطرة الميدانية للتنظيم على شرق سورية، مؤكداً «للرأي العام العالمي بدء مرحلة جديدة في محاربة التنظيم بهدف القضاء الكامل على وجوده السرّي المتمثّل في خلاياه النائمة، والتي لا تزال تشكّل خطراً كبيراً على منطقتنا والعالم بأسره».

واستباقاً للجولة المقبلة، دعت قيادة «قسد» حكومة دمشق إلى الاعتراف بالإدارة الذاتية الكردية في مناطق سيطرتها شرق سورية، مطالبة تركيا بالكف عن التدخل في شؤونها والخروج من كل الأراضي السورية وخاصة عفرين.

وبالسيطرة على بلدة الباغوز كاملة في ريف دير الزور الشرقي، لم يعد للتنظيم أي أراض تحت سيطرته في سورية، بعد أكثر من عام على دحره من العراق المجاور.

ورفعت «قسد»، المدعومة أميركياً رايتها الصفراء على مبنى داخل آخر بقعة كانت تحت سيطرة التنظيم. وعلى بعد أمتار من نهر الفرات، الذي تقع الباغوز على ضفافه الشرقية، سقطت راية «داعش» السوداء على الأرض.

وكتب مدير المركز الإعلامي في «قسد» مصطفى بالي على «تويتر» بالإنكليزية والعربية: «الباغوز تحررت والنصر العسكري ضد داعش تحقق، وتم القضاء التام على خلافته بخسارته لأراضي سيطرته بنسبة 100 في المئة»، مضيفاً: «بعد سنوات من التضحيات الكبرى نبشر العالم بزوال دولة الخلافة المزعومة».

واستبق التنظيم خسارته هذه بدعوة عناصره في تسجيلات بثها في الأيام الأخيرة على حساباته في تطبيق تليغرام إلى «الثأر» من الأكراد في مناطق سيطرتهم في شمال وشرق سورية، داعيا أنصاره كذلك إلى شن هجمات في الغرب ضد أعداء «الخلافة».

إعلان ترامب

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأول، هزيمة «داعش» بنسبة 100 في المئة في سورية، وعرضه أمام مراسلين خرائط للمنطقة، واحدة تظهر المساحات الكبيرة التي كان يحتلها التنظيم، وأخرى خالية تظهر الوضع يوم الجمعة.

وقبل إعلان المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز «القضاء على دولة الخلافة في سورية»، كتب ترامب على «تويتر»: «التنظيم يستخدم الإنترنت بشكل أفضل من أي شخص تقريباً، لكن جميع الأشخاص الذين يتأثرون بدعاية داعش يعرفون أنه تعرض لضربات بشكل قاطع وعلى جميع المستويات».

وأشاد الرئيس الفرنسي ماكرون بالتحالف الدولي، معتبراً أن القضاء على «داعش» في سورية «أزال خطراً كبيراً على بلادنا».

وحذر ماكرون، في تغريدتين بـ «تويتر» من أن «التهديد لا يزال قائماً، والكفاح ضد المجموعات الإرهابية يجب أن يستمر». ووصفت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي هزيمة «داعش» بأنها «منعطف تاريخي»، ودعت إلى مواصلة المعركة ضد الجهاديين.

وثيقة الجولان

إلى ذلك، يعد مسؤولون أميركيون وثيقة رسمية بشأن اعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على الجولان «من المرجح أن يوقعها ترامب الأسبوع المقبل أثناء استقباله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو»، حسبما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير في البيت الأبيض.

وكتب ترامب، مساء الخميس في تغريدة: «بعد 52 عاماً، حان الوقت لكي تعترف الولايات المتحدة بالكامل، بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان»، مؤكداً أنها «ذات أهمية استراتيجية وأمنية بالغة لها ولاستقرار المنطقة».

ودفعت تصريحات ترامب دول العالم إلى تبني مواقف متباينة، أفضت إلى دعوة باكستان بالنيابة عن منظمة التعاون الإسلامي لعقد اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

رد سوري

وفي دمشق، شدد نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، أمس الأول، على أن وسائل استعادة الجولان لا حدود لها، والقيادة تدرس كل الاحتمالات، مؤكداً حق سورية في استخدام كل الطرق لاستعادة الأراضي المحتلة، بدءاً من الأساليب السلمية، حتى المسلحة.

وأشار المقداد إلى أن الاحتلال سيرحل عن الجولان عاجلاً أم آجلاً، وأن تحدي دولة مارقة، في إشارة إلى الولايات المتحدة، القرارات الدولية، هي صفعات تجاه قضايا المنطقة.

وفي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، طلبت وزارة الخارجية السورية إعادة تأكيد رفض الأمم المتحدة لمطالب إسرائيل في مرتفعات الجولان المحتلة منذ حرب 1967.

وأعلنت المعارضة السورية إدانتها موقف ترامب. وذكرت هيئة التفاوض، في بيان، أن «هذا الموقف سوف يزيد تعقيد الأوضاع في منطقتنا، ويقوض كل فرص الاستقرار والسلام، وسيحرض على مزيد من الحروب والدمار».

وندد الأمين العام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط بخروج ترامب بشكل كامل عن القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مؤكداً أن «الجولان أرض سورية محتلة».

حقيقة ثابتة

وبينما أكدت مصر والأردن وقطر موقفها الثابت باعتبار الجولان أرضاً محتلة وفق قرارات الشرعية الدولية، أعرب مجلس التعاون الخليجي عن أسفه لتصريحات ترامب، مؤكداً أن هذا لن يغير من «الحقيقة الثابتة» باعتبار مرتفعات الجولان أراضي سورية.

وإذ حذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من أن موقف ترامب يضع المنطقة على حافة «أزمة جديدة»، اعتبر الكرملين «أن دعوات كهذه من شأنها زعزعة استقرار الوضع بشكل كبير في الشرق الأوسط»، آملاً أن تظل مجرد دعوة.

وأعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن «صدمته»، وكتب في تغريدة: «الجميع صُدم بمواصلة دونالد ترامب محاولة منح ما ليس له لإسرائيل العنصرية: أولا القدس والآن الجولان».

وفي باريس، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن «الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان سيكون مخالفا للقانون الدولي، وواجب الدول عدم الاعتراف بوضع غير قانوني».

تفادي الصدام

على صعيد موازٍ، أفاد مصدر دبلوماسي رفيع وكالة «نوفوستي» بأن الخبراء الروس والإسرائيليين يعملون على وضع أول وثيقة مكتوبة حول «تفادي الصدام» في سورية، مؤكداً وجود «تعليمات مباشرة بإنجاز هذه الوثيقة».

الإدارة الكردية على المحك

على مدى 4 سنوات، قاتل الأكراد بشراسة «داعش» بدعم من الأميركيين، لكنهم اليوم، بعد انهيار «الخلافة»، وقرار واشنطن سحب قواتها من مناطقهم، يخشون على مصير إدارتهم الذاتية بعدما عملوا لسنوات على إرسائها.

ويواجه الأكراد تهديدات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المتواصلة بشن هجوم جديد ضد وحدات حماية الشعب قرب حدودها من جهة، وتعنّت الرئيس السوري بشار الأسد الراغب بإنهاء وجود إدارتهم واستعادة السيطرة على كامل البلاد من جهة ثانية.

وتصاعد نفوذ الأكراد تدريجياً بعد اندلاع النزاع في 2011. وتمكنوا من تأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلا عن مؤسسات عامة والتدريس باللغة الكردية. وأجروا انتخابات محلية في مناطق الإدارة الذاتية.

back to top