عودة إلى صفحة الذكريات

نشر في 19-03-2019
آخر تحديث 19-03-2019 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي لقد ابتعدت قليلاً عن الحديث عن ذكريات العمل الدبلوماسي الذي مارسته على مدى سبعة وثلاثين عاماً، وفي مجتمعات قد لا تختلف في طبيعتها بل تتعارض، فقد كنت سفيرا مقيماً أو محالاً في أربع عشرة دولة تمتد على مساحة العالم، ولعل أكثرها إثارة فترة غزو واحتلال الكويت الغالية من قبل النظام العراقي السابق، وكنت حينها أتولى رئاسة البعثة الدبلوماسية في جمهورية الجزائر الشقيقة تلك الفترة التي واجهنا فيها أوقاتاً صعبة امتدت من التهديدات بخطف الأولاد وتفجير المنزل إلى اقتحام السفارة وتدمير محتوياتها، وقد نجوت من ذلك الحادث برعاية من الله، ولكن كل ذلك لم يمنعنا من التحرك وبقوة على تلك الساحة على اتساعها، وذلك بإقامة المعارض والندوات، بل قمنا بتأسيس حزب مدعوم من السفارة مما أتاح لنا قدرا واسعاً للتحرك، ولعل قمة ذلك التحرك كانت الزيارة التي قام بها الوفد الشعبي برئاسة العم الفاضل أحمد السعدون "بو عبدالعزيز".

في ظل تلك الأوضاع ومن أجل المحاولة لمواجهة ذلك الشارع الجارف فقد قمت بزيارة العديد من الشخصيات الوطنية منها الرئيس أحمد بن بله والسيد يوسف بن خده والسيد الأخضر الإبراهيمي وبعض رؤساء الأحزاب مثل الشيخ عباس مدني رئيس جبهة الإنقاذ الوطني الإسلامية، والشيخ محفوظ نحناح رئيس حزب حماس الجزائرية، وفي ظل ما تتناقله الأنباء حول الأوضاع في الجزائر وهذه المظاهرات الشعبية المعارضة لتجدبد الترشيح للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة فقد عادت إلى الذهن تلك الأمسية من عام 1990 أثناء فترة الاحتلال الغاشم، حيث قمت بالاتصال بالرئيس بوتفليقة، وكان في شبه عزله سياسية، وأبديت له رغبتي بزيارته، وقد رحب مشكوراً وقد قمت بزيارته في شقته في منطقة حيدرة استمر اللقاء ما يقارب الساعة، وتميز بالود والصراحة، حيث أكد أن الأوضاع في الخليج لن تستمر طويلاً، وستعود الكويت دولة حرة كما كانت.

والآن في ظل ما تشهده الجزائر من حراك ومظاهرات يجعلنا نتساءل: هل وصلت عواصف الربيع العربي إلى الجزائر، بل يبدو أن بعض الشرر قد انتقل إلى الناحية الثانية من أوروبا وخصوصا فرنسا، والمؤلم في الأمر أن القيادات العربية بدأت في تخويف شعوبها مما يحدث في الدول الأخرى، فبدأت القيادة السورية تخوف الشعب بما يحدث في اليمن من تمزيق للدولة، وفي اليمن تخوف الشعب مما يحدث في ليبيا، وفي مصر يتم تخويف الشعب مما يحدث في السودان، وهكذا حتى تكتمل الدائرة التي لا نعرف مبتداها من منتهاها، لك الله أيها الوطن العربى الكبير.

وحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

إلى متى؟

الآن وصل هذا التساؤل إلى "البريد"، هذه الإدارة التي كانت وما زالت جزءاً من تاريخ الوطن، فأول رسالة بريدية مرسلة من الكويت يعود تاريخها إلى الرابع من مارس 1750، وقد قام بإرسالها ممثل شركة الهند الشرقية الإنكليزية في مدينة البصرة بعد هروبه منها إلى الكويت هرباً من السلطات العثمانية، وكانت تلك الرسالة موجهة إلى أحد القساوسة في مدينة حلب السورية، يشرح فيها مشكلته مع شركته، وما زال أصل هذه الرسالة محفوظاً في الأرشيف الهولندي.

وقد بدأ أول بريد رسمي في الكويت عام 1904 في عهد الشيخ مبارك الكبير، وأول طابع بريدي صدر عام 1947، وكان يحمل صورة المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح، وبعد هذا التاريخ ألا تستحق هذه الإدارة قليلا من الاهتمام ومراعاة العديد من فئات المجتمع، وذلك بدل هذا الإهمال؟ إذ يبرز تساؤل تعانيه العديد من مؤسسات وإدارات ووزارات الدولة، وهو: إلى متى؟

back to top