بين «الوطني» و«التحرير»

نشر في 06-03-2019
آخر تحديث 06-03-2019 | 00:20
 أ.د. غانم النجار نحن، ربما، البلد الوحيد، الذي لديه يومان وطنيان متتاليان بموضوعين مختلفين، وبتاريخين مختلفين، تتالَيا بقصد أو بغيره، أطلقنا على أحدهما العيد الوطني، والثاني عيد التحرير من الغزو العراقي، وهما مناسبتان في مناسبة واحدة، من محاسنها، لشعب يحترف افتعال العطل الرسمية، أنها أوجدت عطلة أطول من المعتاد، فبدلاً من يوم واحد صارا يومين، وعادة تكون أطول من ذلك بمصطلحات كويتية، كيوم راحة أو غير ذلك من المسميات.

القول بأن العيد الوطني مر عليه 58 سنة، أو بأن 25فبراير يمثل ذكرى الاستقلال هو قول غير دقيق... لماذا؟ استقلت الكويت في 19 يونيو 1961، أما 25فبراير فهو يوم جلوس الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، سنة 1950. وبهذه الحسبة، فإن العيد الوطني عمره 61 سنة. تم اعتماد 25 فبراير بمرسوم عيداً وطنياً مايو 1964، فتم الاحتفال به للمرة الأولى سنة 1965، ومازلنا مستمرين عليه. أما 19 يونيو، وهو ذكرى الاستقلال، فقد تم الاحتفال به لأول مرة سنة 1962، بحضور أمير البلاد حينها الشيخ عبدالله السالم، وتوالت الاحتفالات بالاستقلال حتى 1964، ومن ثم توقف الاحتفال به بعد صدور مرسوم أميري سنة 1965، ولم يتم الاحتفال بعيد الاستقلال بعد ذلك، فكان أن نسيت الذاكرة الجمعية الوطنية يوم الاستقلال، وهو أمر مستغرب، ليس لأن الطقس حار في يونيو، كما يقال، ولكن لأنها العلامة الفارقة في حياة الدولة.

الاحتفال بالأعياد الوطنية أمر اعتادته الكثير من شعوب العالم، بعد ظهور الدولة القومية ومفاهيم الوطنية المرتبطة بالحدود والهوية، منذ معاهدات ويستفاليا في القرن السابع عشر، حيث يفترض في تلك الاحتفالات أن يجتمع الشعب، لكي يجددوا العهد بالانتماء للوطن والحفاظ على القيم الديمقراطية، إن كان ذلك المجتمع ديمقراطياً، فإن لم يكن كذلك فسيجدون ما يحتفلون به، تمجيداً للنظام مثلاً.

نحن، ربما، البلد الوحيد الذي تصادف عيده الوطني استقلالاً أو جلوساً، مع عيد التحرير من غزو غاشم، سعى إلى إلغاء البلاد فخابت مساعيه. من المفترض، والحالة كهذه الحالة الفريدة من نوعها، أن يكون مسعانا هو الحفاظ على وحدة الوطن، ودستوره وحرياته، وقيمه الديمقراطية، والأهم حمايته من أي غزو قادم، وبناء مجتمع بقيم جديدة يكون فيها التماسك هو الأصل والقاعدة، والتنافر هو الاستثناء والطارئ.

فهل قمنا بذلك؟ وهل نجحنا في الخروج من حالة الاستلاب والضياع والقلق؟ سؤال مشروع ومفتوح أظن أن الإجابة عنه واضحة كالشمس في رابعة نهار 19 يونيو.

back to top