لمَ يُتوقع لترامب تحقيق انتصار تاريخي في عام 2020؟

نشر في 04-03-2019
آخر تحديث 04-03-2019 | 00:00
ترامب أنجز اقتطاعات ضريبية وإصلاحات ناجحة وازدهارا كبيرا، فضلاً عن أنه أول رئيس يتعاطى بجدية مع مسألة الهجرة غير المشروعة وواردات النفط وانتشار الأسلحة النووية في الدول المارقة، بالإضافة إلى ذلك رفض أن يقمعه الماركسيون البيئيون من دون أن يبذل أي جهد لتبديل المسار في مسألة البيئة بحد ذاتها.
 أميركان غرايتنس بينما تحاول كل أسبوع أعداد الديمقراطيين الساعين إلى الفوز بترشيح حزبهم للانتخاب الرئاسية عام 2020 الاستحواذ على الانتباه والتفوق على خصومهم اليساريين، يقدّم هذا الحزب اقتراحاً سياسياً جديداً يبعد كثيراً عن الوسط القوي الذي لطالما تمحورت حوله السياسات الأميركية.

تبنى الرئيسان الأميركيان الأكثر تأثيراً وتغييراً، فرانكلن روزفلت ورونالد ريغان، تشبيهاً يرتبط بالرياضة: نقل وسط الملعب 10 ياردات إلى اليسار مع روزفلت و10 ياردات إلى اليمين مع ريغان، إلا أنهما لم يتجاوزا مطلقاً خط الثلاثين ياردة.

ولكن لانتخابات عام 2020، يعتبر الخطاب الديمقراطي والآراء التقليدية، اللذان لا تنفك وسائل الإعلام المناهضة لترامب تمطر البلد بهما، أن هزيمة ترامب يُفترض أن تكون سهلة لأن شعبيته لم تتخطَّ الـ50%، لكن هذه كلمات تافهة لأنها تغفل عن واقع أن ترامب في عام 2016 كان يترشح ضد الجمهوريين كما الديمقراطيين، فبصفته شخصاً بدّل تسجيله الحزبي سبع مرات في 13 سنة، لا يبدو ترامب وفياً لحزب محدد، وخلال الأشهر الستة الأولى من رئاسته، كان جمهوريو الكونغرس في حالة ترقب ولم يعارضوا بالكامل الطروحات الكثيرة بشأن سحب الثقة من الرئيس. في الجملة المنطقية الوحيدة التي سمعتها يوماً من سيناتور أريزونا السابق جيف فلايك، الذي يُعتبر من أشد معارضي ترامب، ذكر: "بات الحزب حزب الرئيس اليوم".

في عام 2020 لن نشهد انشقاقاً كذاك الذي سببه روس بيروت لإنزال الهزيمة ببوش الأب في عام 1992 وربما روبرت دول في عام 1996، كذلك يشير سجل ترامب على ما يبدو إلى نجاح أكبر مما حققه عام 1980 كارتر مع معدلات فائدة بلغت 20%، وتضخم مرتفع، وبطالة، وضرائب. وبغض النظر عما ستؤول إليه الأمور في حالة الطوارئ الحالية على الحدود الجنوبية، يضع ترامب الحدود في مكانها وقد فاز في هذا الجدال. يريد البلد حدوداً من دون تعطيل الحكومة، وقد نجح ترامب في تحويل تفاهة "ستدفع المكسيك كلفة الجدار" على أرض الواقع إلى اتفاقات تجارية أكثر ملاءمة وحافظ على ثقة مؤيديه، بخلاف تعهد بوش "ما من ضرائب جديدة" عام 1988.

لن يترشح ترامب كرئيس فاشل على غرار كارتر أو حتى كرئيس حقق نجاحاً محدوداً على غرار الرئيسين بوش أو أوباما، فقد أنجز اقتطاعات ضريبية وإصلاحات ناجحة وازدهارا كبيرا، كما ريغان، فضلاً عن أنه أول رئيس يتعاطى بجدية مع مسألة الهجرة غير المشروعة وواردات النفط وانتشار الأسلحة النووية في الدول المارقة (إيران وكوريا الشمالية) منذ نشوء هذه الأزمات، بالإضافة إلى ذلك رفض أن يقمعه الماركسيون البيئيون من دون أن يبذل أي جهد لتبديل المسار في مسألة البيئة بحد ذاتها، كذلك وفّى بوعوده جزئياً بشأن عجز الموازين التجارية، ولا شك أنه سيتوصل إلى اتفاق تجارة أفضل بكثير مع الصين.

بخلاف تقييمات مَن يكرهون ترامب الذين يُفترض أن يملكوا معرفة ما في مجال الاقتصاد، مثل بول كروغمان ومجلة "إيكونوميست"، لن يتراجع هذا الاقتصاد كثيراً خلال الأشهر الثمانية عشرة التالية، وكما ذكرنا الأسبوع الماضي، سيدفع الديمقراطيون ثمناً باهظاً لخدعة التآمر مع روسيا المشينة.

لنعد إلى الفكرة التي طرحناها في مستهل هذا المقال، يبدو الديمقراطيون اليوم أقرب إلى جمهوريي عام 1964 (باري غولدواتر) وديمقراطيي عام 1972 (جورج ماكغوفرن) مع تنامي إدراكنا لواقع أن ترامب قوّض سياسات الغباء المتبادل التي حظيت بدعم الحزبين بعد عهد ريغان، تلك السياسات القائمة على الكسل، "وضع طبيعي جديد" كئيب، وسياسة خارجية ارتكزت على التهور (حرب العراق) أو الانهزامية (إيران، وكوريا الشمالية، وسورية). في أعقاب هذه الصدمة، يبدو الديمقراطيون أشبه بشخص يحاول الانتحار ويفكّر في لعبة "روليت روسية" مع مسدس يحتوي على كامل طلقاته، علماً أنهم هم مَن يعبئون هذه الطلقات: حدود مفتوحة، ومعدل ضريبة على الدخل الشخصي يبلغ سقفه 70%، ورعاية صحية مؤممة، وقتل أطفال مشرّع، وسياسة خضراء تحظر السيارات، الطائرات، والنفط، والفحم الحجري، وغازات أمعاء الأبقار.

ونضيف اليوم إلى كل هذا تعويضات إلى الأميركيين المتحدرين من أصول إفريقية وربما سكان أميركا الأصليين، وفق السيناتورة إليزابيث بلومبرغ (تتحدر من أصول أميركية أصلية بنسبة 0.5%)، وإذا لم يعمل شخص متعقل مثل مايكل بلومبرغ أو حتى جو بايدن (أو ربما إيمي كلوبوشار أو شيرود براون) على الإمساك بزمام هذا الحزب فسيُلحق الديمقراطيون بأنفسهم جروحاً مميتة ويمنحون ترامب أكبر شعبية في التاريخ (محطماً رقم نيكسون القياسي مع 18 مليوناً عام 1972).

في عام 1944، ركّز فرانكلن ديلانو روزفلت على ادعاء مرشح الكونغرس الجمهوري الكاذب عن أن الرئيس أرسل مدمرة لتحضر كلبه من جزر ألوتيان حين كان عائداً من اجتماعه في بيرل هاربور مع الجنرال ماكارثر والأميرال نيميتز، وهكذا وجد خصم روزفلت الجمهوري، توماس ديوي، نفسه في منافسة مع كلب الرئيس، وفي عام 1940، ما كان على روزفلت إلا أن يعدد أسماء ثلاثة أعضاء رجعيين في الكونغرس: "مارتن، وبارتون، وفيش"، وقد ساعدته سخافة هذه العبارة في الفوز بولايته الثالثة.

صحيح أن ترامب مختلف كل الاختلاف عن روزفلت، إلا أن الديمقراطيين يستسلمون على ما يبدو للرغبة الملحة التي تتملك كل حزب كل جيلين تقريباً: إطلاق صيحة بدائية من التفاهة، والتحرر من كل ما يرزح على صدرهم ويكبّلهم، وفرض الناخبين عليهم دخول غرفة عازلة للصوت مخصصة للمجانين، وإعادة رص الصفوف في وسط الملعب بعد أربع سنوات. قد يكون هذا مفيداً لهم كعلاج طبعاً لا كحكومة.

* «كونراد بلاك »

back to top