اكتشاف آلية دفاع جديدة مضادة للبكتيريا في الأنف

نشر في 28-02-2019
آخر تحديث 28-02-2019 | 00:03
No Image Caption
يضمّ جسم الإنسان عدداً من الدفاعات الضمنية تحمي من المرض، إلا أن عدداً من هذه العمليات ما زال لغزاً. وكشف بحث أُجري أخيراً معلومات جديدة عن كيفية عمل مجاري الأنف لحمايتنا من البكتيريا.
طوّر فريق من مركز ماساتشوستس للعين والأذن بحثاً نشر تقريره في مجلة «الأرجية وعلم المناعة السريري».
اكتشف الباحثون أن الخلايا تفرز أكياساً صغيرة مملوءة بالسائل تُدعى الإكسوزمات (حويصلات خارج خلوية) عندما نتنشق البكتيريا. وعند إفرازها، تهاجم هذه الحويصلات في الحال البكتيريا وتُرسل أيضاً جزيئات مضادة للميكروبات إلى مناطق قريبة في الأنف.

أراد فريق بقيادة الدكتور بنجامين بليير، جراح جيوب أنفية في مركز ماساتشوستس للعين والأذن وبروفسور مساعد متخصص في طب الأذن والأنف في كلية الطب في جامعة هارفارد، توسيع الاكتشافات السابقة التي لاحظوا فيها أن البروتينات في خلايا الجيوب الأنفية تنتشر أيضاً في مخاط الإنسان الأنفي.

كيفية عمل الإكسوزمات

رغب الباحثون في اكتشاف كيفية انتقال الإكسوزمات من الخلايا إلى المخاط. لتحقيق هذا الهدف، جمعوا مخاطاً من المشاركين ونمّوا خلاياهم من عينة في المختبر. وبغية تحديد ما يحدث عندما تحتك هذه الخلايا بالجراثيم، حاكوا التعرض للبكتيريا، ثم احتسبوا عدد الإكسوزمات المفرزة.

أظهرت النتائج أن عدد الإكسوزمات «ارتفع بحدة»: تضاعف بعد التعرض للبكتيريا، شأنه في ذلك شأن عدد الجزيئات المضادة للبكتيريا.

يذكر الدكتور بليير، الذي أشرف على تقرير الدراسة: «تشبه هذه العملية ركل عش زنابير. يطلق الأنف مليارات الإكسوزمات في المخاط عند أول إشارة إلى البكتيريا، فيقتلها ويسلّح الخلايا في مجرى الهواء بدفاع طبيعي فاعل».

أجرى الفريق بعد ذلك تجارب معتمداً على مرضى واكتشف أن الإكسوزمات الناجمة تقتل البكتيريا بنجاح، حتى إنها تضاهي بفاعليتها المضادات الحيوية.

يوضح د. بليير: «يبدو كما لو أن هذا الحشد من الإكسوزمات يلقّح الخلايا، التي تقع في مواقع متقدمة من مجرى الهواء، ضد ميكروب قبل أن يتسنى لها حتى رؤيته».

كشف الباحثون أيضاً أن خلايا أخرى في المنطقة امتصت هذه الإكسوزمات، ما أتاح لهذه الأخيرة مشاطرتها جزئياتها المضاد للبكتيريا. وكان هذا الجواب الذي سعى وراءه الفريق.

تستطيع الإكسوزمات مساعدة الخلايا في الجهة الخلفية من الأنف في الاستعداد لمحاربة البكتيريا، حتى قبل أن تبلغها، ما يشكّل نوعاً مميزاً من تعزيز دفاعات جسمنا الأولية يشبه التلقيح.

المخاط مهم

ثمة وسيلة دفاع طبيعية أخرى داخل المجاري الأنفية لا نفكر فيها غالباً. وعندما نفكر، لا يروقنا ذلك على الأرجح.

يتحوَّل المخاط إلى مشكلة عندما نعاني الرشح أو الأرجيات، وقد نشعر بأنه مصدر إزعاج. لكنه يشكّل إحدى الطرائق التي يتعاطى من خلالها الجسم مع الممرضات ويزيلها قبل أن تسبب لنا المرض.

يُنتج جسم الإنسان باستمرار المخاط، الذي يغطي نحو 400 متر مربع من مساحة السطح داخل جسم كل بالغ، أي ما يضاهي مساحة ملعب كرة سلة.

تشمل المواقع التي تنتج المخاط الرئتين، والجهاز الهضمي، والجهاز البولي، والجهاز التناسلي، والعينين، والأنف.

يسهم المخاط في احتجاز الممرضات التي تنجح في التفلت من أحد مداخل الجسم، فيساعد في قتل البكتيريا أو احتجازها. أما بالنسبة إلى الأنف، فيستطيع الإنسان إخراج الجراثيم بالنفخ في محرمة.

الإكسوزمات

تساعد البحوث الأخيرة بشأن الإكسوزمات العلماء في فهم جهاز المناعة بشكل أفضل قليلاً، وقد تقود إلى طريقة جديدة لإيصال الدواء.

في المستقبل، قد تؤدي هذه البحوث إلى تطوير أدوية تستغل عملية النقل الطبيعية هذه التي يتبعها جسمنا أساساً.

لما كانت مجموعة من الخلايا تستطيع نقل الأجسام المضادة نزولاً في مجرى الهواء كي تبعد الهجمات في مواضع لم تبلغها البكتيريا بعد، قد يكون ممكناً استغلال هذا النظام الطبيعي لنقل الأدوية على طول المسار ذاته.

يختم الدكتور بليير: «يقدّم الأنف فرصة فريدة لدراسة مباشرةً جهاز المناعة في كامل مجرى الهواء في الجسم، بما فيه الرئتان».

back to top