أَكثِر من المواد الكيماوية النباتية

نشر في 28-02-2019
آخر تحديث 28-02-2019 | 00:13
No Image Caption
لا تقتصر فوائد اتباع نظام غذائي متنوع من الأطعمة النباتية الملونة على قوة الفيتامينات والمعادن.
عندما تقضم تفاحة حمراء غنية بالعصارة أو تملأ فمك بالخضراوات المورقة الخضراء الداكنة المقرمشة، لا تستهلك الفيتامينات، والمعادن، والألياف فحسب، بل تحصل أيضاً على قضمة غنية بمواد نباتية تُدعى الكيماويات النباتية. قد لا تُعتبر هذه المواد ضرورية للصحة كما الفيتامينات والمعادن، إلا أنها تؤدي دوراً مهماً في الحفاظ على صحتنا.

تذكر ديبي كريفيتسكاي، مديرة قسم الغذاء الكيماوي في مركز الوقاية من الأمراض القلبية الوعائية في مستشفى ماساشوستس العام التابع لجامعة هارفارد: «بدأنا نتعرف إليها لتونا، وما زالت الاكتشافات العلمية تتوالى في هذا المجال. لكنها تسهم على الأرجح في محاربة السرطان ومرض القلب».

ماهيتها

تتشكّل الكيماويات النباتية فعلياً من مواد كيماوية تنتجها النباتات: مركبات في النباتات (الفاكهة، والخضراوات، والحبوب الكاملة، والجوزيات، والبذور، والبقول) تؤدي دوراً في لونها، ومذاقها، ورائحتها. على سبيل المثال، تمنح هذه المركبات الجزر لونه البرتقالي الزاهي، وملفوف بروكسل طعمه المر، والفلفل الحار نكهته اللاذعة. تتوافر الكيماويات النباتية في كل أجزاء النبتة الصالحة للأكل، خصوصاً قشرتها.

قوى خارقة

يقدّر العلماء أن عدد الكيماويات النباتية يفوق الخمسة آلاف. وبدأنا لتونا معرفة المركبات التي تعود بالفائدة على صحة الإنسان. يوضح إريك ريم، بروفسور متخصص في علم الأوبئة والغذاء في كلية ت. هـ. تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد: «تشمل الكيماويات النباتية التي خضعت على الأرجح لأكبر قدر من الدراسة الكاروتينويدات، من البيتا كاروتين إلى الليكوبين في الطماطم. ولا ننسى الفلافونويدات، التي شكّلت موضوع كثير من الدراسات خلال السنوات العشر الماضية».

تشير الأدلة حتى اليوم إلى أن الكيماويات النباتية تحمل فوائد واعدة. على سبيل المثال:

• الكاروتينويدات في النباتات الحمراء، والبرتقالية، والصفراء، والخضراء (الطماطم المطهوة، والجزر، والقرع، والبروكولي) قد تعوق نمو السرطان والأمراض القلبية الوعائية وتعزز جهاز المناعة.

• الفلافونويدات في العنبية، والتفاح، والحمضيات، والبصل، وفول الصويا، والقهوة قد تحارب الالتهاب ونمو الأورام.

• الأنثوسيانينات في العنبية ترتبط بتراجع ضغط الدم.

• الريسفيراترول في العنب، والشوكولاتة الداكنة، والفول السوداني يرتبط بالحياة المديدة في حالة بعض الحيوانات.

• البروانثوسيانيدينات والفلافانولات في العنب، والتفاح، والكاكاو ترتبط بتحسّن وظائف بطانة الشرايين وتراجع ضغط الدم.

• الكبريتيدات والثيولات في البصل، والثوم، والكراث، والزيتون، والبصل الأخضر تسهم في الحد من الكولسترول «السيئ».

• الإيزوثيوسياناتات (السولفورافين) في الخضراوات الصليبية مثل البروكولي، والملفوف، والكالي تسهم في حمايتنا من السرطان والأمراض القلبية الوعائية.

• الكيرسيتين في التفاح، والبصل، والحمضيات يساعد في الحد من الالتهاب ويخفض ضغط الدم.

• التيربينات في الكرز والحمضيات تسهم في إبطاء نمو الخلايا السرطانية ومحاربة الفيروسات.

• اللوتين والزياكسانثين في الخضراوات المورقة الخضراء الداكنة يرتبطان بصحة العينين.

لم نتثبت بعد بشكل حازم من هذه الفوائد لأنها لوحظت نتيجة روابط بين أنظمة الناس الغذائية ونتائجهم الصحية (ما يعني أن العلماء لم يتوصلوا إلى علاقة سببية مباشرة) وفي دراسات مخبرية أُجريت على خلايا بشرية أو حيوانات في المختبر (تبين، مثلاً، أن الريسفيراترول يسهم في الحماية من السرطان ومرض القلب في فئران المختبر، إلا أننا نحتاج إلى استهلاكه بمعدلات أعلى بكثير مما يتوافر في النظام الغذائي البشري).

نحن على يقين من نقطة واحدة بشأن الكيماويات النباتية: «تظهر الفوائد في معظم الحالات عند استهلاك الكيماويات النباتية في الأطعمة لا أخذها بواسطة حبة»، وفق ريم.

ما عليك فعله؟

مع كثرة الكيماويات النباتية، قد يصعب عليك اختيار المركبات المحددة التي يمكنك اختبارها لحماية صحتك. ولكن لا داعي لأن تحتار. يحتوي كل من المأكولات النباتية عموماً على عشرات الكيماويات النباتية (على سبيل المثال، يضم الجزر أكثر من مئة مركب كيماوي).

ولكن من الضروري أن تتبع نظاماً غذائياً متنوعاً. تنصح كريفيتسكاي بتناول «ألوان قوس القزح» (أصناف كثيرة من الفاكهة، والخضراوات، والبقول، والجوزيات، والبذور الملونة) بغية الحصول على أكبر قدر ممكن من الكيماويات النباتية المتنوعة. تضيف: «لكل منها دور مختلف، وتكمل بعضها بعضاً. على سبيل المثال، قد تعوق إحداها مادة تسبب السرطان، في حين تعرقل أخرى تكاثر الخلايا السرطانية».

توصي كريفيتسكاي أيضاً بالسعي إلى استهلاك على الأقل خمس إلى تسع حصص من الفاكهة والخضراوات يومياً.

وما العمل إن كنت لا تحب التفاح الأحمر أو العنبية الحمراء؟ «اختر نوعاً آخر من الأطعمة الحمراء، مثل البطيخ أو الفليفلة الحمراء»، حسبما تقترح كريفيتسكاي. تتابع: «إن كنت تكره البروكولي أو الكالي، فجرّب الخس أو الأرضي شوكي. ابحث عن أطعمة من كل فئات الألوان واختر واحداً من كل فئة. وكلما أكثرت من هذه الأطعمة، تعزز الفوائد المحتملة التي تجنيها».

الكيماويات النباتية تسهم في محاربة السرطان ومرض القلب
back to top