أيامك الأجمل يا وطن

نشر في 28-02-2019
آخر تحديث 28-02-2019 | 00:05
 ناصر الظفيري كل عام يحتفي أحبابك بأعيادك، يلبسونك أثواب فرحك، وينشدون لك أغانيك التي تحب. كل عام، في مثل هذا الوقت من العام، تزدهي بجمال يليق بك ونعيش أيامك الأجمل يا وطن. الفرق بيننا وبينك هو أننا نحبك لما يحقق فرحنا الخاص منك، ونختلف فيما بيننا كيف ننظر إلى هذا الحب فيك، وتحبنا جميعا دون أن تلتفت لخلافنا حولك. تحب أبناءك المحبين والطامعين فيك والغاضبين منك، تجمعهم تحت جناحك، تربت على أكتافهم وكأنهم لم يغضبوك.

نعلم أنك تغضب طوال العام علينا لأسباب كثيرة ومختلفة، ونستمر في غيّنا، نغضبك ونثور في وجهك، وترضى حين نقدم لك وردة أو قصيدة ونتوسد ذراعيك وكأن شيئا لم يكن. يغضبك أن يكون خصامنا حول كيف نحبك، يغضبك سوء نوايانا وما ينهشه البعض من كتفك، ولكنك دائما أكبر من عبثنا، تتسامى على جرحك وتنسى وتسامح.

كنت أتساءل هذا العام. كيف سيحتفل الأحباب في أيامك الأجمل؟ لا شيء، كما يبدو، يليق بك، وعلينا أن نعيش ذكرياتنا التي عشناها معك. نحن الجيل الذي عاش أيام مسيراتك البسيطة، قبل أن تمنحنا التقنيات الحديثة فرصة لتطوير هذا الاحتفال. ننتظر ثلاثي العمل الوطني الذي كرس جهده طوال السنة لإنتاج عمل استثنائي. فبين كلمات عبدالله العتيبي وألحان الموسيقار غنام الديكان وحنجرة شادي الخليج الجبارة كنت تردد صدى أصواتهم وهم يتنقلون بين فنون البحر والصحراء.

ليس هذا فحسب، فما يفعله البعض هو عمل لا يمكن أن تتقبله لا في أيامك العادية ولا في أجمل أيامك. هذا الاعتداء السافر في شوارعك على المحتفلين بك يغضبك بالتأكيد. ويزعجنا أننا فشلنا في خلق نشء يفهم ما تعنيه لنا في أعيادك. لم نكن نحن هكذا في يوم ما ولا نعلم أي جيل أنتجت لنا الحروب. هذه البثور التي تحاول أن تشوه جبينك ستزول حتما وسينتصر لك محبوك ويذهب هؤلاء الذين لم يعرفوا معنى حبك.

في أجمل أيامك يا وطن لا نملك سوى أن نحبك أكثر، أن تكبر بحبنا ونكبر بحبك دون أن تشيخ. لا نملك سوى أن نلتف حولك وأن نعلم أبناءنا أنك الوطن، الحضن والتاريخ الذي لم ننجح في الهروب منه. لا أجد سعادة بعد هذا العمر أكثر من حبك دون أمل فيك سوى أن تبقى عزيزا وكريما كما أنت. سألوم من أساء لك، وأخاصم من خاصمني فيك، ولكني أخرجك من صراعنا لأنك أكبر منّا معا.

الجميع يعرف أنك ستعود بهيا ورائدا كما كنت، والجميع يعرف كيف، ولكن الجميع لا يريد أن يتحرك. جميعنا نعلم أنك ستعود رائدا في الفكر والثقافة التي كنت سيدها، وفي الفن والمسرح والرياضة والاقتصاد والسياسة، جميعنا نعلم هذا الطريق وليس لنا العذر في تخاذلنا. نحبك في أجمل أيامك، ولكن هذا الحب لا يكفي. علينا أن نعمل، لا سبيل آخر، لنعيد البهاء إلى صباحاتك.

back to top