ترامب يبقي قوة سلام في سورية ويحتفظ بالتنف

إجلاء مدنيي الباغوز مستمر و«قسد» تتأهب للحسم
نساء «الخلافة» من زوجات إلى مقاتلات شرسات

نشر في 24-02-2019
آخر تحديث 24-02-2019 | 00:03
فارون من الباغوز يخضعون للتفتيش في مناطق سيطرة «قسد» أمس الأول     (أ ف ب)
فارون من الباغوز يخضعون للتفتيش في مناطق سيطرة «قسد» أمس الأول (أ ف ب)
في تراجع عن خطته القاضية بسحب جميع القوات الأميركية التي تبلغ نحو ألفي جندي بحلول 30 أبريل المقبل، وافق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نهاية المطاف على إبقاء قوات في شمال شرق سورية، على أمل إقناع الأوروبيين المتحفظين، بالمشاركة في قوة مراقبة تضم ألف جندي لحماية الحلفاء الأكراد.

وبعد اتصال هاتفي بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز مساء الخميس، إن الولايات المتحدة ستبقي في سورية، فترة زمنية، مجموعة صغيرة من نحو مئتي جندي لحفظ السلام.

وأوضح ناطق باسم وزارة الدفاع (البنتاغون)، أن الأمر يتعلق «بقوة متعددة الأطراف للمراقبة» ستتألف بشكل رئيسي من قوات حليفة وستنشر في «منطقة أمنية» في شمال شرق سورية، مشيراً إلى أنه إلى جانب مئتي جندي تنوي واشنطن الإبقاء على ما بين مئة ومئتي عسكري في قاعدة التنف الأميركية بجنوب سورية.

وفي تصريحات لشبكة «فوكس نيوز»، رحب السناتور ليندسي غراهام، الذي يعارض علناً انسحاباً عسكرياً كاملاً من سورية، بقرار ترامب، معتبراً أنه «تصحيح لسياسته، وخطة جيدة جداً» تهدف إلى الدفع باتجاه نشر ما يصل إلى ألف جندي أوروبي آخرين.

وأضاف غراهام أن «آلاف الأوروبيين قتلوا على أيدي مقاتلين جاؤوا من سورية إلى أوروبا. المهمة تقع الآن على عاتق أوروبا»، مشيرا إلى أن «ثمانين في المئة من العملية يجب أن تكون أوروبية، و20 في المئة ربما نحن».

وتفيد تقديرات «مؤشر الإرهاب العالمي» الذي يضعه سنويا «معهد الاقتصاد والسلام» بأن الإرهاب أسفر عن سقوط حوالي 700 قتيل في أوروبا منذ إعلان تنظيم «داعش» دولة الخلافة في مناطق واسعة ممتدة بين سورية والعراق في سنة 2014.

دانفورد

وعبر رئيس الأركان الأميركي الجنرال جو دانفورد عن قناعته بأن الأوروبيين يمكن أن يشاركوا في هذه القوة بعدما وافقت الولايات المتحدة على إبقاء بعض العسكريين. وقال: «ليس هناك أي تغيير في الحملة العسكرية، والموارد يتم تعديلها لأن التهديد تغير».

وفي حين أكد غراهام الحاجة إلى منطقة عازلة بين تركيا وقوات سورية الديمقراطية (قسد) حتى لا تنتهي حرب وتبدأ أخرى، أكد وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان، أن مهمة العسكريين الأميركيين لم تتغير وهي إحلال الاستقرار وتحسين قدرات قوات الأمن المحلية.

وقال شاناهان، خلال استقباله وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الجمعة: «سنفعل ذلك بصفتنا شركاء استراتيجيين».

وحرص نظيره التركي على التأكيد أن أنقرة ليس لديها شيء ضد أكراد سورية. وقال إن «ما نقاتله هو المنظمات الإرهابية»، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية.

وأبلغ أكار شاناهان أنه لا يجب أن يكون هناك فراغ عندما تنسحب القوات الأميركية. ونقلت وكالة «الأناضول» عنه أمس، أن الجانب الأميركي وافق على الحيلولة دون تأخير تنفيذ «خريطة الطريق» المتعلقة بمدينة منبج، واستكمالها في أقرب وقت وإخلائها من الوحدات الكردية.

معركة نهاية «داعش»

إلى ذلك، وفي خطوة لتحديد ساعة الصفر لحسم المعركة سواء عبر استسلام «داعش» أو إطلاق الهجوم الأخير ضده، استأنفت «قسد» عملية إجلاء المحاصرين داخل الجيب الأخير له في قرية الباغوز بدير الزور، بعد خروج ثلاثة آلاف شخص الأربعاء الماضي من جنسيات مختلفة وبينهم عراقيون ومن دول الاتحاد السوفياتي السابق وأوروبيون.

وقرب الباغوز حيث بات التنظيم محاصراً في مساحة تقدر بنصف كيلومتر مربع، أفاد فريق وكالة فرانس برس عن خروج أكثر من خمسين شاحنة الجمعة تقلّ غالبيتها نساء منقبات بالأسود وأطفالاً من مختلف الأعمار، غطى الغبار وجوههم وملابسهم. وتمسكت عدد من السيدات، حملن حقائب على ظهورهن، بالجانب الحديدي للشاحنة حفاظاً على توازنهن.

نساء «الخلافة» من زوجات إلى مقاتلات شرسات

يقلن إنهن مجرّد «ربات بيوت» و«خاب أملهنّ» أو «أعلنّ التوبة» عن الجهاد، لكن بالنسبة إلى بلدانهنّ الأصلية التي ترفض عودتهن، فإن نساء «الخلافة» الزائلة يبقين قبل كلّ شيء مقاتلات يحتمل أن يكنّ خطيرات جداً.

وترى الخبيرة في شؤون الإرهاب بمركز الدراسات الأسترالي (لوي)، ليديا خليل، أن «دور النساء الجهاديات يجري التقليل من قيمته تقليدياً. في هذا المجال، كما في غيره من المجالات، غيّر تنظيم الدولة الاسلامية قواعد اللعبة».

وبعيداً عن الفكرة المبتذلة بأن زوجات الجهاديين «مخدوعات»، جرى «تلقينهنّ» العقيدة الجهادية أو «أجبرن» على الانضمام إلى التنظيمات الجهادية، فإنهنّ هنّ من كنّ يدعين إلى الانضمام للقتال أو المشاركة في «تنظيم عمليات إرهابية»، بحسب ما كتبت خليل في تحليل نشر الثلاثاء.

ويأتي ذلك بينما ترفض كلّ من لندن وواشنطن بشدّة إعادة امرأتين جهاديتين من مواطنيهما، هما شامينا بيغون وهدى مثنى، في حدثٍ يتابعه الإعلام من كثب.

وعندما كنّ يبقين بعيدات عن أعمال العنف والانتهاكات المرتكبة باسم تنظيم «داعش»، كانت النساء الجهاديات يحتللن مكانة مهمة في عيون المجموعة من خلال تعليمهنّ للأطفال.

«ما ينتظر منهنّ هو ضمان دوام العقيدة عبر تعليمها» داخل الخلافة أو عبر طرق «خفيّة» في بلدانهنّ، كما تعتبر المختصة في الإسلام السياسي في معهد التعليم العالي للعلوم الاجتماعية في باريس أميلي شيللي.

وتقول شيللي إن تلك العقيدة التي تتضمن مبادئ «مناهضة بتطرف للنظام، ومعادية للسامية ومعارضة للمغريات وللمسلمين الضالّين»، كانت موجودة قبل تنظيم الدولة الاسلامية الذي لم يقم سوى بتعزيزها.

وكشف مصدر فرنسي أنه «من بين 20 امرأة فرنسية محتجزة، سبع أو ثماني على الأقلّ مدرجات على أنهنّ في غاية الخطورة». ويؤكد «أنهنّ مقاتلات شرسات في تنظيم داعش، ويقمن، إذا احتاج الأمر، بمحاولة تطبيق النظام في المخيم على اللواتي لا يحترمن الشريعة».

وبعدما طالبت لوقت طويل بمحاكمتهم في مكانهم، لم تستبعد فرنسا إعادة مواطنيها نظراً لخطر «انتشارهم» بعد الانسحاب الفعلي لـ2000 جندي أميركي متمركزين في سورية.

back to top