معركة ترامب حول الحدود وسياسته في الهجرة بدأتا

نشر في 22-02-2019
آخر تحديث 22-02-2019 | 00:00
 دونالد ترامب
دونالد ترامب
تنبأ ترامب بأن تطرح خطوته في إعلانه حالة الطوارئ، وبناء جدار على الحدود الجنوبية، صراعاً جديداً حول سياسة الهجرة، وأن تتم مقاضاته أمام المحكمة العليا، معرباً عن ثقته بأن قراره سيصمد، وذلك لخدمة المصلحة الوطنية في منع «غزو المخدرات والناس» لبلاده.
أطلق الرئيس دونالد ترامب من خلال إعلانه حالة الطوارئ صراعاً جديداً حول سياسة الهجرة، وبناء جدار على الحدود الجنوبية، واصفاً هذا الإجراء بـ«العمل الرائع»، وقد تنبأ ترامب بأن تطرح خطوته هذه لمقاضاته أمام المحكمة العليا، وأعرب عن ثقته في أن قراره هذا سيصمد على شكل إجراء حيوي لخدمة المصلحة الوطنية عن طريق منع «غزو المخدرات والناس» لبلاده.

كيف يمكن تبرير تصرف ترامب هذا؟ المعروف في الأساس أن الكونغرس الأميركي مؤسسة فاشلة، والعمل البارز لها يقتصر على جمع وتخصيص العوائد، ولكن الكونغرس الآن غير قادر على إقرار الميزانية أو حتى إقرار قرارات تهدف إلى استمرار عمل الوكالات الحكومية، والرئيس ليس مخطئاً إلا إذا استخدم حق النقض الفيتو ضد تشريع الإنفاق، وأياً كان ما يريده هذا الرئيس أو غيره من الكونغرس فإن التشريع نفسه لديه مسؤوليات فشل في تلبيتها، وهكذا يقوم الرئيس بالالتفاف على الكابيتول هيل من أجل بناء الجدار مع المكسيك.

بعد إعلان حالة الطوارئ

وفي وسع الرئيس القيام بذلك لأن الكونغرس طوال عقود من الزمن أعطى الجهة التنفيذية سلطات طوارئ واسعة، ونظراً لأن ترامب أعلن حالة طوارئ فإن من المرجح أن يصوت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي على إنهاء حالة الطوارئ، وهو ما يطلق تصويتاً آلياً في مجلس الشيوخ الذي يسيطر الحزب الجمهوري عليه، وفي الوقت الراهن أعرب بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين عن رفضهم قرار ترامب إعلان حالة الطوارئ.

لكن السؤال هو: هل سيصوتون حقاً مع الديمقراطيين بدلاً من ذلك؟ ربما يجدون السلامة في الأرقام إذا لم يخالفوا رئيسهم فقط، بل الناخبين الجمهوريين أيضاً، وقد ينطوي هذا على تصويت خطر مع القليل من العواقب العملية، وما لم يقر مجلس الشيوخ إلغاء التشريع بأكثرية غير خاضعة للفيتو فسوف يستمر ترامب في استخدام سلطات الطوارئ، وعندئذ سيعرض التحدي المتعلق بإعلان حالة الطوارئ أمام المحاكم.

ويقول واضعو الدستور إنهم يتوقعون أن يتحقق الكونغرس لا القضاء من السلطات الرئاسية، وفي الأوقات الحديثة كانت المحاكم الفدرالية مراعية جداً لرغبات الجهاز التنفيذي عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي، وكانت تلك هي حال الكونغرس أيضاً، وهكذا فإن المعركة حول جدار ترامب قد تكون خسرت قبل أن تبدأ، ومن غير المحتمل أن ترغب المحكمة العليا في القيام بدور المحكم حول مسألة وجود مصلحة قومية حقيقية في البلاد لأن تلك القضية تتعلق بالفروع السياسية، وإذا كانت حالة الطوارئ غير شرعية فسيكون لدى الكونغرس السلطة والمسؤولية لإلغاء إعلان الرئيس.

وإذا لم يتمكن الكونغرس سياسياً من القيام بذلك فإن إعلان حالة الطوارئ يصبح شرعياً، والأمل الوحيد لدى خصوم ترامب لإحباط إعلانه يكمن في عثور المحكمة العليا على أرضية لإبطال هذه الخطوة، ويتعين ألا يشتمل ذلك على اغتصاب القرار السياسي المتعلق بما إذا كانت هناك حالة طوارئ وطنية أم لا، وتقع مثل تلك الأرضية ضمن نطاق التخمين فقط في هذه المرحلة، ولو أني كنت أراهن في لاس فيغاس على أي حال لكنت راهنت بكل تأكيد على أن المحكمة ستدعم سلطة الرئيس ترامب.

مخاوف الحزب الجمهوري

وقد تعود تلك السابقة لإثارة مخاوف الجمهوريين إذا أعلن رئيس ديمقراطي في المستقبل حالة طوارئ من أجل متابعة الرقابة على الأسلحة أو هدف ليبرالي آخر؟ ربما، فعلى الرغم من أن الرقابة على الحدود باستخدام الجيش والموارد العسكرية الأخرى تختلف عن مهاجمة حق دستوري مثل حق حمل السلاح، فإن ترامب، على أي حال، يسلط الضوء على مشكلة خلقها الكونغرس في المقام الأول عندما بدأ بتفويض مثل هذه السلطات للجهاز التنفيذي. وينسحب الشيء ذاته طبعاً على الطريقة التي استخدمها ترامب في السلطات الرئاسية من أجل التفاوض حول التجارة، وكانت لديه تلك السلطات، لأن الكونغرس منحها للرئيس، ولم يرغب المشرعون في إقحام المجادلات التجارية في الحملات الانتخابية، كما أن الكونغرس لا يريد أن يكون محور تركيز القضايا التجارية المثيرة للجدل.

ترامب يطلق أبرز وعوده

ويستعد ترامب للوفاء بواحد من أبرز وعوده التي طرحها في سنة 2016، وتجدر الإشارة إلى أن أولئك في جناح اليمين الذين يتابعون عن كثب سياسة الهجرة لا يشعرون بسعادة لما يقوم ترامب به من خطوات تهدف الى الحيلولة دون إغلاق الوكالات الحكومية من جديد: التشريع الذي وافقت عليه الأطراف في الكونغرس من أجل تمويل الحكومة حتى نهاية السنة المالية، وهو يضاهي «حوافز هجرة غير شرعية»، بحسب تحذير لورا أنغراهام من فوكس نيوز التي وصفت ذلك بأنه «عفو الأمر الواقع لأي كفيل أو أحد أعضاء عائلة»، كفيل محتمل «لقاصر من دون مرافقة».

لكنّ ناخبي ترامب الذين جعلوا الجدار نفسه أولوية قصوى سيرون أن إعلانه حالة الطوارئ يمثل خطوة نحو تنفيذ التزاماته التي أعلنها في عام 2016، ويشير استطلاع جرى في الآونة الأخيرة الى أن استخدام سلطات الطوارئ من أجل بناء الجدار يواجه معارضة في أوساط العامة بقدر يفوق الجدار نفسه، وعلى أي حال فإن خطوة ترامب غير التقليدية بالنسبة إلى الكثير من أنصاره ستمثل إخلاصاً وأمانة، وثمة فرصة في أن يدفع ترامب الحزب الجمهوري كله إلى جانبه، ويترك المنشقين من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في حالة عزلة، وسيكون الضغط عليهم عندئذ كبيراً لأنهم سيعتبرون نقاداً للرئيس.

وعلى الرغم من ذلك، وحتى إذا كسب الرئيس ترامب كل معاركه السياسية والقانونية، فإن الجدار سيتطلب الكثير من الوقت لبنائه– مع حصول الناخبين في العام المقبل على القول الفصل، وهو ما لم يتمكن الكونغرس من تحقيقه– إما عبر تمويل بناء الجدار وإما منع الرئيس من المضي قدماً على أي حال.

ناخبو ترامب الذين جعلوا الجدار نفسه أولوية قصوى يرون أن إعلانه حالة الطوارئ يمثل خطوة نحو تنفيذ التزاماته التي أعلنها في 2016
back to top