معالجة القروض... وتكلفة المعيشة المنفلتة!

نشر في 21-02-2019
آخر تحديث 21-02-2019 | 00:24
 عبدالمحسن جمعة ترتفع في الكويت بين فترة وأخرى وتيرة المطالبات بإسقاط القروض، أو معالجة مديونيات المتقاعدين وكبار السن في البلد، وهي مطالبات شعبية رغم إنكار شريحة أخرى لها، واعتبارها مزايدات من سياسيين وشخصيات عامة أو "دلع زايد من المواطنين".

الحقيقة أنه لا يمكن الحكم على تلك المطالب بشكل بات، لكن الواقع يقول إن تكلفة المعيشة في الكويت أصبحت منفلتة، وبلا أي رقابة أو سيطرة عليها، وغالباً سيخرج البعض ويعارض ذلك القول ويجري مقارنات بين سعر الخبز وكيلو الأرز البسمتي والعدس في أسواق الكويت وأسواق الدول المجاورة، ويجزم بأن الكويت هي الأرخص، وفي الواقع تلك المقارنات لا تعكس بدقة تكلفة المعيشة في البلد، لأن متطلبات المعيشة في دولة غنية مثل الكويت، وبطراز معين من الحياة، لا تقاس بسعر الخبز والعدس.

متطلبات الحياة العصرية اختلفت كثيراً، والأجيال الأخيرة تعودت على نمط حياة مختلف، لا يقاس بما كانت عليه الحياة في الكويت قبل 40 عاماً، تكلفة الحياة في الكويت مقارنة بثروة البلد ودخلها أصبحت عالية جداً، وخارج نطاق سيطرة الحكومة بشكل تام، وعلى سبيل المثال سعر كوب القهوة لإحدى الشركات الشهيرة في الكويت يساوي ضعف سعره في دول جنوب أوروبا، مثل إسبانيا والبرتغال، رغم أن هناك ضريبة تصل إلى 21%، وسعر ما يتحمله صاحب العمل للضمان الاجتماعي لعامل هناك يساوي راتب موظف آسيوي أو مصري في الكويت!

جميع أسعار الخدمات والعقارات تصعد في الكويت بلا حدود ولا سيطرة، فمثلاً بمبلغ 350 ديناراً يمكنك أن تحصل على شقة قريبة من شاطئ البحر، وبخدمات متكاملة في جنوب إسبانيا، بينما بنفس ذلك المبلغ لا يمكنك أن تحصل على شقة في متاهات الفروانية أو حولي بالكويت، في حين قيمة إيجارات الدكاكين في المباركية تجاوزت أسعار مثيلاتها في روما وفالنسيا وميلانو!

في الكويت الأسعار والتضخم أصبحا خارج السيطرة، وتعجز أي زيادات في الرواتب عن مجاراتهما، ونعيش في دوامة مستمرة، إذ تتم زيادة الرواتب فتنعكس بزيادة بالضعف في بعض السلع والخدمات، وجنون الأسعار عجزت الحكومة، منذ أول زيادة في الرواتب قبل 15 سنة، عن مكافحته أو الحد منه.

وفي ظل تلك الظروف سيستمر الوضع يشهد مطالبات شعبية -بين فترة وأخرى- بمعالجة مديونيات الأسر الكويتية، طالما ظل الوضع على ما هو عليه، واستمر وضع الحكومة عاجزاً عن التصدي لزيادة الأسعار في الكويت، ومادام المجتمع يعاني ضغوطاً معيشية مستمرة فإن الاستقرار السياسي والمجتمعي يصبح دائماً على المحك، وهي الحالة التي تتطلب جهداً من الدولة لمعالجة الارتفاع المستمر لتكلفة المعيشة في الكويت.

***

في مقالتي قبل السابقة ذكرت أن الصحافي الذي كتب عدة تقارير صحافية عن سرقات الاستثمارات الخارجية هو مبارك الصوري، والصحيح هو الزميل خالد الصوري، لذا وجب التصحيح والاعتذار عن هذا اللبس غير المقصود.

back to top