مع إسقاط القروض أم ضده؟

نشر في 19-02-2019
آخر تحديث 19-02-2019 | 00:07
الحضور الحاشد في ساحة الإرادة بشأن قضية إسقاط القروض رسالة للحكومة قبل غيرها بالنظر إلى حال المواطن الكويتي والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لهذه القضية، ووضع ضوابط لا تسمح باستمرارها أو تكرارها.
 أ. د. فيصل الشريفي مشكلة القروض كيف، ولماذا، وإلى أين؟ لقد أخذت قضية المطالبة بإسقاط القروض أبعاداً كثيرة بين مؤيد ومعارض؛ لما لها من أثر في الاستقرار الاجتماعي لكثير من المواطنين، وارتباطها بمفهوم العدالة المطلقة الذي يتبناه البعض كحجة لمعارضة هذا المطلب.

مشكلة القروض قد لا يتحمل المقترض وزرها منفرداً، وقد تكون بسبب غياب الضوابط الرقابية من قبل البنك المركزي على البنوك المحلية، مما سمح لها بتقديم التسهيلات لعملاء البنوك والتوسع في إعطائها وبأسقف قد تصل إلى 40% من إجمالي الراتب، والنتيجة تحول منهجية القرض من فرصة للاستثمار الآمن أو لحل مشكلة مالية طارئة إلى قروض أثقلت كاهل صاحبها.

نعم هناك قروض غير مبررة أوجدتها الثقافة المجتمعية، وهناك من اقترض دون حاجة، لكن هذا لا يمنعنا من النظر في مجموعة الأسباب الوجيهة التي تتطلبها ظروف الحياة، ومنها على سبيل المثال:

● شراء سيارة وتوفير متطلبات الزواج من مهر وحفل زواج وتأثيث شقة، وهنا أرجو ألا يزايد أحد، فالهبة والقرض اللذان تقدمهما الحكومة لا يكفيان، فأقل تقدير لإتمام مراسيم الزواج لن تقل عن 10 إلى 15 ألف دينار، وذلك بحسب المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه المتزوج.

● الحاجة المستمرة لصيانة أو توسعة المنزل أو تغيير الأثاث كل خمس إلى عشر سنوات، وهنا أيضاً أرجو عدم المزايدة والتنكر، وفي هذه الحالة أيضاً الرقم يتفاوت بين أسرة وأخرى.

● الاقتراض لدفع رسوم دراسية أو علاجية، وهنا ليس بإمكاني تحديد رقم معين، لكن لو فرضنا أن الأسرة قررت تعليم طفلين بالمدارس الخاصة فقط فالرسوم السنوية لن تقل عن ستة آلاف دينار.

بعد سنوات قليلة يبدأ المقترض بالشعور بالضيق من ثقل القسط الشهري وعدم مقدرته على الوفاء، وعند هذه اللحظة يتدخل البنك من باب المنقذ، فيقدم نوعاً آخر من الخدمات للعميل، بحيث يسمح له بسداد قرضه الأول، وبأي وسيلة كانت، ثم يقوم في اليوم التالي بتقديم قرض آخر، وبمبلغ أكبر وفوائد أعلى، وكل هذا يحدث تحت نظر البنك المركزي.

تصوير نسبة المتعثرين في السداد بأنها لا تتجاوز 1.85% لا يعكس الواقع الحقيقي للمشكلة، لأن البنوك تخصم ما لها من استحقاقات على العميل عند لحظة تحويل الراتب، ولو انتظرت حتى نهاية الشهر لرأيت نسبة المتعثرين قد تتجاوز 80%، ولذلك نقول انظروا إلى حال المدين بعد الأسبوع الأول، أما التصريحات التي يطلقها البعض بأن إسقاط القروض سيضر بالاقتصاد الكويتي فمردود عليه، لأن المتضرر منها معروف سلفاً. تظل قضية العدالة التي يتمسك بها البعض نسبية، حالها حال الكثير من القضايا الأخرى، لكن ما يميز هذه القضية أنها تدور في فلك الاستقرار الأسري، الذي يعد إحدى ركائز الأمن الاجتماعي، ومن المفترض تركها لولي الأمر "أبو السلطات" سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه وأطال في عمره.

في الختام هذا الحضور الحاشد في ساحة الإرادة رسالة للحكومة قبل غيرها بالنظر إلى حال المواطن الكويتي والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لهذه القضية، ووضع ضوابط لا تسمح باستمرارها أو تكرارها.

ودمتم سالمين.

back to top