أحمد أبو خنيجر: صراع القصة والرواية مفتعل

• حاز أخيراً جائزة ساويرس الثقافية في القصة

نشر في 17-02-2019
آخر تحديث 17-02-2019 | 00:12
لا يزال الأديب المصري المعروف أحمد أبوخنيجر قادراً على جذب قرائه إلى عالمه الخاص في قصصه البديعة، حتى تراكمت الجوائز في سجل نجاحاته، لتكلل بحصده أخيراً جائزة ساويرس الثقافية في مجال القصة، عن مجموعته «مشاهد عابرة لرجل وحيد» التي حققت أصداء طيبة منذ صدورها. في السطور التالية، حوار أجرته «الجريدة» مع القاص الجنوبي ابن مدينة أسوان الساحرة، يتحدث فيه عن جانب من إبداعه وجديده في الفترة المقبلة. وفيما يلي التفاصيل:

ماذا تمثل جائزة ساويرس بالنسبة إليك، وهل جاءت في الوقت المناسب لتحفيزك على مزيد من الإبداع؟

الجائزة تكون مهمة في وقتها، ليس بسبب قيمتها المادية فحسب، ولكن دعمها المعنوي هو الأهم، ذلك أننا نحتاج بين فترة وأخرى إلى التأكيد أن الدرب الذي لا نزال نخطو فيه هو الدرب الصحيح، وكلما كان وضع الجائزة وقيمتها مرتفعاً ومحاطة بالتقدير والنزاهة، كان ذلك زيادة في قيمة الجائزة، وهذه هي الحال مع جائزة ساويرس الثقافية.

ما أكثر ما يميز مجموعتك الفائزة «مشاهد عابرة لرجل وحيد»؟

تمثل مجموعة «مشاهد عابرة لرجل وحيد» بالنسبة إلي أموراً كثيرة، أولها تقديري وعشقي فن القصة القصيرة، وما يمثله من قدرة على البراعة والتكثيف، كذلك هذه المجموعة تُعد كتابة خارج ما اعتدته في المجموعات القصصية السابقة، فهي كتابة عن المدينة، مدينتي الصغيرة «أسوان» (أقصى نوب مصر). عبر هذا، المُشاهد الذي يرصد ما يراه، كأنما هو يعيد تعرفه إلى المدينة ولكن بطريقة مختلفة، فيها قدر من التأمل والشجن.

صحراء ولغة

تحتل الصحراء جزءاً كبيراً في فضاء تجربتك الإبداعية. ماذا تمنحك الصحراء حين تكتب وإلى أي مدى أنت مدين لها؟

الصحراء عالم مبهم وغامض، كما الكتابة أيضاً، وكما قلت سابقاً: الكتابة مفتوحة كالصحراء، في الأخيرة عليك دوماً الانتباه لكل ما حولك وما يعتريه من تبدل وتغير، والطرق والدروب الصحراوية يمكن أن تنمحي بعد عاصفة ترابية، فكيف يمكن التعرف إليها. هكذا الكتابة، تحتاج وأنت تتحرك فيها إلى معرفة الدرب الصحيح الذي يقودك في نهاية المتاهة إلى الواحة/ الكنز/ النص. في الصحراء يجب أن تكون مخلصاً لذاتك وروحك فبدونهما لن تستطيع النجاة من المخاطر المحيطة، لعل أبسط هذه المخاطر هو الضياع التام وفقدان الأثر. الكتابة كذلك تحتاج إلى هذا الجهد من الإخلاص والمداومة في التعرف وترقية الوعي حتى تصير عارفاً وعالماً، أو على نحو أدق بتعبير أهل الصحراء: «خبيراً». ذلك الذي يمكنه قطعها حتى لو كان معصب العينين أو أعمى.

حرصك على اللغة وتنويع تقنية الكتابة، هل هو سر الصنعة في أعمالك الأدبية الفارقة؟

اللغة هي الأداة الرئيسة في العملية الإبداعية، فنحن لا يمكننا الكتابة إلا عبر اللغة، وهي بطبيتعها شاسعة الحقول والطرق، في كل مرة وأنت تحاول الوصول إلى كنزك الشخصي/نصك، لا يمكنك استعمال الدرب ذاته طوال الوقت، لذا عليك أن تخطو في درب جديد، عبر مغامرة جادة وحقيقية، الدرب هنا هو اللغة بتنويعاتها الهائلة وقدرتها الفائقة على التشكل حسب الحالة الجديدة أو المغامرة التي أنت مقدم عليها، وإلا أصابك التجمد وإعادة إنتاج ما أنتجته سابقاً.

إلى أي حد تتشابك الحالة الصوفية مع نسيج الكتابة لديك؟

الحالة الصوفية هي طريقة من الرؤية والتبصر والتأمل الهادئ، في ظني هذا ما يحتاج إليه الكاتب في الإنصات العميق لعوالمه وما يجول فيها، من ثم القدرة لاحقاً على استجلائها في الكتابة. في التصوف يكون التركيز على الجواهر وليس الأعراض، فالجوهر الحق هو الباقي والأزلي، أما كل ما هو عارض فهو زائل وفانٍ.

مقارنة ومشاريع

ما رأيك في ما يردده البعض الآن من أننا نعيش زمن الرواية بينما تراجعت القصة القصيرة؟

ربما طغت الرواية في الفترة السابقة بفعل بعض المقولات والترويجات الدعائية لها وما خصص لها من جوائز وقدرتها السهلة في التحول إلى وسائط أخرى عبر السينما والمسرح والتلفزيون، وقد أدى هذا خلال الفترة السابقة إلى تراجع إنتاج القصة القصيرة في عدد المجموعات، وربما أيضاً قلل من نسبة الإقبال القرائي عليها كفن قائم بذاته. لكن الساحة تشهد الآن كتابات قصصية كثيرة ينتجها الأدباء الكبار والشباب على السواء، وهو ما يدحض المقولة السابقة. عموماً، فإنني أتساءل: لماذا فكرة افتعال الحروب والصراع والإزاحة بين الأجناس الأدبية؟ فالقصة والرواية هما ضمن حقل واحد وهو السرد.

ماذا في جعبتك الإبداعية وربما يخرج إلى النور في الفترة المقبلة؟

لدي كتابان جاهزان للنشر، الأول بعنوان «ديوان الحكي»، وهو عبارة عن نصوص قصيرة من الحكي المركز، تختلط في أجوائه رحابة اللغة الفصحى واللهجة العامية من دون فاصل بينهما، كذلك تصاحب النصوص لوحات تشكيلية للفنان الصديق على المريخي، بحيث لا يمكن الفصل بين النص واللوحة. هذه التجربة نتاج سنوات طويلة من التجريب والتفكير والنقاش بيننا، كما أن فيها جزءاً آخر بسبب طبيعة الحكي القابل للتدقيق والزيادة والحذف من الصديقين الشاعرين: رمضان عبداللطيف وأشرف جابر.

في ظني أنها تجربة مختلفة في الكتابة والتشكيل، وأتمنى أن تلقى صدى طيباً عند قراءتها. في الوقت ذاته، أحاول الانتهاء من رواية قصيرة، خصوصاً بعد تعثر الرواية الطويلة التي عملت بها لسنوات طويلة، ولكن حدثت أمور دعتني إلى التوقف عن مواصلة الكتابة فيها، ربما بعدما أفرغ من هذه الرواية أعود إليها، من يدري؟ دعنا نأمل.

مؤلفات وجوائز

أحمد أبوخنيجر كاتب مصري يكتب القصة والرواية، وله دراسات في الأدب الشعبي، حصد جوائز عِدة، أبرزها جائزة الدولة التشجيعية عن روايته الشهيرة «نجع السلعوة» عام 2003، وجائزة ساويرس للرواية للكتاب الشباب عام 2006 عن روايته «العمة أخت الرجال»، قبل أن يفوز أخيراً بالجائزة ذاتها في مجال القصة.

صدرت له أربع مجموعات قصصية: «حديث خاص، وغواية الشر الجميل، وجر الرباب، ومساحة للموت». وأربع روايات: «نجع السلعوة، وفتنة الصحراء، والعمة أخت الرجال، وخور الجمال».

اللغة هي الأداة الرئيسة في العملية الإبداعية
back to top