إلغاء الاحتفالات يخطف فرحة «المباركية» بالأعياد الوطنية

رفض نيابي... وأجواء «باهتة» طغت على السوق... ومطالبات بعودة «أفراح فبراير»

نشر في 13-02-2019
آخر تحديث 13-02-2019 | 00:05
توقفت فرحة رواد سوق المباركية بالأعياد الوطنية بعد الضغوط النيابية بإلغاء الاحتفالات الغنائية والتراثية والاستعراضية في أكبر سوق تراثي بالكويت، ليُرسم مشهد من الصمت والكآبة وأجواء "باهتة"، مع اختفاء مظاهر البهجة التي خيمت على أركان قبلة الخليجيين والسائحين في البلاد.
وفي وقت تعالت أصوات رواد السوق مطالبة بعودة أجواء "أفراح فبراير" ومعبرة عن الاستياء من خضوع الحكومة لتهديدات بعض النواب الإسلاميين، اعتبر نواب أن إلغاء هذه الاحتفالات أمر مرفوض، وأن الحريات في الكويت للأسف في تراجع، معلنين أنه سيكون لهم وقفة مع وزير الإعلام في هذا الصدد من خلال الأسئلة البرلمانية واستخدام الأدوات الدستورية.
"الجريدة" فتحت ملف إلغاء احتفالات المباركية، ورصدت ردود الأفعال النيابية، فضلاً عن رواده هذا السوق المهم، حيث عبر الجميع عن رفضهم، مؤكدين أن "فبراير" شهر الاحتفالات الوطنية، ولابد أن تظهر هذه الاحتفالات ومعالم الفرح على أهم معالم الكويت، وهو سوق المباركية.
تفاعل النواب مع قرار وقف وإلغاء الحفلات في اسواق منطقة المباركية، معتبرين ان ما حصل أمر مؤسف ويمثل تدخلا في حريات المواطنين.

وقالت النائبة صفاء الهاشم ان هذا الإجراء يعتبر تدخلا في حريات المواطنين في ظل دولة مدنية يريد بعض الاسلاميين ان يحولوها الى دينية من خلال تلك التصريحات غير المسؤولة والتي يهدفون منها الى التضييق على المواطنين وخاصة اننا نعيش في فترة الاعياد الوطنية.

وقالت الهاشم لـ «الجريدة»: هذا أمر مرفوض نهائيا، نظرا لأن حرية المواطن تعتبر من الامور المهمة التي كفلها الدستور، لافتة الى ان هذا الإجراء الذي اتخذته الحكومة في هذا الصدد سيكون لنا موقف ضده في وقت تعيش الكويت شهر الافراح والأعياد التي ينتظرها المواطنون بفارغ الصبر سنويا من اجل بث روح الفرح والبسمة وذلك من خلال التواجد في الاماكن العامة والتراثية والأماكن الترفيهية والتي من ابرزها المباركية.

وأوضحت ان «‏وزارة الإعلام باتت تتدخل في الحريات العامة مما ادى الى تراجعها بسبب الاستجابة لضغوط الاصوات الدينية وأصوات النشاز التي لا تمثل الأغلبية الكويتية من المواطنين ولا تسعى الى الخير، وستكون لنا وقفة مع الوزير المعني في هذا الصدد من خلال الأسئلة البرلمانية واستخدام الأدوات الدستورية التي تدعم المواطن وتكفل الحريات»، مؤكدة ان أي تضييق تمارسه الحكومة على الحريات في هذا الاتجاه سنكون له بالمرصاد، فنحن نعيش في ظل دولة ذات مؤسسات وديمقراطية وتمارس فيها الحرية المسؤولة من المواطنين، فهل وصلنا الى الكفر حتى بالفرحة في شهر الاعياد بسبب عدم قبول البعض لهذه الفرحة من منطلق الظواهر السلبية التي يدعوها بين الفينة والاخرى؟

وتابعت ان الاصوات الدينية تريد ان تعود بالبلد الى الوراء، ولا تريد لها التقدم في وقت تعيش دول الجوار انفتاحا وحرية كبيرة وغير مسبوقة على صعيد الترفيه والحفلات الغنائية، اما الجهات الرسمية في البلاد فاتجهت الى التضييق على المواطنين، وهذا أمر لا يمكن السكوت عنه في شهر الأعياد الذي يجب أن يفرح فيه المواطنون في جميع الأماكن وخاصة الاماكن التراثية، ولعل المباركية ابرزها، لافتة الى انها ستتوجه بمجموعة اسئلة للوزير المعني عن سبب الغاء الحفلات في المباركية، ولن تقف عند هذا الحد من اجل حرية اكبر للمواطن في بلده.

تهديدات النائب

من جهته، أبدى النائب صلاح خورشيد اسفه لامتثال وزارة الاعلام لتهديدات النائب محمد هايف او غيره فيما يتعلق بوقف العروض بسوق المباركية وهي غير معنية بالاساس بالموضوع.

وقال خورشيد لـ «الجريدة» ان الاعياد الوطنية مناسبة طيبة يحتفل فيها الكويتيون وتساهم في رسم الفرحة والبهجة على مرتادي سوق المباركية الذي يعتبر مكانا تاريخيا مهما للكويتيين، منتقدا ردة الفعل بإلغاء الاحتفالات بسبب تصريح.

وتابع خورشيد: يفترض ان وزارة الاعلام ليست معنية باقامة الحفلات بسوق المباركية، انما البلدية هي التي منحت التراخيص للشركة المنظمة، وهناك التزامات مالية وادبية للشركة باعطائها الموافقة، مجددا تأكيده ان الاعياد الوطنية مناسبة طيبة نحتفل بها واذا كانت هناك ممارسات عفوية غير مقصودة فلا يعني ذلك ان نوقف فرحة الناس.

وتابع خورشيد: على وزارة الاعلام عدم التدخل في مثل هذه القضايا، ومؤسف ما حدث من وقف الاحتفالات، واطالب المستثمر بالاستمرار في اقامة الاحتفالات لان لديه موافقة مسبقة من البلدية.

فعل غير مسؤول

أما النائب أحمد الفضل فاستهجن قرار وزارة الإعلام بإلغاء الحفلات في أسواق المباركية، مشيرا إلى أن «هذا الأمر يعبر عن فعل غير مسؤول، وستكون لنا وقفة مع الحكومة على هذا الصعيد».

وقال الفضل، لـ «الجريدة»، إن «هذا الأمر يدخل ضمن عملية تقييد الحريات في البلاد، مثلما حصل مع منع الكتب، وهذا ما نرفضه، لأن حرية التعبير كفلها الدستور، ولن نحيد عن هذا الأمر».

وطالب وزير الإعلام محمد الجبري بتغيير المفاهيم الحالية في وزارته وتطويرها، من أجل مستقبل إعلامي أفضل، «خصوصا أننا نعيش في مناخ ديمقراطي ودولة مؤسسات، وشهر للفرح بالأعياد الوطنية».

واستدرك: «أشك في قدرة وزارته على تطوير الإعلام، والدليل إلغاء حفل المباركية لأن طفلة رقصت»، متوعدا باستخدام الأدوات الدستورية ضد أي اتجاه في الحكومة إلى تقييد الحريات بالبلاد.

استياء المواطنين

من جهتهم لفت المواطنون إلى أن خضوع الحكومة للضغوط النيابية، والالتفات إلى ما تثيره بعض حسابات «السوشيال ميديا» يعطي انطباعاً سيئاً لرواد السوق، وخصوصاً من الإخوة الخليجيين الذين اعتادوا رؤية احتفالات الكويت الوطنية بصورة مختلفة تماماً وفي أزهى حلة، مضيفين أن سوق المباركية له طابع أسري، وتحتاج كل أسرة أن تشاهد مظاهر الاحتفالات الوطنية والبهجة التي تضفي رونقا وأجواء من الفرحة للرواد أيضاً.

تراخيص ومطالب

من جانبهم، قال المسؤولون في سوق المباركية إنه في كل عام تقام احتفالات واستعراضات في السوق للرواد لتشجيع المواطنين والمقيمين من داخل الكويت وخارجها على زيارة هذا المعلم في موسم الأعياد الوطنية، مبينين أن البلدية في هذا العام وقبل أيام أوقفت جميع الاحتفالات الغنائية والمسارح التي تقدم فقرات استعراضية لجميع الزائرين لإنعاش الجو العام في السوق، نظراً لما تداولته بعض حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تدخلات بعض النواب.

وذكر المسؤولون أن البلدية طلبت تقديم تراخيص وطلبات مفصلة لما يتم عرضه داخل السوق ومحيطه وأنواع الفعاليات المقدمة للجمهور، موضحين أن «فبراير» هو أهم شهر يمر على الكويت، لما يحمله من ذكرى للأعياد الوطنية، ويجب على جميع مرافق الدولة أن تتزين وتبتهج، وتقدم عروضاً للجمهور وجوائز وتحفيزاً لنشر أجواء البهجة والفرح بين الناس في هذا الشهر.

تصرفات شخصية

في السياق، ذكر بعض أصحاب المحلات أن الاحتفالات تنعش روح السوق التراثية، وتزيد نسبة الرواد للمرفأ السياحي الأول، والذي أصبح معروفا إقليمياً وليس على مستوى الخليج فقط، مضيفين أن الكويت لطالما كانت مصدراً للفرحة بإقامة الاحتفالات الوطنية والأهازيج التي تعبر عن حب الوطن.

وأكدوا أن التصرفات الشخصية، وإن كانت مزعجة للبعض وتثير تحفظهم، لا يجب أن تحرم الفرحة على الجميع، بل هناك إجراءات أخرى يجب اتباعها، وليس إلغاء الاحتفالات التي يمتزج الكثير من الرواد معها من جميع الأعمار.

وأشاروا إلى أن حركة البيع انخفضت بعد منع الاحتفالات، وأصبح الرواد يعزفون عن السوق، ويتجهون إلى أماكن أخرى، رغم أن السوق من أجمل معالم الدولة التراثية وله طابع خاص، وينبغي أن يكون منارة للاحتفالات، لأنه يقع في قلب الدولة، موضحين أن شهر فبراير مميز بأجوائه البادرة المميزة، وفي كل عام كان مصدراً لزيادة الرواد في سوق المباركية، وقبلة الوفود من دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والأجنبية.

وأضافوا: إذا تم اتخاذ هذا النهج بمصادرة الأفراح الوطنية فبعد سنوات سيغلب على السوق الهدوء، متمنين أن تقوم البلدية بمنح تصاريح مفتوحة لإقامة الفعاليات بمناسبة الأعياد الوطنية، وألا تلتفت إلى كل ما يقال مادامت هي المشرفة على السوق وملاحظة لكل ما يحدث داخل أسواره.

وجهة خليجية

من جهتهم، قال عدد من مواطني دول مجلس التعاون إن سوق المباركية أول مكان سياحي يزوره القادمون من دول الخليج لما يحمله من أجواء شعبية وتراثية جميلة، مؤكدين أن الكويت منارة ونموذج رائع للاحتفالات الوطنية في شهر عيدها الوطني.

وأضافوا أن الكثير من مواطني الخليج يتجهون في شهر فبراير إلى الكويت للمشاركة في الاحتفالات، والاستمتاع بمظاهر الفرح والبهجة.

وأوضحوا أن سوق المباركية من الأماكن التراثية السياحية التي يزورها القادمون إلى الكويت، بعكس ما تحمله الأماكن الحديثة، كما أن قربه من ساحل البحر يضفي عليه أجواء ترويحية للتنقل السريع بين السوق والشاطئ، مشددين على ضرورة زيادة الاهتمام به خلال الأعياد الوطنية، لأنه مكان تجمع السياح، وخصوصاً الذين يزورون البلاد لأول مرة.

خضوع الحكومة للضغوط النيابية يعطي انطباعاً سيئاً مواطنون

حركة البيع انخفضت وعزوف عن ارتياد السوق أصحاب المحلات
back to top