دي ميكالي: عثرنا على مكتشفات من العصر الإسلامي في فيلكا

• بعثة التنقيب الإيطالية أصبحت لديها مادة علمية غزيرة

نشر في 11-02-2019
آخر تحديث 11-02-2019 | 00:02
أكد رئيس البعثة الإيطالية أندريه دي أن نتائج البحث الأثري في «القرينية» الواقعة في جزيرة فيلكا كشفت عن أدلة مهمة تعود إلى بداية العصر الإسلامي.
تواصل بعثات التنقيب عن الآثار في "فيلكا" الكويتية جهودها وعملها الدؤوب في محاولة جادة لتدوين تاريخ الجزيرة ومراحل استيطانها، باعتبارها موقعا أثريا ومحط التقاء الحضارات والثقافات.

ويرجع تاريخ التنقيب الأثري في الكويت إلى ما قبل الاستقلال وتحديدا في عام 1957 عندما دعت الحكومة الكويتية آنذاك بعثة التنقيب الدنماركية للتنقيب في جزيرة فيلكا (20 كيلومترا عن سواحل مدينة الكويت)، حيث توجد العديد من التلال الأثرية.

أما البعثة الكويتية الإيطالية الموجودة حاليا في جزيرة فيلكا، فقد ساهمت في الكشف عن العديد من الدلائل الأثرية، خصوصا في قرية "القرينية" بالجزيرة، وأدت تلك المكتشفات الأثرية إلى إعادة كتابة تاريخ المنطقة التي تؤكد استيطانها في الفترة العباسية.

في موازاة ذلك تركز البعثة الكويتية الإيطالية في "فيلكا" في بحثها وتنقيبها عن الآثار حاليا على قرية "القرينية"، بغية التوصل إلى معلومات حول بداية الاستيطان في تلك القرية.

مادة علمية غزيرة

وبهذا الشأن، قال رئيس البعثة الإيطالية، أندريه دي ميكالي، إن نتائج البحث الأثري في "القرينية" كشفت عن أدلة مهمة تعود إلى بداية العصر الإسلامي، مما يؤكد استيطان القرية في تلك الفترة.

وأوضح دي ميكالي أن الأدلة السابقة والمعروفة عن تلك القرية تبين أنها تعود إلى العصر الإسلامي المتأخر، مما يدل على أن موقع القرية يعود إلى فترتين زمنيتين مختلفتين.

وأضاف أن بعثة التنقيب أصبح لديها مادة علمية غزيرة عن حجم المستوطنة في "القرينية" وطبيعة المعيشة فيها، كذلك النشاطات التي كان يزاولها مستوطنو تلك القرية.

ولفت إلى آخر الاكتشافات التي تعود إلى بداية العصر الإسلامي (الفترة العباسية) في القرنين السابع والثامن الميلاديين، إذ كانت الاكتشافات عبارة عن مجموعة من المنازل المبنية من الطوب والحجر، وتحتوي على حجرات متقاربة تطل في معظمها على فناء.

وذكر أن تلك المباني احتوت على مخزن متعدد الأغراض فيه مستودعات ووجد كذلك تنور فيه مادة "القار" المعتقد أنها استخدمت في طلاء السفن آنذاك، مما يعني أن هناك ورشة لإصلاح السفن في تلك المستوطنة، ومن الممكن أن يكون الميناء القديم لقرية "القصور" التي تبعد عن "القرينية" مسافة 1.5 كيلومتر.

وبيّن دي ميكالي أن الاكتشافات تبين أن "القرينية" عبارة عن ميناء نشيط مع العالم الخارجي، حيث نشأت تلك القرية على الساحل، وكانت النافذة الوحيدة التي تطل على العالم الخارجي في الفترة الإسلامية المبكرة.

ولفت إلى أن بعثة التنقيب اكتشفت خلال هذا الموسم جرة فخارية كاملة تعود إلى بداية العصر الاسلامي، إضافة إلى قالب لصناعة طلقات البنادق.

وأشار إلى اكتشافات البعثة خلال المواسم السابقة في قرية "القرينية" والعائدة الى فترة العصر الإسلامي المتأخر، مبينا أن القرية المتأخرة تعود إلى نهاية القرن الـ18 وبداية القرن الـ20.

وقال إن البعثة عثرت في أفنية المنازل على تنانير للطبخ، كما احتوى المنزل على غرف للمبيت ودورات مياه ومخازن وأروقة، مشيرا إلى وجود "مدبسة" لصناعة الدبس في أحد المنازل، مما يشكل دليلا مهما على زراعة النخيل في تلك الفترة لغرض تجاري، لأن حجم المدبسة كبير جدا.

وبيّن أن البعثة وجدت المحار بكميات كبيرة في أحد المنازل، مما يدل على حرفة الغوص على اللؤلؤ آنذاك، كذلك وجدت عظام أسماك ودلالتها على صيد السمك، إضافة إلى وجود عظام الماشية والتي تدل على تربية الماشية وحيوانات الرعي.

الأنشطة التجارية

وذكر دي ميكالي أن هناك أدلة تؤكد مزاولة مستوطني القرية في فترة العصر الإسلامي المتأخر الأنشطة التجارية بعيدة المدى، وتعكس حجم التبادل التجاري آنذاك، حيث عثر على بورسلان صيني تم استقدامه من الصين للاستخدام المحلي وأساور زجاجية من الهند استخدمت للزينة.

وأشار كذلك إلى العثور على فخاريات هندية وخزفيات وفخاريات مصدرها من عمان وجلفار في رأس الخيمة ومن جنوب الخليج العربي، كما تم اكتشاف نوعين من "الغليون" معدني وفخاري، في دليل على تدخين مستوطني القرية في تلك الفترة.

وأكد ضرورة المحافظة على جزيرة فيلكا ومحيطها البيئي، باعتبارها موقعا أثريا له أهمية كبيرة توجب دمجها في الخطط التنموية للدولة والاستفادة منها في الجانب السياحي.

على صعيد متصل، أفاد مراقب الآثار في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، د. حامد المطيري، بأن قرية "القرينية" إحدى القرى القديمة والواقعة على الساحل الشمالي لجزيرة فيلكا الكويتية، وهي تخضع لإشراف المجلس الوطني للثقافة.

وقال المطيري إن هذه القرية ورد ذكرها في بعض التقارير القديمة كتقرير "فيلكس جونز"، الذي زار الجزيرة مطلع القرن الـ19 الميلادي، وذكر أن القرية خلت من السكان بسبب الوباء الذي اجتاحها.

وأوضح أن البعثة الكويتية الإيطالية أنجزت الكثير من الأعمال الميدانية في موقع القرية، واتضح أن بداية الاستيطان في الموقع يعود للقرنين السابع والثامن الميلاديين، وهي فترة يطلق عليها في علم الآثار "العصر الإسلامي المبكر".

وذكر أن المستوطنة المبكرة (القرية) هجرت لأسباب مجهولة، وأعيد استيطانها مرة أخرى في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي حتى مطلع القرن العشرين.

صدور قانون الآثار عام 1960

مع صدور التشريعات التي رعت ونظمت العمل الأثري بصدور قانون الآثار عام 1960، وهو من أوائل القوانين في منطقة الخليج، ومن ثم إنشاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الذي اهتم منذ عام 2004 بالتراث الثقافي في الكويت. وركز المجلس على التراث المادي الذي يبرز تاريخ وأهمية أرض الكويت ومساهمتها في بناء الحضارة الإنسانية، إذ قام بعدد من برامج أعمال المسح والتنقيب الأثري والدراسات الميدانية. كما وقّع المجلس اتفاقيات تعاون للتنقيب والمسوحات مع عدد من البعثات العلمية العالمية من جامعات ومعاهد متخصصة في علم الآثار للمشاركة مع الفريق الوطني للكشف عن هذا المخزون الثقافي.

القرينية هجرت لأسباب مجهولة ثم أعيد استيطانها
back to top