ألا تستحون؟

نشر في 06-02-2019
آخر تحديث 06-02-2019 | 00:08
 علي البداح وطننا العربي يمر في أسوأ حالات الانحطاط والتأخر ومعظم الحكام العرب يتصرفون بذلة أمام القوي، ويستقوون على شعوبهم، ويتصرفون بموارد أوطانهم وكأنها ملكية خاصة، يعملون بها ما يشاؤون.

معظم هؤلاء الحكام تعلموا كيف يسوسون مواطنيهم ويسكتون أي صوت معارض أو حتى ناصح، و"شعوبنا" ضيعوا البوصلة فمنهم من سلم رأسه لمن يمثله من أصحاب العطايا وتمرير المعاملات، ومنهم من خاف وابتعد وانشغل بأمر عائلته، ومنهم من غاب في لجج السجون، فلم يعد يسمع له صوت، وغاب عن الحياة مع غياب شمس الحرية.

كيف لأي عربي أن يسكت على المهازل التي يراها يومياً، وعلى رأسها الفساد الذي استشرى في كل الوطن العربي، وقاده قادة وأتباع قادة، وشجعوا عليه من قدروا على إغرائه، معظم الحكام العرب يريدون أن يفسدوا كل الناس حتى لا يبقى صوت ينادي بالإصلاح، ومع الفساد جاءت التنازلات عن الشرف وبيع الأوطان والخضوع للسادة الكبار من عتاة حكام الدول الكبرى، حتى لم يعد للحياء مكان في أعين هؤلاء الحكام، بل باتوا يعلنون جهاراً أنه لم يعد هناك قضية فلسطين، ولا أي قضية عربية يحتل فيها مستعمر لشبر أو بلد من أرضنا العربية.

استسلموا لمطالب المستعمرين الذين حاربتهم الشعوب العربية، ورضخوا لمطالبهم، وباتت زياراتهم للكيان الصهيوني علنا ولتذهب فلسطين وشعبها إلى الجحيم، وليبتلع أي كان أي أرض من أراضي العرب فالضمير العربي في غفوة ومات عند معظم الحكام، وأصبح الشعب أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الموت قهرا أو الموت ثورة وإصلاحا ورفضا لهذا الذل.

ما يحزن أكثر أنه ليس هناك داع لكل هذا الفساد وهذا الخنوع، ولا حاجة لنصل حد الانفجار، فهذه الأمة تمتلك من القدرات البشرية والثروات المادية ما يمكن أن يجعلها في صف الدول الراقية المتقدمة بمجرد إيمان بهذه القدرة والتنسيق لتفعيلها والتعاون بين الحكام والشعوب لدفعها إلى غايات وطنية قومية سامية.

لماذا لا يرى هؤلاء الحكام قدرتنا وقوتنا وإمكاناتنا الكبيرة لجعل أوطاننا أجمل الأوطان؟ ما الذي يخسره الحكام لو حكموا بعدل وأمانة والتصقوا بشعوبهم في تطوير بلدانهم وتحقيق نموها وتحريرها من أي تبعية؟ وماذا لو آمن الحكام بأن أمنهم الخاص لا يكون بحماية الأجانب إنما بقوة شعوبهم وبمحبتهم؟ ولماذا لا يرى الحكام كيف احتُقرت الدول الراعية لفسادهم؟ وكيف تخلت عن أسلافهم بعد أن أخذوا كل شيء، ولم يجد شاه إيران قبراً يُدفن فيه بعد أن تخلى عنه كل من ظنهم أصدقاءه وحماته؟

أليس لهؤلاء الحكام ذرة حياء وهم يسمعون الإهانة بعد الإهانة من الرئيس الأميركي على سبيل المثال، فهو يسب ويشتم ويأمر وينهى وكأنه الآمر بأمره في بلاد العرب كافة؟ وهل مات الإحساس وضاعت الكرامة؟ ولماذا؟ ألم يكتفوا بكل الثروات التي جمعوها طوال فترة حكمهم؟ أليس هناك حدود لجشعهم؟ هل هانت نفوسهم عليهم لهذا الحد؟ هل أصبحت "إسرائيل" قبلتهم بدلا من الكعبة؟

إسرائيل التي مجها العالم فتحوا لها طاقة الأمل لتنتعش وتدخل بلادنا، ثم تتخلص من الجميع لتتملك كل ثرواتنا، وتحقق أهدافها التي وضعتها للوطن اليهودي، فهل هذا خافٍ على هؤلاء القادة؟ أليس أشرف لهم وأجدى أن يعودوا لشعوبهم ويحكموا برضاهم وتعاونهم ويرفعوا راية العزة والكرامة؟ إذا كان هؤلاء يظنون أو وجد من أقنعهم أن ثرواتهم التي جمعوها في بنوك العالم ستغنيهم عن شعوبهم فإن تجارب من سبقوهم تقول إن هذه الثروات لن يجدوا منها شيئا وسيأخذها حماتهم أو تعود لأوطانهم حين تثور شعوبهم، فهل يأمنون هذا الصديق أفضل من شعوبهم؟

شوية عقل وشوية إحساس.

back to top