الوقت غير مناسب للسلام الاصطناعي في كوريا

نشر في 04-02-2019
آخر تحديث 04-02-2019 | 00:00
 ريل كلير يُقال إن بنجامين فرانكلين كتب: "لم يكن هنالك أبداً حرب جيدة أو سلام سيئ"، ولا شك أن هذا القول يعود إلى زمن مختلف، ولكن رغم بعض الاستثناءات البارزة فمن الصعب معارضة هذه القاعدة.

رغم ذلك يجب ألا نستعجل السلام، ومن الضروري أن يضبط الصبر خصوصاً التوقعات بشأن "إعلان سلام" أميركي-كوري شمالي محتمل، وهو اتفاق سياسي يعلن بالكلام انتهاء الأعمال العدائية بين واشنطن وبيونغ يانغ.

قد يشكّل إعلان سلام مماثل، إعلان لن يبلغ مستوى معاهدة سلام رسمية، موضوع نقاش خلال القمة التالية بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون المتوقع عقدها في شهر فبراير، وقد يبدو هذا الإعلان ممكناً حتى من الناحية الدبلوماسية خلال ذلك اللقاء.

لا شك أن بعض التطورات الإيجابية وُلدت من قمة ترامب-كيم في شهر يونيو، فقد تراجع التوتر عموماً، ولم نشهد أي تجارب نووية أو صاروخية كورية شمالية منذ أشهر، ورغم ذلك من الممكن للمضي قدماً مع إعلان سلام لن يحقق أي أهداف غير إنهاء الحرب الكورية في الظاهر أن يهدد مصالح الولايات المتحدة وسياستها بطرق عدة غير مرجوة.

لنلقِ أولاً نظرة سريعة على خلفية هذه المسألة:

انتهت الحرب الكورية، التي استعرت بين عامَي 1950 و1953، بإعلان هدنة لا معاهدة سلام رسمية. وقّع وقفَ إطلاق النار الجيش الأميركي نيابة عن قيادة الأمم المتحدة وجيش كوريا الشمالية نيابة عن كوريا الشمالية ومتطوعي الجيش الصيني في بانمنجوم في شهر يوليو عام 1953.

منذ ذلك الحين، شكّلت المنطقة المنزوعة السلاح عند خط عرض 38 شمال الحد الفاصل بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، فمثلت هذه المنطقة الوسيط في صراع ساخنٍ أحياناً إنما مجمّد عموماً يتجه اليوم نحو عقده السابع من دون التوصل إلى سلام نهائي.

منذ استئناف المحادثات الدبلوماسية الجدية مع واشنطن، تضغط بيونغ يانغ للتوصل إلى إعلان سلام، معتبرةً هذا الإعلان خطوة ضرورية يجب اتخاذها قبل أن تفكّر في أي تحركات نحو نزع الأسلحة النووية.

من وجهة نظر كوريا الشمالية يساهم إعلان نهاية سياسية للحرب الكورية في التخفيف أكثر من التوتر مع الولايات المتحدة ويعزز الثقة بين سيول، وواشنطن، وبيونغ يانغ مع تقدّم المفاوضات.

كذلك يرجئ إعلان السلام هذا إلى وقت لاحق الأعباء الثقيلة المرتبطة بمسائل مهمة أخرى، مثل معاهدة السلام الرسمية، والاعتراف الدبلوماسي الرسمي، وتدابير بناء الثقة والأمن.

سيشكّل إعلان السلام من حيث الجوهر مجرد خطوة رمزية تعكس احتمال نشوء علاقات سياسية أفضل بين واشنطن وبيونغ يانغ، وكما هو متوقع يبدو أن اتفاق السلام "الأولي" هذا، حتى لو عُقد، لن يكون له أي تأثير في توليد الظروف الفعلية الضرورية لنشر السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية، وخصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار عدم تبدل طبيعة القوات التقليدية والاستراتيجية التابعة للأطراف المتحاربة.

ولكن إذا كان الوضع كذلك، فلمَ تسعى بيونغ يانغ وراء إعلان مماثل؟

ربما تراهن كوريا الشمالية على فيض من الفوائد المحتملة التي قد يجنيها النظام بعد توقيعه إعلان السلام مع الولايات المتحدة، وانتهاء، أخيراً، ما تدعوه بيونغ يانغ "السياسات العدائية" القديمة المناهضة لكوريا الشمالية التي تتبعها واشنطن.

بالإضافة إلى ذلك، قد يحفز توقيع إعلان سلام جوقة من السياسيين وقادة الرأي في الولايات المتحدة وحول العالم. وماذا لو بدأت هذه الأصوات بالمطالبة بخفض سريع لأعداد الجنود الأميركيين في شبه الجزيرة الكورية أو حتى انسحابها بالكامل قبل توقيع معاهدة سلام رسمية؟ من الممكن بالتأكيد أن تتخذ المشاعر العامة الكورية الجنوبية هذا المنحى الخطير، وقد يعزز هذا الميلَ المتعاطفون مع التوجهات المناهضة للولايات المتحدة، وداعمو كوريا الشمالية، وناشرو الدعاية المثيرون للجدل في شمال شرق آسيا، ولا شك أن كل هذا سيخدم مصالح كوريا الشمالية.

قليلون يعارضون فكرة أن بيونغ يانغ تعتبر تخفيف العقوبات خطوة أساسية لاستمرار النظام، فضلاً عن شرعيته الدولية، علاوة على ذلك قد يؤدي وضع إعلان سلام أميركي-كوري شمالي سابق لأوانه إلى توتر سياسي كبير مع حلفائنا الكوريين الجنوبيين واليابانيين، إن لم يحمِ هذا الإعلان مصالحهم الوطنية ويروّج لها بالشكل الكافي. لا شك أنك بدأت ترى المسألة بوضوح: قد يسبب إعلان سلام في هذه المرحلة من المفاوضات مشاكل كبيرة، وقد يمنح بيونغ يانغ نفوذاً أكبر يتيح لها تقديم طلبات إضافية، كذلك قد يقلل إلى حد كبير من الضغط السياسي، والاقتصادي، والعسكري الذي يتعرض له نظام كيم، مقوّضاً على الأرجح استعداده لمعالجة المسائل الرئيسة في عملية نشر السلام والأمن.

قد نتوصل في المستقبل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب الكورية بالكامل، لكن إعلان سلام اليوم لا يشكّل للأسف السبيل إلى بلوغ اتفاق مماثل.

* «بيتر بروكس»

back to top