اكتشاف دائرة دماغية تؤثر في الاكتئاب والإدمان معاً!

نشر في 20-01-2019
آخر تحديث 20-01-2019 | 00:03
No Image Caption
رصد بحث جديد على الفئران مساراً عصبياً محورياً بالنسبة إلى الاكتئاب والإدمان معاً. هل يمكن أن تُعالَج هاتان المشكلتان إذاً عبر التلاعب بذلك المسار بكل بساطة؟
يُعتبر نظام المتعة والمكافأة أحد أهم الأنظمة التي يتحكم بها الدماغ، فهو الذي يدفعنا إلى الاستمتاع بالنشاطات التي أسهمت في صمود الجنس البشري، كالأكل والشرب، كذلك يحثنا دوماً على متابعة تلك النشاطات.

لكن يشكل نشاط نظام المكافأة عاملاً محورياً أيضاً في أنواع مختلفة من سلوكيات الإدمان.

واكتشف فريق من الباحثين في كلية الطب التابعة لجامعة «ماريلاند» في «بالتيمور»، بقيادة الأستاذ سكوت تومسون، أن المناطق الدماغية المرتبطة بالإدمان قد تؤدي دوراً في نشوء الاكتئاب أيضاً، ولو بطريقة معاكسة.

ونشر الباحثون نتائجهم حديثاً في مجلة «الطبيعة» ولاحظوا زيادة قوة الإشارات المتبادلة بين الحُصين والنواة المتكئة: تشكّل هاتان المنطقتان الدماغيتان جزءاً من نظام المكافأة وقد تشيران إلى حالات الإدمان.

ويوضح تومسون: «من المعروف أن هاتين المنطقتين الدماغيتين تؤديان دوراً مهماً في تحليل تجارب المكافأة. تزيد قوة التواصل بينهما عند الإصابة بالإدمان، مع أن الآليات الكامنة وراء هذه الظاهرة كانت مجهولة».

في الدراسة الأخيرة، اختبر الباحثون أيضاً فكرة جديدة: هل تضعف الإشارات نفسها لدى المصابين بالاكتئاب؟

ويقول تومسون: «اشتبهنا أيضاً باحتمال حصول تغيرات معاكسة في قوة هذا التواصل عند الإصابة بالاكتئاب. قد يشرح ضعف الروابط القائمة الخلل الذي يطاول تحليل المكافآت ويطلق ظاهرة انعدام التلذذ (عدم استمتاع المصابين باكتئاب بالنشاطات الممتعة)».

تجربة لاستهداف نظام المكافأة

واستعان الباحثون بالفئران وركزوا على الدوائر الدماغية التي تؤدي دوراً محورياً في سلوكيات مستهدفة وحاولوا أن يكتشفوا مدى قدرتهم على تغيير نشاطها.

ولتحقيق هذه الغاية، دسّ الباحثون بروتينات حساسة تجاه الضوء في الخلايا العصبية التي تشكّل جزءاً من تلك الدوائر. كان الباحثون يأملون بأن تسمح لهم هذه الطريقة بكبح الإشارات المتبادلة بين الحصين والنواة أو تعزيزها.

وضمن مجموعة الفئران التي تلقّت بروتيناً حساساً تجاه الضوء، أنشأ الباحثون في البداية ذاكرة مزيفة عن مكافأة معيّنة من خلال تعريضها للضوء طوال أربع ثوانٍ، ما يعني أن الفئران ربطت شعور المتعة بموقع التعرض للضوء.

وسمحت تلك التقنية في المقام الأول بتنشيط مسار قائم بين المنطقتين وعززت الإشارات المتبادلة بينهما.

وبعد مرور يوم، أعاد الباحثون الفئران إلى الأماكن التي نشأت فيها الذكرى المزيفة عن المكافأة، ثم عرّضوها للضوء مجدداً. لكن كان الهدف يتعلق هذه المرة بتعطيل الإشارات المتبادلة بين الحصين والنواة المتكئة.

وبعد هذه التجربة، أكد الباحثون الدور المحوري الذي يؤديه هذا المسار بالنسبة إلى روابط المكافأة. غداة تعطيل المسار المستهدف، لم تعد الفئران تفضّل الموقع الذي نشأت فيه ذكرى المكافأة.

وبعدما تأكد الباحثون من قدرتهم على تغيير الإشارات في مسار المكافأة، حوّلوا تركيزهم نحو نماذج من الفئران المصابة بالاكتئاب. فجرّبوا التقنية نفسها على أمل بتعزيز النشاط الدماغي المؤثر لدى تلك الفئران، لكن لم تنجح التجربة هذه المرة.

ولم يتمكّن الباحثون من زيادة نشاط الدوائر المرتبطة بنظام المكافأة إلا بعد إعطاء القوارض أدوية مضادة للاكتئاب. سمحت لهم هذه الخطوة بترسيخ ذكريات مزيفة عن تلقي المكافآت في أدمغة هذه المجموعة من الفئران أيضاً.

وتعليقاً على هذه النتائج، قال عميد كلية الطب التابعة لجامعة «ماريلاند»، ألبرت ريس، الذي لم يشارك في هذا البحث: «ستُقرّبنا هذه النتائج المثيرة للاهتمام من فهم الخلل الذي يحصل في أدمغة المصابين باكتئاب عيادي».

back to top