الكبد عند الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية: جينة تشير إلى علاجات جديدة

نشر في 20-01-2019
آخر تحديث 20-01-2019 | 00:12
No Image Caption
تساعد جينة أسهمت في حماية أسلافنا من موجة تفشي وباء فتاك في حماية صحة كبد من يحملون فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، أيضاً وفق دراسة جديدة.
قضى وباء الطاعون أو «الموت الأسود» على الأرجح على نحو نصف سكان أوروبا في القرون الوسطى. يُظهر بعض الدراسات أن مَن نجوا من موجة الوباء في الماضي حملوا طفرة جينية تُدعى CCR5-delta 32 في جينة CCR5.

وقرر باحثون من جامعة سينسيناتي في أوهايو، جامعة ماريلاند في كوليدج بارك، ومعهد تراينغل للبحوث قرب بيثيسدا دراسة ما إذا كانت الطفرة الجينية ذاتها قادرة على حماية مَن يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد ج من تلف الكبد الذي قد يهدد حياتهم.

وعمل الباحثون بقيادة الدكتور كينيث شيرمان مع مجموعتين من المشاركين: كانت مجموعة الأتراب الأولى شاركت في دراسة التعرض للناعور المتعددة المراكز، في حين كانت مجموعة الأتراب الثانية تشارك في تجربة سريرية لاختبار دواء يعالج فيروس نقص المناعة البشرية.

نُشرت اكتشافات الدراسة الجديدة في مجلة «الأمراض المعدية السريرية».

طفرة جينية وفوائد

في أول جزء من الدراسة، حلل الفريق بيانات المشاركين من دراسة التعرض للناعور المتعددة المراكز، التي ضمت أشخاصاً تلقوا في ثمانينيات القرن الماضي علاجاً للناعور (اضطراب يسبب النزف).

في تلك الفترة، احتك هؤلاء بمعدات طبية لم تعقّم بالشكل المناسب وحملت فيروس نقص المناعة البشرية وفيروس التهاب الكبد ج. يوضح الدكتور شيرمان: «إن لم يمت هؤلاء مبكراً نتيجة مضاعفات فيروس نقص المناعة البشرية، أصيب كثيرون منهم بمرض كبد سريع التقدم صرنا ندرك اليوم أنه يظهر في إطار الإصابة بعدوى التهاب الكبد ج وفيروس نقص المناعة البشرية غير المعالجة».

ويضيف: «عانت هذه المجموعة تليّف كبد سريع التقدم. وكان السؤال الذي طرحناه: هل من مجموعة فرعية تحمل جينة تقود إلى خلل في CCR5، وهو مستقبل لبعض العناصر الأساسية في جهاز المناعة تعدّل الالتهاب؟».

وعند تأمل هذه المجموعة من الأتراب، ركّز الباحثون على بيانات مَن قدّموا كل المعلومات الصحية الملائمة طوال فترة أربع سنوات.

وحاول العلماء العثور في هذه المجموعة على مَن ظهرت عليهم إشارات إلى تليف الكبد (ندوب)، ما عكس ضرراً في هذا العضو، وتحديد ما إذا حملوا الطفرة الجينية CCR5-delta 32.

ويوضح الفريق أن CCR5-delta 32 تدعم صحة مَن يحملون فيروس نقص المناعة البشرية لأنها تؤثر في مستقبل CCR5، علماً بأن هذه «البوابة» الرئيسة التي يستخدمها الفيروس لدخول الخلايا المناعية المتخصصة وتدميرها.

يذكر الدكتور شيرمان: «اعتقدنا أن هذه الطفرة الجينية تمنح أفضلية لمن يحملونها لأنها تسهم في تراجع خطر إصابتهم بتليف الكبد التقدمي».

ويضيف: «راقبنا مرضى يحمل بعضهم الطفرة الجينية وبعضهم الآخر لا واستخدمنا قياسات لتليف الكبد شملت استعمال مجموعة من المؤشرات الحيوية تُدعى مؤشر تليف الكبد المحسّن (ELF)».

و«تبين أن المرضى الذين حملوا الطفرة واجهوا تقدماً أقل في تليّف الكبد وفق المقياس الذي اعتمدناه، مقارنةً بمن لم يحملوا الطفرة»، وفق هذا الباحث.

لذلك يؤكد الدكتور شيرمان: «يشكّل هذا دليلاً على أن وجود طفرة CCR5 بدّل على الأرجح معدلات تقدّم التليف في حالة مرضى التهاب الكبد ج وفيروس نقص المناعة البشرية»..

نتائج تجربة سريرية واعدة

شمل المشاركون في مجموعة الأتراب الثانية مرضى حملوا فيروس نقص المناعة البشرية، إلا أنهم لم يعانوا مرض الكبد. انضم هؤلاء إلى تجربة سريرية تختبر Cenicriviroc، وهو دواء قيد التجربة قد يعوق مستقبل CCR5 ومن الممكن أن يوقف بالتالي نشاط فيروس نقص المناعة البشرية.

ويستطيع Cenicriviroc أن يعوق أيضاً مستقبلاً مشابهاً آخر يُدعى CCR2.

وبعد سنة من أخذ الدواء التجريبي، عانى مَن تناولوا أعلى جرعات أقل مقدار من الإشارات إلى تليف الكبد، ما يُظهر أنهم صاروا أقل عرضة لقصور الكبد.

ويشير الدكتور شيرمان: «إذا أدت CCR5 و/أو CCR2 إلى تراجع في التليف بغض النظر عن المصدر، فقد ننجح في تفادي عواقب إصابة الكبد». لكنه يحذر: «تؤدي الأدوية التي يأخذها الناس لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية إلى كبد دهني وأشكال أخرى من إصابة الكبد».

ويتابع الدكتور شيرمان: «لا نملك راهناً عناصر تحمي الكبد من إصابات غير محددة. ولكن إذا اتضح أن CCR5 وCCR2 تؤديان دوراً محورياً في المسارات التي تقود إلى ندوب الكبد، فمن الممكن عندئذٍ تعديل تلك الإصابة من خلال حاصرات CCR5 وCCR2».

وإذا قدّمت البحوث في المستقبل المزيد من الأدلة على فاعلية الأدوية التي تستهدف هذين المستقبلين الأساسيين، فقد تبدّل هذه الخطوة وجه علاجات فيروس نقص المناعة البشرية بغية حماية الكبد بشكل أفضل.

ويختم الدكتور شيرمان: «قد نتمكن ذات يوم من علاج كل مَن يحملون فيروس نقص المناعة البشرية بعنصر مثبط كجزء من خليط أدويتهم لمحاربة هذا الفيروس المصمم لحماية الكبد واستعادة صحة هذا الغضو والحفاظ عليها».

طفرة جينية تمنح أفضلية لمن يحملونها لأنها تسهم في تراجع خطر إصابتهم بتليف الكبد التقدمي
back to top