الاكتئاب... التحفيز الكهربائي يُحسّن مزاجك

نشر في 17-01-2019
آخر تحديث 17-01-2019 | 00:00
No Image Caption
يكشف بحث جديد أن التحفيز العميق للدماغ قد يعالج الاكتئاب المقاوِم للعلاج، إذ أدى تحفيز القشرة المخية الجبهية في الدماغ إلى تحسّن «ملحوظ» في مزاج الأشخاص المصابين باكتئاب معتدل أو حاد.
يُعتبر اضطراب الاكتئاب الحاد أول سبب للإعاقة حول العالم. لا يرتاح جزء كبير من المصابين به عند تلقي العلاجات المستعملة راهناً. ويبقى في 30% من الحالات راسخاً ويصعب استهدافه.

لكن ظهر التحفيز العميق للدماغ أخيراً كعلاج محتمل للمشكلة ويبدو أنه قد ينجح حيثما فشلت العلاجات الأخرى.

عند استعمال تقنية التحفيز العميق للدماغ، يزرع الخبراء أقطاباً كهربائية تحفيزية في الدماغ عن طريق الجراحة لإرسال تيارات كهربائية إلى المناطق المستهدفة.

في الدراسة الجديدة، استعمل الدكتور إيدي تشانغ، أستاذ في جراحة الأعصاب في جامعة كاليفورنيا، تلك التقنية لدى 25 شخصاً كانوا يواجهون أعراض الاكتئاب. نُشرت النتائج في مجلة «كورينت بيولوجي».

مناطق دماغية أساسية

يوضح تشانغ السبب الذي جعل الباحثين يركزون على القشرة المخية الجبهية في هذه الدراسة قائلاً: «لطالما اعتُبِرت هذه المنطقة من أقل المناطق الدماغية المفهومة، لكن تجمعها روابط قوية مع هياكل دماغية متنوعة تتعلق بالمزاج والاكتئاب واتخاذ القرارات، ما يجعلها مناسبة لتنسيق النشاط بين العاطفة والإدراك».

تمكّن الباحثون من الوصول إلى عيادة متخصصة بالصرع. يخضع المصابون بالصرع للجراحة من أجل زرع أقطاب كهربائية في أدمغتهم كجزءٍ من الاستعداد الروتيني للجراحة.

لإجراء الدراسة، استعان تشانغ وفريقه بـ25 شخصاً مصاباً بالصرع، وكانوا مصابين أيضاً باكتئاب خفيف أو حاد.

بعد وضع الأقطاب الكهربائية، اعترف المشاركون بما يشعرون به بضع مرات في اليوم باستعمال تطبيق على الهاتف. هذا ما سمح للباحثين بربط التغيرات في نشاطهم الدماغي بمختلف الحالات المزاجية، فركزوا على المنطقة الدماغية الأكثر تأثيراً في الاكتئاب ويمكن استهدافها بالتحفيز العميق للدماغ.

استعمل العلماء أيضاً درجة خفيفة من التحفيز الكهربائي في مناطق دماغية مختلفة وطلبوا إلى المشاركين أن يعبّروا عن طريقة تأثير التقنية في مزاجهم من خلال استعمال كلمات دلالية محددة. واستعانوا بعد ذلك بجزء معيّن من البرنامج لقياس الكلمات التي استعملها المتطوعون وتحليلها.

استرجاع مزاج إيجابي

كشفت الدراسة أن تحفيز معظم المناطق الدماغية لم يؤثر في مزاج المشاركين بأي شكل. لكن في المقابل، أدى تحفيز القشرة المخية الجبهية الجانبية لثلاث دقائق إلى تحسّن ملحوظ.

لم تظهر تلك النتائج الإيجابية إلا لدى الأشخاص المصابين بدرجة معتدلة أو حادة من الاكتئاب. لكن لم ينشأ أي أثر لدى المصابين بأعراض اكتئاب خفيفة.

تعليقاً على النتائج، قالت المشرفة على الدراسة كريستين سيليرز، باحثة حائزة شهادة دكتوراه في مختبر تشانغ: «تفوّه المرضى بعبارات مثل: «يا للدهشة! أشعر بالتحسن!»، أو «تراجع قلقي»، أو «أشعر بالهدوء والاسترخاء والتماسك». على صعيد آخر، يمكن رصد تحسّن أيضاً في لغة جسد المرضى. فقد كانوا يبتسمون وجلسوا باستقامة وبدؤوا يتكلمون بوتيرة طبيعية وأسرع من العادة». جاءت أنماط النشاط الدماغي لتدعم ذلك التحسّن الملحوظ في المزاج أيضاً. ذكر الباحثون أن النشاط في أدمغة المشاركين بعد استعمال التحفيز كان يشبه النشاط الدماغي المُسجّل حين اعترف المتطوعون بأنهم يشعرون بالتحسن طبيعياً.

يوضح الدكتور فيكرام راو، أستاذ مساعد في علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو والمشرف الأول على الدراسة، تلك النتائج قائلاً: «تكشف هذه الملاحظات أن التحفيز ساعد المصابين باكتئاب حاد على استرجاع مزاج إيجابي طبيعياً بدل تحسين مزاج الجميع بطريقة اصطناعية. تتماشى هذه النتائج مع الملاحظات السابقة التي كشفت أن نشاط القشرة المخية الجبهية يزيد لدى المصابين باكتئاب حاد، كما أنها توحي بأن التحفيز الكهربائي قد يؤثر في الدماغ بطريقة تضمن التخلص من العامل الذي يعوق تحسّن المزاج لدى هؤلاء الأشخاص».

لكن أكّد الباحثون ضرورة إجراء دراسات إضافية قبل أن يستنتجوا بشكلٍ جازم أن تحفيز القشرة المخية الجبهية يُحسّن المزاج على المدى الطويل.

أخيراً، قالت هيذر دوز التي شاركت في الإشراف على الدراسة: «كلما زاد فهمنا للاكتئاب على هذا المستوى من الدوائر الدماغية، نحصل على خيارات إضافية تُمكّننا من تقديم علاجات فاعلة للمرضى بأقل قدر من الآثار الجانبية. ومن خلال فهم السبب الأصلي وراء اختلال تلك الدوائر المرتبطة بالعواطف، نتمكن يوماً من مساعدة الدماغ على «نسيان» مفهوم الاكتئاب نهائياً».

التحفيز ساعد المصابين باكتئاب حاد على استرجاع مزاج إيجابي طبيعياً بدلاً من تحسين مزاج الجميع بطريقة اصطناعية
back to top