معهد العالم العربي يكرِّم د. ناصيف نصار أحد وجوه الفكر الفلسفي

• مؤلفاته مشروع تأسيسي لفكر نهضوي مستقلّ بعيد عن العنصرية

نشر في 17-01-2019
آخر تحديث 17-01-2019 | 00:14
لمناسبة اختيار معهد العالم العربي د. ناصيف نصار أحد أبرز وجوه الفكر الفلسفي المعاصر في العالم العربي، ومنحه ميداليته، ولمناسبة منحه ريشة الجامعة الأنطونية (في لبنان) الفضية، أقيم احتفال تكريمي في حرم الجامعة حضره أكاديميون وإعلاميون ومهتمون بالشأن الثقافي.
عام 2008، كرّمت الجامعة الأنطونية في بيروت د. ناصيف نصار إذ كان أول «اسم علم» احتفت به، وأصدرت حول نتاجه كتاباً جماعياً، وعادت وأصدرت طبعة مزيدة منه عام 2012، بعد نفاد الطبعة الأولى، حسب ما أوضح رئيس الجامعة الأب ميشال جلخ في كلمة في الاحتفال التكريمي الذي أقيم للدكتور ناصيف نصار بدعوة من معهد العالم العربي والجامعة الأنطونية، مؤكداً «أن نسخ الكتب تنفد أما تقديرنا لهذا المفكر الاستثنائي فلا».

أضاف: «ليس في الجامعة الأنطونية قسم مخصص للدراسات الفلسفية، لكننا نعتبر الفلسفة أحد مكونات مفهوم الجامعة الأساسية، لأنها مدرسة الندية الصديقة التي ينبغي أن تحكم العلاقة بين الباحثين جنباً إلى جنب عن الحقيقة».

بدوره أشار المدير العام لمعهد العالم العربي الدكتور معجب الزهراني، إلى أن كرسي معهد العالم العربي كرم قامات من أمثال هشام جعيط، وعبدالله العروي، وفهمي جدعان، وصولاً إلى لبنان، فيما تحدث مدير كرسي المعهد الطيب ولد العروسي، عن نصوص نصار بالفرنسية، معتبراً «أنها أكثر انتشاراً من مؤلفاته العربية، ولكنها مع ذلك نصوص مرجعية في ميادينها، لا سيما أطروحته الكبرى حول «الواقعية في فكر ابن خلدون».

عقلانية منفتحة

في كلمته التي ألقاها في الاحتفال قال د. ناصيف نصار: «لم أكتف في كتاباتي باقتراح مشروع للنهضة وللتفلسف المستقل، بل عملت على جعل المشروعين واقعاً، وأن الأجيال الطالعة من القراءة مدعوة إلى الانكباب على النظريات والأطروحات التي تنطوي عليها مؤلفاتي، ومنها الواقعية الجدلية والليبرالية التكافلية والعقلانية النقدية المنفتحة والمثالية الأكسيولوجية وسواها»، مستعيداً موضوع الأمل الذي يدور حوله كتابه الأخير«النور والمعنى: تأملات على ضفاف الأمل»، ومعتبراً أن مبادرتي الجامعة الأنطونية ومعهد العالم العربي تشجعان على الأمل بأن للفلسفة غداً في دنيا العرب».

ندوة وميدالية

بعد الكلمات الافتتاحية، أقيمت ندوة حول مؤلفات د. ناصيف نصار تحدث خلالها كل من البروفسور عبدالإله بلقزيز من المغرب عن «ميزان الفلسفة»، والدكتور مايكل فري من سويسرا عن «الحرية التكافلية بين نصار وكانط»، والدكتور أنطوان سيف من لبنان عن «نصار في عصره».

ثم تسلم نصار ميدالية المعهد و«ريشة الجامعة الانطونية الفضية»، وتسلم الحاضرون نسخاً من كتابه الأخير «النور والمعنى: تأملات على ضفاف الأمل»، كهدية من الجامعة الأنطونية.

سيرة

ولد د. ناصيف نصار في لبنان عام 1940. نال إجازة تعليمية في الفلسفة والعلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية. في يونيو 1967، نال دكتوراه دولة في الآداب في جامعة باريس (السوربون) وكان موضوع أطروحته «الفكر الواقعي عند ابن خلدون».

عمل بصفة أستاذ مساعد ثم بصفة أستاذ في كلية التربية في الجامعة اللبنانية منذ عام 1967. ترأس قسم الفلسفة في الكلية وعمل على إصلاح المناهج التعليمية فيه لمواكبة إصلاح تعليم الفلسفة في التعليم الثانوي. عمل بصفة أستاذ زائر في جامعة لوفان في بلجيكا عام 1978.

شارك في ندوات علمية وفلسفية في لبنان والبلدان العربية وأوروبا وأميركا، وفي تأسيس الجمعية الفلسفية العربية في عمان (1987)، وشغل منصب نائب الرئيس فيها (1992-1982) وأعيد انتخابه لهذا المنصب عام 1998. كذلك شارك في تأسيس الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان ورابطة خريجي الجامعة اللبنانية، وهو عضو في المركز الدولي لعلوم الإنسان في منطقة جبيل التابع لليونسكو.

نال جائزة الدكتور منيف الرزاز للدراسات والفكر التي تمنحها رابطة الكتاب الأردنيين (1995)، وشهادة «رجال متفوقون في القرن العشرين» من المركز الدولي لسير الإعلام في مدينة كيمبردج بإنكلترا.

عمل ناصيف نصار على وضع أسس وطيدة لمدرسة عربية في الفلسفة منبثقة من مشروع نقدي تحليلي يتجه إلى الدعوة إلى تكوين مجتمع عربي جديد، بعيد عن العنصرية والتعصب ورفض الآخر.

طرح خلاصة أفكاره في كتب من بينها: «مطارحات للعقل الملتزم، والفلسفة في معركة الإيديولوجية، وطريق الالتزام الفلسفي، ومفهوم الأمة بين الدين والتاريخ، ونحو مجتمع جديد، وتطورات الأمة المعاصرة، والفكر الواقعي عند ابن خلدون، وطريق الاستقلال الفلسفي، ومطارحات للعقل الملتزم، ومنطق السلطة، والتفكير والهجرة، والأيديولوجية على المحك، وأضواء على التعصب، وإسهام في النقد الكلي».

«النور والمعنى: تأملات على ضفاف الأمل»

يتناول هذا الكتاب مسألة المعنى، تحديداً معنى الحياة في عالم الإنسان، ويطرح تصوراً فلسفياً محدداً حول مراتبها والمبادئ التي تخص كل مرتبة منها، ويأمل في أن يسهم في إلقاء مزيد من الضوء العقلاني عليها، لأنها، وإن لم تقع في النسيان في أي يوم من الأيام... إلا أنها تحتاج، على إيقاع المراحل والعصور... إلى إعادة نظر أو إعادة بناء، حتى يأتي تصوّرها النظري على ما يليق به من الحقيقة والجدوى.

هذا المقطع من التوطئة يختصر موضوع الكتاب المحدد بوضوح لا لبس فيه، فيدرك القارئ، بلا شك، أهميته البالغة وأهمية معالجته بأسلوب فلسفي ناصع، يراعي الحقيقة والجدوى ويدفع الوعي إلى التعمق المتماسك في مضامينه وأبعاده، ويعطي القارئ زاداً يؤهله الكفاح بثقة فاعلة في عوالم الأمل والمعنى.

الطيب ولد العروسي اعتبر أن نصوص نصار بالفرنسية أكثر انتشاراً من مؤلفاته العربية

د. ناصيف نصار عمل على وضع أسس وطيدة لمدرسة عربية في الفلسفة
back to top