بين نوعين من الإعلام

نشر في 13-01-2019
آخر تحديث 13-01-2019 | 00:09
نعيش في دنيا إعلامية منقسمة إلى دارين مختلفتين: واحدة مزيفة يقودها الإعلام الحكومي والخاص، وأخرى واقعية يقودها عامة الناس في وسائل التواصل الاجتماعي.
 مظفّر عبدالله أول العمود: هل فكر قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت في منح أهمية لدور الكويت في حل الأزمة الخليجية بين طلبة الجامعة؟

***

هل تعكس المواد الإعلامية التي تبثها قنوات التلفزيون الرسمي والخاص ما يحدث في المجتمع الكويتي؟ معروفة محصلة هذا السؤال، (لا) بالطبع.

في الكويت اليوم ولأسباب عديدة داخلية وخارجية مشكلات تصيب شرائح مختلفة من الناس، لكنها مغيبة تماماً عن التناول الإعلامي، إذ يتحدث الشباب اليوم والكبار أيضاً عن تعاطي المخدرات والطلاق وشرب الكحول وبروز مشاكل الاضطراب الجنسي، ووضع السجن المركزي، وظاهرة التزوير في الجنسية، والشهادات العلمية، وموجة الاستهلاك المفرط لدى العائلة الكويتية، والإكثار من السفر في العطلات القصيرة، وتفشي الفساد في الإدارة الحكومية، والتضييق على النشاط الثقافي والفني، وغير ذلك ربما.

هذه القضايا لا تجد لها طريقاً في قنوات الإعلام المرئية، ولا حتى المنصات المقروءة والمسموعة، وكأن الإعلام الكويتي مغيب تماماً عن المساهمة في إيجاد رأي عام يتفق على أسس ما، حول مسألة محددة من تلك المسائل، غابت البرامج الحوارية الجادة التي كانت تتصدر برامج التلفزيون في فترات سابقة كما أتحفنا بها إعلاميون بارزون من أمثال محمد السنعوسي، عبدالله المحيلان، د.عبدالله النفيسي، د.كافية رمضان، فاطمة حسين، عبدالرحمن النجار وآخرون.

فبرامج هؤلاء كانت تخلق نوعاً من التنوير وبلورة الأفكار حول هموم الوطن والمواطنين، ورغم أن حجم ونوع المشكلات السائدة في المجتمع الكويتي في زمنهم لم تكن بخطورة ما يحدث اليوم، حيث مسّت أمن الأسرة الصغيرة، فإن أي تطور واهتمام من قبل الإعلام المحلي اليوم لم يواكب تلك الخطورة ولم يتحسسها!

وليس هناك من مبرر القول بأن مساحة الحرية تضاءلت، فالتعاطي العلمي والمنطقي البعيد عن البهرجة يجد طريقة حتى في ظل القوانين البالية التي تحكم الإعلام اليوم، بدليل أن أسماء الإعلاميين الذين ذكرناهم لم يكونوا في مساحة حرية أكبر منها اليوم، لكنه اجتهادهم وإحساسهم بمشاكل الناس آنذاك، فنجحوا في إيصال رسالة الإعلام المطلوبة.

بالطبع لا نوعية الإعلاميين في السابق ولا طريقة تلمسهم لمشاكل الناس تتقاطع مع الوضع الحالي إلا مع عدد نادر من الإعلاميين حالياً.

ما نريد قوله بأن قضايا اجتماعية ونفسية واقتصادية وسياسية وأخلاقية وثقافية وشبابية جديدة تغيب تماماً عن مواضيع البرامج التلفزيونية بشكل خاص والإذاعية بشكل عام، وأصبحنا نعيش في دنيا إعلامية منقسمة إلى دارين مختلفتين: واحدة مزيفة يقودها الإعلام الحكومي والخاص، وأخرى واقعية يقودها عامة الناس في وسائل التواصل الاجتماعي.

back to top