حقول الغاز الغنية في «المتوسط» مرشحة للغليان السياسي في 2019

تركيا غاضبة من «أكسون» وقبرص وتتفادى التصعيد مع بترول قطر

نشر في 11-01-2019
آخر تحديث 11-01-2019 | 00:04
No Image Caption
على الرغم من العلاقات السياسية الوثيقة بين دولة قطر وتركيا انضمت شركة قطر للبترول الى «اكسون موبيل» في مشروع مشترك لاستكشاف الغاز في المنطقة الاقتصادية الحصرية في قبرص، وظلت أنقرة صامتة بصورة لافتة إزاء مشاركة الدوحة.
لم يكن البحر الأبيض المتوسط تاريخياً محور اهتمام لشركات إنتاج النفط والغاز، باستثناء الجزائر وليبيا. وعلى أي حال فقد وضعت الاكتشافات الحديثة العهد شرق البحر الأبيض المتوسط في بقعة الضوء. وفي حالة قبرص أفضى التقسيم، الذي لم يحل لهذه الجزيرة والاتهامات المتبادلة مع تركيا، الى تعقيدات اضافية، عندما يتعلق الأمر باستقطاب شركات طاقة دولية.

وعلى الرغم من العلاقات السياسية الوثيقة بين دولة قطر وتركيا فقد انضمت شركة قطر للبترول الى اكسون موبيل في مشروع مشترك لاستكشاف الغاز في المنطقة الاقتصادية الحصرية في قبرص، وظلت أنقرة صامتة بصورة لافتة إزاء مشاركة الدوحة.

إمكانات شرق البحر المتوسط

وغيرت الاكتشافات الكبرى من الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط عبر السنين حظوظ وثروات الدول الساحلية. وينسحب هذا بصورة خاصة على اسرائيل التي تتم تلبية كل حاجاتها من الطاقة من قبل دول أخرى منتجة مثل روسيا وأذربيجان.

ولكن حقول الغاز المكتشفة حديثاً في المنطقة الاقتصادية الحصرية "ايز" تكفي لتلبية احتياجات ذلك البلد، في حين يتم تصدير الفائض من الغاز في الوقت نفسه.

ومن جهة أخرى، أصبحت مصر دولة مستوردة للغاز الطبيعي المسال في سنة 2014، نتيجة لتزايد الاستهلاك وهبوط الإنتاج المحلي. وقد غير اكتشاف حقل الظهر الضخم من وضع الطاقة في مصر بصورة كبيرة، وهي مهيأة لأن تصبح وجهة غاز إقليمية.

وفي الثامن من شهر فبراير الماضي، أعلنت شركة "ايني" عن اكتشاف حقل غاز كاليبسو في "ايز" قبرص الذي يؤكد امتداد حقل غني على غرار الظهر. وكانت هذه الحصيلة مهمة بشكل خاص بالنسبة الى نيقوسيا، لكونها تجعل من الممكن بقدر أكبر تطوير الغاز القبرصي بصورة مستقلة.

أما الاكتشافات السابقة مثل أفروديت فقد اعتبرت صغيرة جداً بحيث تحتاج الى اضافتها الى غاز غير قبرصي لتصبح مربحة. وتشكل علاقات قبرص الصعبة مع تركيا وسكان شمال الجزيرة الأتراك عقبة جدية أمام التطوير السريع لحقول الغاز فيها.

التشدد التركي

فيما أعلنت معظم الدول الساحلية اكتشافات متعددة، فقد تخلفت تركيا عن ذلك. وكانت أنقرة فرضت ضغوطاً على استكشاف الغاز في المياه القبرصية لسببين: الأول مطالبتها بأن يستفيد السكان الأتراك في الجزيرة من انتاج الغاز، والثاني أن الأتراك يطالبون بأجزاء معينة من المنطقة الاقتصادية الحصرية في قبرص بسبب الامتداد الواضح للجرف القاري.

ولهذا السبب أقدمت زوارق البحرية على منع سفينة استكشاف مستأجرة من قبل شركة ايني في شهر فبراير الماضي من العمل في الكتلة رقم 3.

وكانت "اكسون" وقطر للبترول قد وحدتا جهودهما الاستكشافية في الكتلة رقم 10، وقالت الحكومة التركية في بيان، إن "عملية استكشاف اكسون موبيل للغاز فيما يدعى الكتلة 10 المرخصة من قبل جنوب قبرص لا تسهم في استقرار ذلك البلد أو المنطقة، وربما تغير موازين محددة وحساسة بالنسبة الى حل القضية القبرصية".

وعلى أي حال حذرت واشنطن تركيا في عدة مناسبات من عرقلة أعمال نيقوسيا المشروعة.

وقال مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية ويس ميتشل، إن "وجهة نظر تركيا ازاء جهود استكشاف الغاز والحفر في قبرص تمثل أقلية ولن تأخذ الولايات المتحدة وجهة نظر ودية ازاء أي مضايقة في المياه القبرصية، خصوصا إذا اشتملت على زوارق أميركية".

وعلى الرغم من حدة النبرة التركية التي استهدفت شركات الطاقة الدولية فإن شركة قطر للبترول لم يشملها غضب أنقرة لثلاثة أسباب: الأول هو أن اكسون موبيل هي الشركة القيادية فيما قطر للبترول شريك أصغر. والثاني أن سفن الاستكشاف تعود الى اكسون التي لا تتحكم الدوحة كثيراً بها. وأخيراً والأكثر أهمية هو أن الحفر يجري في واحدة من المناطق القليلة التي لا تطالب أنقرة بها.

وعلى أي حال، فإن معارضة تركيا لمشاركة قطر تجري وراء أبواب مغلقة. وما دامت الدوحة لا توسع تعاونها في مناطق يعتبر تجاهلها من جانب أنقرة أكثر صعوبة فإن الأتراك سيتمكنون من التغاضي عن تعاون قطر للبترول مع اكسون. والأكثر من ذلك أن تركيا تعلم أيضاً أن عليها عدم تخطي سيادة الدوحة. وقد نشأ التعاون الوثيق بين البلدين اثر مقاطعة السعودية ودول أخرى لقطر، لذلك فإن أنقرة ستظل في الوقت الراهن معارضة لإنتاج الغاز في المياه القبرصية فيما تتفادى المواجهة مع قطر بشأن مصالحها الاقتصادية.

* فاناند ميليكسيتيان

(أويل برايس)

back to top