كيف حل ترامب أزمة كوريا الشمالية بعدم حلها؟

نشر في 08-01-2019
آخر تحديث 08-01-2019 | 00:00
 سلايت مرت سنة على تغريد ترامب أن "زره النووي أكبر وأكثر قوة بكثير" مما يملكه كيم يونغ أون. جاء هذا رداً على تحذير الزعيم الكوري الشمالي في خطابه بمناسبة رأس السنة الجديدة عام 2018 أن على الولايات المتحدة التنبه لأن "الزر النووي يبقى على طاولة مكتبي طوال الوقت".

يشير ما عنونته صحيفة نيويورك تايمز أخيراً إلى أن ترامب وكيم "عادا إلى الخانة الأولى"، وفق كل المعايير، حتى معياره الخاص خلال سنته الأولى في سدة الرئاسة، يشكّل تقرّب ترامب من كوريا الشمالية إخفاقاً، فما زالت أسلحة كيم تهدد جيرانه وربما (بالاستناد إلى فاعلية صواريخه الطويلة الأمد المشكوك فيها) الولايات المتحدة أيضاً، كذلك تراجعت قدرة الولايات المتحدة على التأثير في كيم عما حظيت به قبل سنة. صحيح أن العقوبات الأميركية والدولية ما زالت قائمة، إلا أن الضغوط التي تتعرض لها الدول الأخرى لتطبيقها انخفضت كثيراً، حتى إن تطبيق شريكَي كوريا الشمالية التجاريين الرئيسين، الصين وروسيا، لهذه العقوبات بات ضعيفا جداً.

لطالما شدد ترامب على أنه الوحيد القادر على التوصل إلى صفقة مع كيم، وهو مصيب من ناحية ما، مع أن لا دخل لذلك بمهاراته في التفاوض، فمن الصعب تخيل أن تسعى الرئيسة هيلاري كلينتون أو الرئيس بوش الابن إلى الترويج بين الشعب وفي الكونغرس "لصفقة" تسمح لكيم بالاحتفاظ بترسانته النووية وتخفف من تطبيق العقوبات مقابل ما لا يتعدى وقف تجارب الصواريخ الاستفزازية وبعض الخطوات الرمزية.

بالإضافة إلى ذلك، ما كان أي رئيس آخر ليعلن النصر بعد تنازلات مماثلة لا قيمة لها من كيم، وما كان أي رئيس آخر ليلتقي كيم في المقام الأول، ولكن في المقابل، من غير المرجح أن يحظى أي رئيس آخر بفرصة أفضل لحض كيم على التخلي عن أسلحته من دون شن حرب تحصد أرواح الملايين.

تكنولوجيا الأسلحة النووية أقدم من التلفزيون الملوّن، وفي هذه المرحلة صار بإمكان أي بلد يرغب حقاً في تطوير أسلحة نووية ومستعد لتحمل ما ينجم عن ذلك من عقوبات وتنديد دولي بلوغ هذا الهدف، وكوريا الشمالية تريد مكانة مماثلة لما بلغته دول مثل إسرائيل، وباكستان، والهند: امتلاك ترسانات تمثّل انتهاكاً للأعراف الدولية إلا أنها تُعامل عموماً كواقع قائم لا يستطيع أحد تبديله. إذاً، شملت مهمة ترامب الضخمة، سواء كانت متعمدة أو لا، دفع الشعب الأميركي إلى القبول بكوريا الشمالية كقوة نووية بحكم الواقع.

بدا طوال الجزء الأكبر من السنة الماضية أن هذه المناورة لن تدوم، فقد كثرت الحجج بأن ترامب سيشعر عاجلاً أو آجلاً بالاستياء نتيجة غياب التقدم نحو نزع الأسلحة النووية ليعود مجدداً إلى إطلاق النعوت والتهديدات، لكن هذه تستخف بقدرة ترامب على دفع داعميه إلى التشكيك بالوقائع، ورفضه القبول بالهزيمة، وعدم رغبة الآخرين في زعزعة الوضع القائم المستقر نسبياً.

لم تتمحور دبلوماسية ترامب بشأن كوريا الشمالية حول هذا البلد بحد ذاته بقدر تركيزها على جمهوره المحلي، وكما ذكر زميلي ويل سالتن قبيل لقاء سنغافورة، شكّلت الصفقة "خدعة وأنت الهدف"، إذ أعلن ترامب بكل بساطة أن الأزمة النووية الكورية الشمالية ستنتهي قريباً وواصل التصرف كما لو أن هذا ما حدث، مثنياً مراراً على كيم لصداقته ومتجاهلاً غياب التقدم في المسألة النووية، معتبراً إياها عقبات صغيرة يمكن حلها بمرور الوقت.

قد يرفع النقاد أصواتهم منددين بترامب لنسبه الفضل إلى نفسه في إنجاز نووي لم يتحقق، لكن عملية الترويج هذه التي يتبعها ترامب حظيت بدعم من أشهر من تغريدات "النار والغضب" و"الزر الكبير"، فلا يبدو الوضع الراهن مثالياً، إلا أنه لا أحد يرغب حقاً في العودة إلى ما كانت عليه الأحوال قبل سنغافورة.

* جوشوا كيتينغ

* "سلايت"

back to top