خاص

أسلحة قاتلة بلا حظر... والضحايا في ارتفاع!

النائب العام لـ الجريدة•: نؤيد تجريم حيازة الأفراد الآلات الخطيرة في المجمعات والمرافق للحد من جرائم الاعتداء على النفس

نشر في 08-01-2019
آخر تحديث 08-01-2019 | 00:06
أسلحة قاتلة، لكنها غير مجرمة قانوناً بدعوى أنها تستخدم في حياتنا اليومية، ومجرد استعمالها لا يمكن أن يكون سبباً لتحويل مستخدميها إلى مجرمين مطاردين من القانون وينبغي توقيفهم أمنياً لمجرد حيازتها، وفي المقابل، حيازتها واقتناؤها في الأماكن غير المبررة لذلك باتا يمثلان خطراً على حياتنا، إذ أصبحت تلك الأسلحة أدوات رئيسية وسبباً مباشراً لارتكاب العديد من الشبان والمراهقين جرائمهم وممارسة العنف في المجمعات التجارية والمرافق، فأصبح أمر تجريمها ضرورة يحتمها الواقع العملي والقانوني.
من المآسي الدامية، ما جرى مع أفراد أسرة «أحمد . ش» بينما كانوا يتسوقون في عطلة نهاية الأسبوع بأحد المجمعات التجارية المكتظة، حدث أن اصطدمت مجموعة من المراهقين الموجودين في المجمع بأحد أشقاء أحمد الذي وقع على الأرض من قوة الدفع، فما كان من أحمد إلا محاولة ردعهم ولومهم على ذلك.

وبينما استمرت الأسرة في التسوق، فوجئ أحمد بتعرضه لركل وضرب من الشبان دون أن يتمكن من إبعادهم، وما إن حاول المارة في المجمع تفريقهم وفض المشكلة، حتى باغت أحدهم أحمد بضربة على رأسه وقع على إثرها على الأرض وهو ينزف سيلاً من الدم، في حين لاذ الشبان بالفرار، في مشهد مروع لم تتوقعه الأسرة ولا مرتادو المجمع التجاري!

وفي حين سعت أسرة أحمد لنقله إلى المستشفى، أبلغت إدارة المجمع التجاري أجهزة الأمن بشأن الواقعة وما ارتكبه الشبان من اعتداء آثم وغير مبرر، بعدما زودتها بمقاطع كاميرات التصوير المنتشرة، وما هي إلا ساعات انقضت حتى ألقى رجال الأمن القبض على الشبان، وأحالتهم إلى جهات الاختصاص في حين كان أحمد يخضع في غرفة العمليات لجراحة في رأسه لا يعلم أي مصير ينتظره بعد هذه الواقعة؟!

وأحمد لم يكن الشخص الأول الذي يتعرض لإحدى جرائم الضرب باستخدام الآلات الحادة أو الصلبة من مراهقين مدججين بالأسلحة البيضاء، ممن يجولون في الشوارع أو المجمعات وحتى الدوائر الحكومية، دون أن يعيروا القانون أي اهتمام، ولم تكن أسرته الأولى التي تراقب الوضع الصحي لابنها عن كثب، مترقبة الحال الصحي الذي وصل إليه، بل هو واقع مرّ يعانيه العديد من ضحايا الضرب بالآلات الحادة وأسرهم نتيجة عنف بعض المراهقين واستهتارهم بأرواح الناس ولا مبالاتهم بأحكام القانون.

وبينما ترتفع معدلات ارتكاب جرائم العنف بن الشباب ويزداد عدد الضحايا، يقف القانون عاجزاً عن محاكمة السلوك العدواني لدى بعض الشباب لمجرد أنه سلوك داخلي، ونوايا لا يمكن إخضاعها للمحاكمة، على الرغم من أن بعض الشباب يحمل تلك الأداة تباهياً بها واستعراضاً بحيازتها، وما هي إلا لحظات حتى يسارع لإخراجها لضرب ضحية جديدة فيصيبه بمقتل أو عاهة مستديمة أو أذى بليغ فيحدث ضرراً في غيره ويواجه مصيره إلى السجن منتظراً حكماً بالمؤبد أو الإعدام!

مساهمة

ومجمل ذلك، أثار العديد من التساؤلات حيال عدم تجريم القانون حيازة تلك الأدوات أو الآلات في محاولة منه للحد من الجرائم، إذ إن تجريم حيازة الآلات والأدوات الحادة والصلبة في غير الأحوال المعتادة من شأنه المساهمة في الحد من الجرائم بين الشباب وممارسة العنف، لأن تلك الأسلحة تمثل عاملاً مساهماً في إحداث الأضرار التي تقع على الضحايا، وتؤدي إما إلى وفاتهم أو إحداث عاهات مستدامة بهم أو إصابات جسيمة تعوقهم من ممارسة أعمالهم، مما يوجب على المشرع ممثلاً بمجلس الأمة تجريمها؟

«الجريدة» استطلعت في هذا الشأن آراء قانونيين في السلطة القضائية، وأساتذة قانون، وأكدوا ضرورة إصدار قانون يجرم حيازة الأدوات والآلات الخطيرة في المجمعات التجارية والمرافق والجهات الرسمية في الدولة.

النيابة

بدوره، أكد النائب العام المستشار ضرار العسعوسي تأييد النيابة العامة فكرة تجريم حيازة الآلات والأدوات الخطيرة في المجمعات التجارية والأماكن العامة والمرافق الحكومية، حيث من غير المعتاد حملها للدخول إليها، لافتاً إلى أن الآلات الخطيرة التي يتم تجريم حيازتها على سبيل المثال لا الحصر الآلات الحادة كالسكاكين بأنواعها والخنجر والسيف والآلات الصلبة، كالعصى وقطع الحديد بأنواعها.

وأضاف المستشار العسعوسي، أن من الممكن أن تكون العقوبة مخففة لمجرد حيازة الآلات والأدوات الخطيرة، على أن يتم تشديد العقوبة إذا ما استخدمها الجاني في جريمة محددة أو الشروع فيها، لافتاً إلى أن هذا التجريم يهدف إلى الحد من جرائم الاعتداء على النفس، والتي تقع في بعض المجمعات التجارية والأماكن العامة والمرافق الحكومية باستخدام آلات وأدوات خطيرة لا يتصور حملها فيها وكانت لدى الفاعل النية لارتكاب جريمة أو فعل غير مشروع فيها.

الأسلحة البيضاء

من جانبه، قال عميد كلية الحقوق بجامعة الكويت د. فايز الظفيري، إن تجريم الأسلحة البيضاء التي تكون على شكل سكاكين أو آلات حادة حالياً غير متصور لصعوبة تجريمها أو دخولها في الأعمال التنفيذية لمجرد حملها وحيازتها، لأن حملها قد يفسر لعدة مسائل مشروعة بالتالي من غير الممكن أن ندخلها ضمن الحيازة غير المشروعة بحد ذاتها وهي لا تعتبر كالسلاح بدون ترخيص لأنها قابلة للتفسير لأكثر من تصور أو تفسير.

وأضاف الظفيري: لكن نتيجة استخدامها من الشباب استخدامات متعددة ومتنوعة وعلى نحو غير مشروع كحملها من شخص يرتاد مكاناً ترتاده الأسر والعائلات ويحمل سلاح سكين أو»رنغ» فهو أمر يدعو إلى التجريم، خصوصاً أنها مسائل تزايدت أخيراً، ولابد من تدخل تشريعي لتجريم حيازتها في هذه الأماكن، وندعو إلى تجريم الحيازة الشخصية داخل المحلات والمطاعم والمرافق التي ترتادها الأسر.

وأوضح أن جعل استخدام الأسلحة البيضاء كظرف مشدد صعب بحد ذاته لأن السلاح إذا ما تم استخدامه في ارتكاب الجريمة فيحاسب الشخص على الجريمة، التي ارتكبها فلا تستطيع المطالبة بمحاسبة الشخص على القتل ثم محاسبته أيضاً على طبيعة السلاح المستخدم لأنها مسألة من الصعوبة بمكان تخيلها، وما يمكن فعله هو تجريم حيازتها كالأسلحة، مثل المسدس.

ورأى ضرورة تجريم حيازة الأسلحة البيضاء في المجمعات والأسواق لأنه لا يتصور أن يسمح المشرع ترخيصها في الأسواق، ودعا إلى تجريم حملها وحيازتها حيازة شخصية والدخول بها في الأماكن التي توجد فيها الأسر أو حيازتها في الأماكن، التي من غير المتصور استخدامها فيها، وبأن يترك المشرع الأمر للقاضي للنظر في المكان وفي طريقة حمل هذا السلاح لاتخاذ أمر التجريم.

أمن المجتمع

من ناحيته، قال رئيس تحرير مجلة «الحقوق» وأستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. فيصل الكندري إن المشرع يهدف دائماً عند تجريمه لفعل إلى حماية مصلحة معينة، بعد أن أخل ذلك الفعل بأمن ونظام المجتمع، لافتاً إلى أن هناك مشروع اقتراح بقانون وافقت عليه اللجنة التشريعية في مجلس الأمة أخيراً بشأن تجريم حمل الأسلحة البيضاء في أماكن معينة وفي أوقات معينة مع تشديد العقوبة عند استعمالها ويأتي ذلك بغية حماية مصلحة ضبط الأمن في الأماكن العامة بعد ازدياد حمل الأسلحة البيضاء في تلك الأماكن بل واستعمالها أيضاً، نتج عنها سقوط ضحايا أبرياء لأسباب تافهة واضطراب الأمن في الأماكن العامة.

انتشار الجرائم

وأوضح د. الكندري أن الغرض من هذا الاقتراح هو الحد من ظاهرة انتشار الجرائم المرتكبة باستخدام الأسلحة البيضاء، والتي اقلقت المجتمع الكويتي، ووقع بسببها ضحايا أكثرهم من الشباب والمراهقين. ويعد تجريم حمل الأسلحة البيضاء عند إقراره من القوانين الوقائية، التي يهدف فيها المشرع منع ارتكاب الجريمة باستعمال تلك الأسلحة بعد أن ظهر له أن مجاميع شبابية تدخل الأسواق حاملة تلك الأسلحة أو في سياراتهم.

اللائحة

وأما تعريف الأسلحة البيضاء وفق ما جاء في الاقتراح بقانون بأنها كل أداة قاطعة أو ثاقبة أو مهشمة أو راضة كالسيوف والخناجر والرماح وغيرها. وقد أحسن الاقتراح دون تحديد أنواع الأسلحة البيضاء على سبيل الحصر وإنما حدد مواصفاتها. وقد جاء الاقتراح بتفويض بوضع اللائحة التنفيذية للقانون من أجل تنظيم استيراد وتصدير أنواع معينة من الأسلحة البيضاء التي عرفها الاقتراح بقانون.

الدراسات قبل التشريع

أما أستاذة القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. نورة العومي فأشارت إلى أن المشرع الإنكليزي جرم حيازة الأسلحة البيضاء في الأماكن العامة من غير ترخيص أو لسبب مشروع منذ عام 1953، ومن صور الأدوات الممنوع حيازتها بالأماكن العامة هي «العصا والمطرقة والسكين والقبضات الحديدية» ويكون للضبطية القضائية الحق في استيقاف وضبط الشخص من دون تصريح لأي شخص مشتبه فيه يحمل هذه الأدوات الخطيرة في الأماكن العامة.

وقالت العومي، إن الدراسات الإحصائية أثبتت أن العقوبات ساهمت في الحد من الجريمة، لافتة إلى أن التجريم بحد ذاته غير كافٍ للحد من المشكلة المطلوب أولاً دراستها ومعرفة أسبابها «كالفقر والمخدرات والحالة الاجتماعية والمشكلة بالتربية» كما أن الدراسات الاجتماعية من المهم النظر إليها أولاً قبل وضع القواعد القانونية حتى تكون بناء على دراسات، وأذكر أن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير شدد عام 1998 على عقوبة الحدث ووضع عقوبات صارمة بحقه، مما ساهم بالفعل في الحد من الجريمة وكان ذلك بعد دراسات اتبعت قبل اتخاذ التشريع اللازم لها.

التجريم يجب أن يشمل الأدوات الحادة أو الصلبة ومن غير المعتاد حملها للدخول إلى المرافق العسعوسي

العقوبة تكون مخففة عند حيازتها وتشدد إذا استخدمت في جريمة أو الشروع فيها

تجريم حيازتها عند الدخول إلى أماكن محددة ولا يمكن تشديدها عند استخدامها في الجريمة الظفيري

حملها نتج عنه سقوط أبرياء لأسباب تافهة وأدى إلى اضطراب الأمن في الأماكن العامة الكندري

إنكلترا جرمت حيازتها منذ 1953 وأدى ذلك إلى تراجع معدلات الجريمة العومي
back to top