آمال : ابتسامتها!

نشر في 03-01-2019
آخر تحديث 03-01-2019 | 00:25
 محمد الوشيحي بعد غياب، فاجأتها بحضوري... التفتت نحوي بحاجبين رفعتهما الدهشة... تبسمتُ لها، فقاومت دموعها المتيبسة على خدها، وردّت على الابتسامة بابتسامة تائهة تُخجل الموناليزا وتحيّر دافينشي.

جلستُ إلى جانبها. همست في أذنها بعد أن وضعت يدي خلف كتفها الأقصى واحتضنتها: ما فات مات، تفاءلي! بصوت مخنوق تمتمت: "أنا لا أبكي، يا محمد على الماضي القريب، ولا حتى على الحاضر البائس، بل على المستقبل". وأكملت بصوت حزين يحمل هماً لا تطيقه الجبال: "يااا لبشاعة المستقبل يا محمد... يا لكآبته. هل تدرك ما الذي سيحدث؟ هل تعرف أن...". قاطعتُها بصوت يتصنع البهجة والحيوية: "تتحدثين عن تهالك البنى التحتية في الدولة؟ عن السرقات التي تتم في الشارع، في الساعة الحادية عشرة نهاراً؟ عن تسلم اللصوص بعض مفاصل الدولة، وغير ذلك؟ هذه كلها أشياء وقتية ستزول، وسنستعيد توازننا ونحاسب هؤلاء"... هزت رأسها وهي تردد بصوتها الحزين: "لا، لا، لا أتحدث عن ذلك".

واصلتُ الحديث بصوتي المتصنع: "تتحدثين عن سلطة الشعب التي تسللت من بين يديه، ولم يبق له إلا صورة عبدالله السالم، وهو يتسلم نسخة من الدستور، معلقة على جداره؟ صدقيني، غداً سيستعيد الشعب سلطته. أنتِ تعرفين أن تطور المجتمعات وتخلفها عبارة عن منحنى رياضي، يرتفع مرات و..."، قاطعتني، هذه المرة، بصرخة أربكتني: "لا. أنا لا أتحدث عن ذلك. لا أتحدث عن الدستور ولا البرلمان ولا مجلسكم الصوري ولا القانون الذي جردتموه من ثيابه وسلختم لحمه، ولا ولا ولا... أنا أتحدث عن تناحركم، عن سقوط مبادئكم ومُثلكم، عن هشاشتكم التي يراها حتى الكفيف، عن احترامكم للص والنذل والخائن وسقط القوم، ونسيانكم أحراركم وأشرافكم، عن قبولكم بأن أكون أنا في مؤخرة الدول شكلاً ومضموناً، وأنتم في مؤخرة الشعوب".

قالت ذلك ثم صمتت، قبل أن تستعيد تمتمتها: "لا أريد التحدث أكثر. الحديث يبكيني، وأنا تعبت من البكاء"... مددتُ يدي لأمسح دموعها فدفعَت يدي ببطء وحزم، وأطرقت. فقبلتُ رأسها وغادرتها مخفياً دموعي.

آه يا كويت. آه أيتها الفاتنة الحزينة. آه أيتها الشابة الحيوية التي شاخت بسرعة وتجعدت ملامحها بفعل فاعل. قاتل الله من أبكاك، وكسر قلب من كسر قلبك. آمين.

back to top