ما سر الشباب الدائم؟!

نشر في 28-12-2018
آخر تحديث 28-12-2018 | 00:07
 محمد العويصي يحكى أنه كان هناك أمير يحكم أحد البلدان، وكان لديه حكيم ذكي، وكان هذا الأمير يحلم بأن يبقى شاباً قوياً، وألا تصل إليه الشيخوخة، فطلب من حكيمه أن يأتيه بدواء يطيل العمر ووعده بأن يعطيه كل ما يريد إذا أحضر له طلبه. ذهب الحكيم يبحث في المدن والقرى عن دواء يطيل العمل ويبقي الإنسان في مرحلة الشباب، وبعد سنين من البحث وبعد أن زار الكثير من المناطق لم يصل إلى نتيجة مُرضية.

ولكنه عندما مر بقرية وسأل أهلها عن عشبة أو أكلة تطيل العمر، نصحه أهلها بأن يذهب إلى أعلى الجبل، حيث يسكن هناك أخوان ربما يجد عندهما ما يريد.

ذهب الحكيم إلى حيث يعيشان، ووصل إلى هناك قبل الغروب بقليل، كان البيت الأول صغيراً والأشياء من حوله مبعثرة، وأمام الباب يجلس شيخ كبير، سلم عليه الحكيم، فرد الشيخ على سلامه ورحب به. ثم طلب الحكيم منه أن يسمح له بالمبيت عنده حتى الغد، وقبل أن يتكلم الشيخ جاء صوت من داخل البيت، فإذا هي زوجته تقول: ما عندنا مكان للضيوف، ابحث لك عن مكان آخر، فطأطأ الشيخ رأسه خجلاً واعتذر للحكيم.

توجه الحكيم إلى البيت الآخر، فإذا هو في غاية الجمال والنظافة والترتيب وتحيط به أنواع الزهور والنباتات الجميلة بالإضافة إلى أصوات الطيور والبلابل. وإذا بشاب جميل الوجه والملبس ينتظره ويرحب به، ونادى على زوجته، فقال: اليوم لدينا ضيف، فرحبت به الزوجة أجمل ترحيب.

في اليوم التالي أفصح الحكيم للرجل عن سبب زيارته لهم، وسأله: لماذا أنت في صحة جيدة وشباب بينما أخوك الأكبر قد شاب وهرم؟ فضحك الرجل، وقال له: أنت مخطئ، هو أخي الصغير، وأنا أكبر منه بعشرين سنة!

تعجب الحكيم وزاد ولعه لاكتشاف سر بقاء الرجل في مرحلة الشباب هذه، وطلب معرفة ذلك مقابل أي شيء يطلبه، فوعده الرجل بذلك، ولكن بعد أن يتناولا طعام الغداء.

في الغداء قدم الرجل وزوجته أفضل الطعام، ثم جلسا الرجل والضيف تحت شجرة تطل على الوادي، وطلب الرجل من زوجته أن تذهب إلى بستانهما الذي يقع أسفل الوادي، وأن تحضر لهما بطيخة. ذهبت الزوجة، والرجلان ينظران إليها، وبعد ساعة جاءت ببطيخة، نظر زوجها إلى البطيخة، وأخذ يضرب عليها، ثم قال لها: لا يا زوجتي العزيزة أرجو أن ترجعي هذه البطيخة وتأتي لنا بواحدة أخرى، فقالت: على عيني!

ذهبت إلى أسفل الوادي، ورجعت ببطيخة أخرى، لكن زوجها لم يقتنع بها وأرسل زوجته مرة ثانية، وذهبت بكل رحابة صدر، ونزلت إلى الوادي وجاءته ببطيخة، وفي هذه المرة بعد أن تفحص زوجها البطيخة فتحها وأكلوا منها.

أعاد الحكيم السؤال وطلب معرفة الأكلة أو العشبة التي تحافظ على الشباب.

فأجابه الرجل: إنها ليست أكلاً أو عشبة، بل السر في صحتي وشبابي هي زوجتي!

منذ تزوجتها لم أجد منها غير الحب والرحمة والحنان والاحترام والتقدير والسمع والطاعة، هل تعلم يا حكيم أنه لم تكن في بستاني غير بطيخة واحدة، وأنها نزلت إلى الوادي ثلاث مرات، وكانت في كل مرة تأتي لنا بتلك البطيخة نفسها، ولكنها لم تمتعض أو تبدي أي علامة تنقص من شأني أمامك!

تعجب الحكيم من هذه المرأة، وأيقن أن السعادة وراحة البال والصحة والشباب تصنعها الزوجة الصالحة بمحبتها وعطفها واهتمامها ورعايتها لزوجها وتلبية طلباته، وليست الأدوية والأعشاب.

نعم، الزوجة الصالحة هي مصدر سعادة الرجل وراحة باله، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً".

كما يقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: "أربع من السعادة"، وذكر منها المرأة الصالحة التي إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك.

ويقول سقراط لأحد تلاميذه: "يا بني تزوج فإن رزقت بزوجة صالحة صرت أسعد مخلوق في الكون".

نعم عزيزي القارئ الزوجة الصالحة تعيش معها في سعادة وهناء وراحة بال، وسيظهر ذلك على وجهك حين يراك الناس مبتسماً بشوشاً تحب الخير للغير، أما إن كانت زوجتك شريرة (نسرة) فإنك ستشيب قبل أوانك.

لذا نصيحتي لكم أيها الشباب بحسن الاختيار قبل الزواج والسؤال عن الأم قبل كل شيء لأن المثل الكويتي يقول: "اسأل عن أمها قبل لا تضمها".

back to top