إعلانات مشاهير «السوشيال ميديا» بلا تراخيص والقوانين تجرّمها بالغرامة والحجب!

• قانون التجارة يعتبرها أعمالاً تجارية... و«التراخيص» يمنع ممارسة الأنشطة دون موافقة!
• «الإعلام» و«التجارة» مطالبتان بتفعيل القوانين بحق المسوقين للإعلانات التجارية بشبكات التواصل

نشر في 25-12-2018
آخر تحديث 25-12-2018 | 00:04
No Image Caption
رغم تمسك مشاهير السوشيال ميديا في التحقيقات، التي تجريها معهم الجهات الرقابية المالية والأمنية، بأن مصدر الأموال الموجودة في حساباتهم الشخصية هو الإعلانات التجارية، فإن قانون التراخيص التجارية والإعلام الإلكتروني يكشف عن وقوع هؤلاء المشاهير تحت طائلة المساءلة هم وكل الحسابات الإعلانية التجارية العاملة في الكويت قانونيا، لمخالفتها أحكام القانون وإمكان تعريض أصحابها للغرامات التي تصل إلى 5 آلاف دينار والحجب، لعدم حصولهم على رخص تجارية للعمل بالإعلانات التجارية.

وفي الوقت الذي تواصل الجهات الرقابية التحقق من مصادر أموال عدد من مشاهير السوشيال ميديا المشتبه في تضخم حساباتهم المصرفية، على خلفية البلاغ المحال ضد أكثر من 15 منهم إلى وحدة التحريات الرسمية من عدة بنوك؛ تثور جملة من التساؤلات القانونية حول تكييف الاعمال التي يمارسها هؤلاء المشاهير، خصوصا أن عددا منهم أعلن أن تلك الأموال متحصلة من الاعلانات التجارية، وأنهم يعملون مع عدة شركات.

وبينما يتمسك عدد من مشاهير السوشيال ميديا بعدم تنظيم القانون للأعمال التي يقومون بها، بدعوى أنها تكون بواسطة حساباتهم الشخصية، فإن الواقع العملي يكشف مفاجأة من العيار الثقيل، وهي أن القانون ينظم اعمال مشاهير السوشيال ويجرم الاستمرار فيها من دون الحصول على ترخيص، بل ويمكن المحاكم الجزائية من حجبها كجزاء، لكن الواقع العملي يكشف امتناع الجهات الرقابية في الدولة ممثلة بوزارتي الاعلام والتجارة عن اتخاذ تلك الإجراءات.

تثار جملة من التساؤلات عن القانون المجرّم لأعمال مشاهير السوشيال ميديا للعمل بدون ترخيص في مجال الاعلانات التجارية؟ وتكون الاجابة على ذلك بأن التشريعات الكويتية ممثلة بقانون الرخص التجارية وكذلك قانون التجارة، فضلا عن قانون الإعلام الالكتروني هي القوانين التي تنظم عمل مشاهير السوشيال ميديا في الكويت.

وبالنسبة لقانون التجارة فأحكامه تنطبق على مشاهير السوشيال ميديا بوصف الأعمال التي يمارسونها بالتجارية، حيث نصت المادة الأولى من قانون التجارة رقم 68 لسنة 1980 على أن «تسري أحكام هذا القانون على التجار، وعلى جميع الأعمال التجارية التي يقوم بها أي شخص، ولو كان غير تاجر»، كما نصت المادة «3» على أن «الاعمال التجارية هي الأعمال التي يقوم بها الشخص بقصد المضاربة، ولو كان غير تاجر».

قانون التجارة

كما أكدت المادة 5 من ذات القانون على أن «تعد أعمالا تجارية الأعمال المتعلقة بالأمور الآتية، بقطع النظر عن صفة القائم بها أو نيته: 14- الطبع والنشر والصحافة والإذاعة والتلفزيون ونقل الأخبار أو الصور والإعلانات وبيع الكتب».

ويدل المعنى الوارد في أحكام قانون التجارة ان المشرع حدد تعريفا للعمل التجاري بمعنى عام في المادة 3، ومعنى خاص في المادتين 4 و5، فاعتبر العمل تجاريا في أحكام المادة 3 على كل من يهدف إلى المضاربة، حيث نصت على أن «الأعمال التجارية هي الأعمال التي يقوم بها الشخص بقصد المضاربة، ولو كان غير تاجر»، في حين حدد بأحكام المادتين 4 و5 الاعمال التجارية على سبيل الخصوص، ومن بينها الاعلانات التجارية في حكم المادة 5 من القانون، ومن ثم فإن المشرع قطع بأن الاعلانات التجارية تعد اعمالا تجارية.

كما أكد المشرع في أحكام المادتين 12 و13 من ذات القانون أن العقود التي تبرم بهذه الإعلانات هي عقود تجارية، إذ نصت المادة 12 على أنه «إذا كان العقد تجارياً بالنسبة إلى أحد العاقدين دون الآخر، سرت أحكام قانون التجارة على التزامات العاقد الآخر الناشئة من هذا العقد، ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك»، في حين نصت الفقرة الأولى من المادة 13 من ذات القانون على أن «كل من اشتغل باسمه في معاملات تجارية وهو حائز الأهلية الواجبة، واتخذ هذه المعاملات حرفة له، يكون تاجراً».

كما يحظر قانون التراخيص التجارية رقم 111 لسنة 2013 ممارسة العمل التجاري إلا بعد الحصول على التراخيص اللازمة سواء للشخص الطبيعي أو الشخص الاعتباري، بالتالي جاز لوزارة التجارة التأكد ممن يمارس العمل التجاري الحصول على التراخيص اللازمة التي حددت أحكام القانون ولائحته التنفيذية شروطها وبياناتها اللازمة وتوضع العقوبات على من يمارس تلك الأعمال من دون الحصول على التراخيص اللازمة.

المضاربة

وبإنزال تلك الأحكام على مشاهير «سوشيال ميديا»، فإن كشفهم بأن تلك الأموال المتضخمة بحساباتهم المصرفية الشخصية أو التي ظهرت على نحو غير مألوف مع الأعوام السابقة هي نتيجة الأموال من أعمال الإعلان التجاري والدعاية على اثر التعاقدات التي يبرمونها مع شركات تجارية، فإن الأعمال التي يمارسها مشاهير السوشيال ميديا هي أعمال تجارية وفق صحيح أحكام المادتين 3 و5 من قانون التجارة الكويتي، لأنهم يهدفون إلى المضاربة والربح، ولأن طبيعة أعمال الإعلانات اعتبرها القانون صراحة بأنها أعمال تجارية، كما أن العقود والمعاملات، التي أبرمها مشاهير السوشيال ميديا هي معاملات تجارية تنطبق عليها أحكام قانون التجارة حتى ولو كانوا غير تجار صراحة، لأن من تعاملوا معهم أيضاً هي شركات تجارية وطبيعة التعاملات هي إعلانات للترويج والتسويق وبالتالي تندرج ضمن الأعمال التجارية وفق صريح قانون التجارة.

الضبطية القضائية

وعليه، فان للجهات الرقابية بوزارة التجارة أن تطلب من مشاهير السوشيال ميديا الحصول على تراخيص عن طريق موظفي الضبطية القضائية المحددين لذلك ولها التنسيق مع إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية لطلب استدعاء أصحاب الحسابات الإعلانية والتسويقية عبر كل شبكات التواصل الاجتماعي المتعددة، وفي حال ثبوت ممارستهم لأعمال الإعلانات والدعاية التجارية والمضاربة بأعمال التسويق من دون الحصول على التراخيص الواردة بالقانون يتعين إحالتهم إلى جهات التحقيق بالمخالفة لأحكام قانون التراخيص التجارية لممارستهم العمل التجاري للاعلان من دون الحصول على التراخيص اللازمة، والتي تعد من قبيل جنح الشؤون التجارية التي تختص بها محاكم الجنح التجارية.

ويأتي اختصاص وزارة التجارة بتطبيق أحكام قانون التجارة وقانون التراخيص التجارية على مشاهير السوشيال ميديا، الذين يمارسون أعمال الدعاية والإعلان التجاري على اعتبار أن تلك القوانين تتضمن أحكاماً عامة، ولم يمنع القانون تطبيقها على أي فئات بذريعة أنها تمارس أعمالها على مواقع الإنترنت، خصوصاً أن تلك القوانين أعملت تطبيقها على الجميع أفراداً كانوا أم شركات مهما كانت الوسيلة التي يتبعونها في الإعلان أو التسويق طالما كانت الغاية هي المضاربة التجارية والربح.

صورة ضوئية من خبر «الجريدة» الذي نشرته حول تضخم الحسابات المالية لبعض مشاهير «السوشيال ميديا»

ورغم إمكانية تطبيق أحكام قانون التجارة والتراخيص التجارية يمكن لوزارة التجارة التعديل على القرار الوزاري رقم 330 لسنة 2017 بشأن منح الرخص التجارية للأعمال الحرة متناهية الصغر استثناء من أحكام قانون التراخيص التجارية وبإمكان إضافة تراخيص الدعاية والإعلان للراغبين في العمل وفق أحكام القانون إذا رغبوا بالعمل في منازلهم وفق آلية عمل الحرف والأنشطة المسموح بها بالقرار الوزاري للأعمال متناهية الصغر، وذلك بعد التنسيق مع وزارة الإعلام التي تشترط الحصول على موافقتها لهذا النشاط، وفي حال رفضت «التجارة» ذلك وجب عليهم الإسراع إلى تعديل وضعهم القانوني بالترخيص التجاري وإلا أجاز القانون مساءلتهم.

الإعلام الإلكتروني

وبينما تحدد القواعد العامة الواردة في أحكام قانون التجارة والتراخيص التجارية صراحة الحصول على التراخيص للعاملين في مجالات التجارة، فإن القانون الكويتي يجرم العمل عبر المواقع الإلكترونية لتقديم الإعلانات التجارية دون الحصول على التراخيص اللازمة بالغرامة التي لاتقل عن 500 دينار ولا تزيد على 5 آلاف دينار ويجوز للمحكمة أن تأمر بحجب موقع حساب شهير على السوشيال ميديا.

لكن أي القوانين، التي تسمح بذلك؟ وهل القانون نص على إلزام مشاهير السوشيال ميديا بالتراخيص؟ وهل الحسابات الشخصية لهم والمتعددة عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتي يمارسون فيها عرض أو بث الاعلانات والدعاية والتسويق التجاري ينطبق عليها الأمر؟

تجيب على ذلك أحكام قانون الإعلام الإلكتروني رقم 8 لسنة 2016 والتي تنص في أحكام المادة الخامسة منها على أن «يسري هذا القانون على المواقع والوسائل الإعلامية الإلكترونية الآتية:

1- دور النشر 2- وكالات الأنباء الإلكترونية 3- الصحافة الالكترونية 4- الخدمات الإخبارية 5- المواقع والوسائل والخدمات الإعلامية والإعلانية التجارية الإلكترونية 6- المواقع الإلكترونية للصحف الورقية والقنوات الفضائية المرئية والمسموعة، ولا تسري أحكام هذا القانون على النطاق أو الموقع أو الوسيلة أو الحساب الإلكتروني الشخصي الذي لا يتصف مستخدموه بالمهنية المتخصصة.

ولذلك، فإنه إزاء تصريح عدد من مشاهير الـ «سوشيال ميديا» بعمله في مجال الإعلانات وعلى نحو يومي، الى أن وصل الى إقرار أحدهم بحصولهم على مبالغ شهرية للدعاية والإعلان بين 120 و150 ألف دينار من باب الإعلان والتسويق التجاري، مما يعني امتهانهم للعمل التجاري في مجال الإعلانات والتخصص في التسويق للسلع والمنتجات التي يتم الاتفاق مع عدة شركات على عرضها في حساباتهم الشخصية، مما يخرج تلك الحسابات من طبيعة الحسابات الشخصية المستثناة بالفقرة الأخيرة من المادة الخامسة، واعتبار حساباتهم بالحسابات التي تمارس العمل الإعلاني الذي يستلزم الترخيص لها من وزارة الإعلام، وفق ما يقرر ذلك قانون الإعلام الإلكتروني بإخضاع كل العاملين من مشاهير الـ «سوشيال ميديا» للترخيص الإعلاني وفق ما تسمح به أحكام المادة 5 فقرة 5، وإلا جاز لوزارة الإعلام تحريك الدعوى الجزائية ضد أصحاب حسابات مشاهير الـ «سوشيال ميديا»، أو أي حسابات تعمل في مجالات الإعلانات في كل شبكات التواصل الاجتماعي؛ «تويتر» و»سناب شات» و«إنستغرام» الى نيابة الإعلام للتحقيق مع أصحابها لعدم التزامهم بأحكام المادة 5 من قانون الإعلام الإلكتروني، والتي تشترط للعمل في هذه المجالات، ومن بينها الإعلانات بالوسائل والحسابات الإلكترونية الحصول على تراخيص من وزارة الإعلام، وإلا جازت مساءلتها قانونيا وفق أحكام المادة 19 منه، التي تنص على أنه «مع عدم الإخلال بأحكام المادة السابقة (التي تنص على عدم نشر المحظورات الواردة بأحكام قانون المطبوعات أو المرئي والمسموع)، توقع المحكمة المختصة على كل من يمارس أيا من الانشطة المنصوص عليها في هذا القانون من دون ترخيص أو يخالف أيا من أحكام هذا القانون غرامة لا تقل عن خمسمائة دينار، ولا تزيد على خمسة آلاف دينار، ويجوز الحكم بحجب الموقع نهائيا، ويجوز لرئيس دائرة الجنايات عند الضرورة وبناء على طلب النيابة العامة إصدار قرار بحجب الموقع أو الوسيلة الإعلامية الإلكترونية لمدة لا تجاوز أسبوعين قابلة للتجديد، وذلك أثناء التحقيق أو المحاكمة.

تعريف الإعلان الإلكتروني

وقد يثور تساؤل بأن الحسابات في شبكات التواصل الاجتماعي قد لا ينطبق عليها أمر الترخيص الوارد بقانون الإعلام الإلكتروني والرد على ذلك، فقد حسم التعريف الوارد بنص المادة الأولى من قانون الإعلام الإلكتروني الذي يخضع لأحكام القانون، والتي عرفت الخدمات الإعلامية أو الإعلانية التجارية الالكترونية بأنها: بأنها المحتوى المتضمن الترويج لأعمال أو خدمات أو منتجات أو لأشخاص من خلال شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، أو أي شبكة اتصال أخرى، كما نصت المادة الخامسة على أن تسري أحكام القانون على المواقع والوسائل والخدمات الإعلامية والإعلانية التجارية الإلكترونية، كما تنص الفقرة الأخيرة من ذات المادة على أن هذا القانون لا يسري على النطاق أو الموقع او الوسيلة أو الحساب الإلكتروني الشخصي الذي لا يتصف مسخدمه بالمهنية المتخصصة، ولكن إذا ثبت تخصص وممارسة أصحاب الحسابات الشخصية لتلك الخدمات الإعلانية ما يجعل تلك الحسابات تمثّل دخلا ماديا، وعلى نحو يومي لعمليات تجارية يعترف بها قانون التجارة ما يجعلها متخصصة، وهو الأمر الذي يخرج تلك الحسابات الشخصية الى الحسابات الإعلانية طالما كان الهدف من ورائها المضاربة والعمل في أحد أقسام التجارة وهو الإعلان.

توفيق أوضاع المشاهير

نصت أحكام القانون رقم 8 لسنة 2016 في المادة 24 على أنه «يجب على كافة المواقع والوسائل الإعلامية الالكترونية المذكورة في المادة 5 من هذا القانون، والقائمة عند العمل به توفيق أوضاعها وفقا لأحكامه خلال سنة من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية»، وحيث إن وزير الإعلام أصدر بتاريخ 24 يوليو 2016 اللائحة، وانقضت سنة بعد نشرها، فأصبحت كل الحسابات التي يديرها مشاهير الـ «سوشيال ميديا» وكل الحسابات الأخرى التي تمارس العمل الإعلاني مخالفة لأحكام القانون، بعد أن تخلفت ايضا عن توفيق أوضاعها بطلب الحصول على التراخيص اللازمة التي أجاز لها القانون بإنشاء المواقع والعمل تحت مظلة قانون الإعلام الالكتروني، والتي يشترط أن يحصل عليها وفق المادة الثامنة من القانون بأن يكون كويتي الجنسية، وألا يقل عمره عن 25 عاما، وكاملا للأهلية، وأن يكون حسن السيرة ومحمود السمعة، ولم يسبق الحكم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رُد اليه اعتباره، وأن يحدد اسم الموقع أو الوسيلة الإعلامية الإلكترونية، ويشترط ألا يكون مخالفا للنظام العام أو الآداب العامة او مطابقا أو مماثلا لاسم موقع آخر، وأن يكون له مقر معلوم خاص بالنشاط موضوع الترخيص ويجوز للأشخاص الاعتبارية الكويتية طلب الترخيص بمزاولة الأنشطة الواردة في المادة 5 من هذا القانون، مع مراعاة أن يكون جميع رأس المال كويتيا بالنسبة إلى طلب الترخيص بمباشرة الأنشطة الواردة في البنود 1 و2 و3 و4 و5 من المادة ذاتها.

«الإعلام الإلكتروني» طالبهم بتوفيق أوضاعهم خلال سنة من نشر اللائحة ولـ«الإعلام» إحالة الحسابات إلى النيابة

القانون يجرم عمل أي وسيلة أو حساب إلكتروني غير مرخص بغرامة لا تزيد على 5 آلاف دينار

الخدمات الإعلانية الإلكترونية وفق القانون هي المحتوى المتضمن الترويج لخدمات ومنتجات عبر الإنترنت أو الاتصال
back to top