الفيل الأبيض

نشر في 15-12-2018
آخر تحديث 15-12-2018 | 00:01
 ‏‎وليد توفيق النجادي ليس كل صرح معماري وهندسي ناجحاً من الناحية الاقتصادية وعملياً على الصعيد المجتمعي على قدر الاستفادة والمدخول، ومن هنا درج مصطلح «الفيل الأبيض» على المشاريع المفرطة والباهظة الثمن. أتت قصة مصطلح «الفيل الأبيض» من الممالك القديمة لدول شرق آسيا، حيث جرت العادة بأن يهدي الملك هذا الحيوان النادر إلى أغنياء وحاشية الطبقة المخملية للمجتمع، ولم يكن أي فرد في تلك الممالك يستطيع أن يرد هدية الملك، وإلا سوف تكون العواقب وخيمة، نظرا لقداسة هذا الحيوان، حيث كانت الهدية نعمة ونقمة في نفس الوقت... نعمة بسبب قداسة وتشريف امتلاك فيل أبيض، ونقمة بسبب التكاليف الباهظة لرعايته ودون الاستفادة منه، حيث كان محرماً على المالك أن يجعل الفيل الأبيض يعمل! وحتى لو كان الفيل الأبيض أنثى لا يستطيع أن يشرب حليبها!

هنا أسلط الضوء على المشاريع التي تم إنجازها دون وضع دراسة عن مستوى الحاجة وتفعيل البرامج التشغيلية وتطوير خطة للموارد البشرية، الكثير من هذه المشاريع لم ينعكس باستفادة المجتمع منها، وغالباً ما تتجرد تلك المشاريع من العائدات المالية التي تخصص لدعم صيانة هذه المباني المكلفة لمالكها، وبالتالي يترك المشروع دون صيانة ولا تفعيل، ومن هنا ينطلق مشوار المصروفات المالية لتكاليف الإصلاح والمحافظة على هذه المشاريع وما يميزها أنها لا تشبع أبداً.

ومثال على ذلك القصر البرلماني في بوخارست الذي يعد ثالث أكبر مبنى في العالم بمساحة مسطحة أكثر من 360 ألف متر مربع، و6 ملايين دولار كلفة التدفئة والكهرباء سنويا، ونسبة 70 في المئة من قاعات وغرف المبنى بقيت خالية إلى يومنا هذا.

أما هنا في دولة الكويت فلدينا قطيع من الفيلة البيضاء المنتشرة في محافظاتنا وذات شهية مفتوحة، لدينا مراكز ثقافية تدار بأيدي غير أهل الاختصاص، لدينا مراكز رياضية مركونة تظلل الشوارع فقط وغير ذلك من المباني، والحل موجود بالنظر إلى الحاجة قبل المنتج، عبر تطوير برنامج تشغيلي، وعلى سبيل المثال المباني الخاصة بخدمة المواطن بدلاً من إنشائها بمبالغ باهظة يجب توجيه الصرف إلى تطوير نظم المعلومات فيها وإنشاء تطبيق ذكي يغطي جميع المعاملات التي يحتاجها المواطن، وهنا تكون الدولة وفرت الكثير لكلا الطرفين، لذلك دائماً لا تجهز الدواء قبل الداء.

back to top