فرنسا: الكرة بملعب ماكرون لتجنب «سبت خامس»

• رئيس الحكومة: حان وقت استعادة الوحدة
• وزير المال: التظاهرات كارثية على الاقتصاد
• لوبن تنتقد «سياسة التقوقع» والحل الأمني... وميلونشون يدعو إلى حل الجمعية الوطنية

نشر في 10-12-2018
آخر تحديث 10-12-2018 | 00:04
فرنسيون يشاركون في سباق للتجديف في نهر السين أمس (رويترز)
فرنسيون يشاركون في سباق للتجديف في نهر السين أمس (رويترز)
بعد سبت رابع من تعبئة «السترات الصفراء»، يفترض أن يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قريبا إجراءات جديدة في مواجهة هذه الأزمة الاجتماعية التي تشكل امتحانا لولايته الرئاسية.
يترقب الفرنسيون «اجراءات وقرارات مهمة» ينوي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعلانها رداً على احتجاجات «السترات الصفراء» التي نجحت أمس الأول في التعبئة لسبت رابع من التظاهرات التي اجتاحت باريس ومدناً اخرى.

إعادة توحيد الامة

وقال رئيس الوزراء الفرنسي ادوار فيليب: «حان وقت الحوار»، وأضاف: «أصبح علينا إعادة نسج الوحدة الوطنية» التي تعرضت لهزة في هذا التمرد الشعبي غير المسبوق الذي ولد على شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت.

وأكد فيليب أن «الرئيس ماكرون سيتحدث ربما الاثنين وسيعود إليه أمر اقتراح الإجراءات ليتاح لكل الأمة الفرنسية أن تجتمع من جديد».

ماكرون والأمن

وفي تغريدة له عبر «تويتر»، اعرب الرئيس الفرنسي، امس، عن شكره لقوات الشرطة على «الشجاعة والمهنية الاستثنائية التي أظهروها خلال الاحتجاجات».

ويواجه الرئيس انتقادات متزايدة لعدم ظهوره علنا منذ أكثر من أسبوع فيما تفاقم العنف. وكان آخر خطاب مهم خاطب فيه الأمة في 27 نوفمبر، قال وقتها إنه لن يذعن ويغير سياسته بسبب «خارجين عن القانون».

لا عصا سحرية

في المقابل، قال الناطق باسم الحكومة بنجامين غريفو إن «رئيس الجمهورية سيصدر بالطبع إعلانات مهمة، لكن لن تحل كل مشكلات محتجي السترات الصفراء بالعصا السحرية».

من يدفع الثمن

والسؤال المطروح حاليا هو هل سيتم الإعلان عن تغيير حاسم في السياسة الاجتماعية أو «الابقاء على توجه» الإصلاحات؟ أم هل سيقوم ماكرون بتغيير حكومي؟ ومن سيدفع ثمن الاحتجاجات والاهم هل سيكون هناك سبت خامس؟.

ويبدو أن التنازلات التي قدمتها السلطات وخصوصا إلغاء الزيادة على رسوم المحروقات، أدت قبل كل شيء إلى إضعاف رئيس الوزراء الذي كان يدافع عن قرار بتعليق هذه الزيادة لمدة 6 اشهر قبل أن تتخذ الرئاسة فجأة قرارا مخالفا لطرحه معلنة الغاء الضريبة نهائياً.

تعبئة واعتقالات

على الأرض، أعلنت وزارة الداخلية أن 136 ألف شخص شاركوا في تحركات أمس الأول، من تظاهرات ونصب حواجز واعتصامات. وفي باريس كان عددهم أكبر من الأول من ديسمبر إذ بلغ عشرة آلاف (مقابل ثمانية آلاف في الأسبوع الماضي).

وأعلنت «الداخلية»، أن قوات الأمن ألقت القبض على 1723 شخصا في أنحاء البلاد خلال احتجاجات متظاهري السترات الصفراء.

وأكدت وسائل الإعلام إن عدد المصابين بلغ 264 شخصا، بينهم 39 من أفراد القوات الأمنية.

خسائر اقتصادية

ولدى زيارته المحال التجارية في باريس التي تعرضت إلى النهب خلال الاحتجاجات، حذر وزير المالية برونو لومير، أمس، من أن «العنف المرتبط بتظاهرات السترات الصفراء يشكل كارثة بالنسبة لاقتصادنا وبالنسبة للتجارة».

وتحدث الوزير لومير عن أزمة بوجوه ثلاثة، «أزمة اجتماعية» ترتبط بالقدرة الشرائية، و»أزمة ديمقراطية» مع تمثيل سياسي غير كاف، و»أزمة أمة» في مواجهة «انقسامات كبيرة».

وينتمي معظم ناشطي «السترات الصفراء» إلى الطبقات الشعبية والوسطى، ويرفضون السياسة الضريبية والاجتماعية لإيمانويل ماكرون. وأصيبت فئات اخرى مثل الطلاب والعمال والمزارعين بعدوى تحركهم في الأسابيع الأخيرة.

ولم تتمكن الحكومة الفرنسية تحت ضغط هذه الحركة، حتى الآن من تقليص هذه الهوة الاجتماعية.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان: «رئيس الجمهورية سيتحدث، وأعتقد أن موقفه سيكون قويا بما فيه الكفاية لاحتواء التحرك أو على الأقل ردع مثيري الشغب».

وأضاف «أعلم، وهذا نلاحظه في بعض الدول، إلى أي مدى تبدو الديمقراطية هشة، يمكن ان تكون عندنا على هذا النحو وأدعو تاليا إلى الحوار».

واعتبر الآن جوبيه رئيس بلدية بوردو، التي شهدت بدورها حوادث وصدامات السبت أن على الرئيس «ان يتكلم سريعا، وان يخاطب الفرنسيات والفرنسيين بخطاب قوي».

وقال رئيس كتلة نواب الوسط جان كريستوف لاغارد «الأهم بالنسبة الى الرئيس هو أن يكون قادراً على الاعتذار، بعدما أهان الشعب وأذله وأظهر شيئا من الازدراء حياله. ليس من العار أن يرتكب المرء أخطاء».

وصرح المتحدث باسم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف غوردان بارديلا ان الفرنسيين ينتظرون «كلمة تعاطف من جانب ماكرون»، إضافة الى «مواقف ملموسة حول القدرة الشرائية».

وعبرت رئيسة بلدية باريس آن ايدالغو عن أسفها «لمشاهد الفوضى والأضرار التي لا تقدر للاقتصاد ولصورة المدينة». وصرح زعيم حزب «الجمهوريين» اليميني المعارض لوران فوكييه أن «العديد من الفرنسيين وخصوصا التجار شهدوا سبتا أسود».

من جهته، تحدث جان لوك ميلونشون زعيم كتلة حزب «فرنسا المتمردة» اليساري الراديكالي، أمس الأول، عن «حل» الجمعية الوطنية، معتبرا أن ذلك سيشكل مخرجا «معقولا» للأزمة.

وسيقدم نواب من هذا الحزب وآخرون شيوعيون واشتراكيون اليوم، مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة يفترض أن تناقش الأربعاء أو الخميس المقبلين، لكنها لا تتمتع بأي فرصة لإقرارها.

ومن بلجيكا، دعت رئيسة حزب «التجمع الوطني» اليميني القومي المتطرّف مارين لوبن التي تطالب بحل الجمعية الوطنية أيضا، ماكرون بـ»إجراءات قوية وفورية للتجاوب مع معاناة المحتجين».

وعلى هامش لقاء مع الحزب القومي الفلمنكي «فلامس بيلانغ» حول الميثاق العالمي للهجرة، بمشاركة ستيف بانون المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، قالت لوبن: «يجب على ماكرون أن يدرك حجم المعاناة الاجتماعية وأن يتّخذ إجراءات قوية وفورية».

وتابعت لوبن: «أدعو مرة جديدة رئيس الجمهورية إلى فهم المعاناة التي يتم التعبير عنها، وإلى الاستجابة لها بالخروج من الإليزيه والإقلاع عن سياسة التقوقع». وأكدت أنّ «ردّ رئيس الجمهورية لا يمكنه أن يكون أمنياً فقط».

ويفترض أن تبدأ السبت المقبل في جميع أنحاء فرنسا ثلاثة أشهر ونصف من المشاورات بمشاركة نقابات وأعضاء مجالس محلية وأفراد من «السترات الصفراء». وأعلنت الحكومة التزامها اتخاذ «إجراءات مواكبة سليمة وفعالة» لها.

لو دريان

على صعيد آخر، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان، أمس، الرئيس الأميركي، الى عدم التدخل في شؤون فرنسا السياسية بعد تعليقاته الناقدة على تحرك «السترات الصفراء».

وقال لو دريان في برنامج تلفزيوني «اقول لدونالد ترامب، ورئيس الجمهورية ايمانويل ماكرون قال له ايضا: نحن لسنا طرفا في النقاشات الاميركية، اتركونا نعيش حياتنا حياة امة».

back to top