عدوى التزوير

نشر في 09-12-2018
آخر تحديث 09-12-2018 | 00:19
 حسن العيسى نشرت "القبس" إجابة وزير التربية وزير التعليم العالي حامد العازمي لسؤال النائب خليل أبل عن تزوير الشهادات الجامعية بأن %94 من الشهادات العلمية المزورة مصرية، وكان لجامعة المنصورة نصيب الأسد بـ"25 شهادة ما بين بكالوريوس وماجستير، حيث كان نصيب الحقوق 12 حالة، و4 حالات للتجارة، و3 للصحة النفسية، وواحدة لكل من المحاسبة والآداب وعلم النفس..."، وهناك تزوير في شهادات من جامعة القاهرة وغيرها من الجامعات، إضافة إلى عدد من حالات التزوير لجامعات غربية "مغمورة".

لم يظهر من إجابة الوزير كيفية هذا التزوير ومصدره، هل هي تلك الجامعات المذكورة تحديداً، بمعنى أن هناك إدارة معينة أو موظفاً رسمياً في تلك الجامعات أو إحداها قام "بتغيير الحقيقة في محرر (الشهادة الجامعية المضروبة) على نحو يوهم بأنه مطابق للحقيقة..."، كما ورد في قانون الجزاء الكويتي، أم أن التزوير تم خارج تلك الجامعة ونسب إليها؟ فإذا كانت هي الحالة الأولى يفترض التنسيق مع الجهات المسؤولة في الدولة المصرية لملاحقة الفاعلين، والأهم من هذا غلق الأبواب أمام قبول شهادات تلك الجامعات، فسد الذرائع أولى من جلب المنافع، أما إذا كان التزوير خارج أسوار إدارات تلك الجامعات المنسوب إليها، فهنا يكتفى بمعاقبة المزورين.

يظهر أن ما تم نشره من قضايا التزوير في الشهادات الجامعية هو الجزء الظاهر من جبل الجليد، ويكفي لمعرفة حجم المشكلة مراجعة نوعية الجامعات التي يجري التسجيل فيها لطلاب الأمور السهلة، التزوير المراد هنا "ليس مجرد تغيير الحقيقة" في محرر، بل هو الحصول على شهادة جامعية وعليا من جامعات أي كلام في دول عربية أو غير عربية! مثلاً، لو طالعنا عدداً كبيراً من الأسماء التي لها نشاطات اجتماعية كالكتابة أو غيرها، لوجدنا غثاً كبيراً في ضحالة كتاباتهم، ولا نعرف شيئاً عن بحوثهم، كل ذخيرتهم وواجهتهم هو حرف (الدال)، وأمام هذا الكم المهول من "الدكاترة" الكويتيين أضحى الكثيرون ممن يحملون هذا اللقب عن جدارة يخجلون من وضع هذا الحرف قبل أسمائهم.

التزوير في الدولة الريعية الثرية أمر سهل، فهو طلب شراء من طالب التزوير المقتدر مالياً يقابله قبول ممن يقوم بعرض الخدمة، وتتم الجريمة بكل بساطة، هو سوق بيع خدمات، ومثلما يشتري رموز من السلطة مواقف سياسية بقصد تغيير الحقيقة حتى تتلاءم مع مصالحهم السياسية والمالية، وهذه صورة لفساد ضارب في أعمق جذور الدولة، أيضاً يستسهل الفرد هنا التلاعب بهذه "الحقيقة"، فمن يكترث ومن يهتم في النهاية في دولة "سيفوه" ومن صادها عشى عياله، الأمور ماشية في عالم الكذب، والمهم أن تصل للقمة وتحقق أحلامك البائسة.

back to top