ثمرة اليقين

نشر في 07-12-2018
آخر تحديث 07-12-2018 | 00:06
 دانة الراشد الصبر يطفئ نار الرغبات، والصبر يهذب الذوات... الصبر هو الثقة بالمستقبل والإيمان العميق بأن كل شيء سيكون على ما يرام. فهو يزيل التوقعات والتعلق بالنتيجة مهما كانت، ويجعلك ترى الأمور بموضوعية أكبر بعيداً عن ردات الفعل المتسرعة، فما يميزنا كبشر عن الحيوانات هو القدرة على التحكم في انفعالاتنا وردود أفعالنا.

إلحاحك قد يفسد العديد من الأمور التي تحدث من تلقاء نفسها... نحن لا نراقب الأزهار على عجل، فهي ستتفتح لا محالة، ولحظة المفاجأة السعيدة تلك لها طعمٌ خاص. لذا، ألقِ ببذورك في باطن الأرض وانس أمرها، فستأتيك أجمل الأخبار لاحقاً.

الصبر يعطيك وقتاً لأن تختلي مع نفسك وتتفحصها بلطف... تلك النفس الفريدة، بكل دوافعها وأحلامها وميزاتها وعيوبها البشرية. هذا الوقت الحميم يتجنبه الكثير منا فيلجأ إلى الصحبة الصاخبة والهاتف الذكي كي يتناسى ذاته، فاستمتع بهذه الخلوة وذلك الفراغ الممتلئ.

والصبر فسحة لطيفة للآخر أن يصحح أخطاءه، والتغاضي عن الهفوات رقي وفن يتطلب الكثير من السلام الداخلي وتجاوز الماضي و»الأنا»، لكن الحكمة تكمن في معرفة متى نستعين بالصبر ومتى نبادر بالحراك، فهنالك أمور لن تتغير ولا جدوى من الصبر عليها، في حين هنالك أمور لا تنمو ولا تتحسن إلا بالصبر، واحذر من صبر الضعفاء ولا تبرره لنفسك، فهو ليس كصبر الشجعان. ما أخطر الصبر في غير محله، ذلك الأمل الكاذب الذي يسرق منك السنين، فليست كل تربة صالحة للزراعة.

الصبر بعد نظر، فهو يرى ما بعد تلك النتائج الفورية- والمؤقتة في الكثير من الأحيان- إلى تلك الصورة البعيدة المتكاملة، والصمت هو إعطاء ما حولك فرصة للتجلي في حين تتجسد أنت في دور المشاهد والمترقب دون إطلاق أية أحكام، انتظر! لا تكشف أوراقك بهذه السهولة.

الصبر هو شكل من أشكال الحب المطلق للحياة وقبول تقلب أحوالها، فاستكن واصطبر، وليكن التروي أسلوب حياتك. قد أصبح الصبر عملة نادرة معرضة للانقراض في عالمنا الفوري والسريع، ذلك العالم المجنون الذي يفقد صوابه إن لم يحصل على كل رغباته خلال بضع ثوانٍ! كن أنت الجبل الراسخ بين براكين الانفعال الهائجة تلك.

* «الصبر ثمرة اليقين». (الإمام علي بن أبي طالب).

back to top