مرافعة : موعد مع الرقيب!

نشر في 04-12-2018
آخر تحديث 04-12-2018 | 00:31
 حسين العبدالله تزامناً مع إقامة معرض الكويت الدولي ترتفع الأصوات المنادية بإلغاء فكرة الرقابة على الكتب التي تجريها وزارة الإعلام تطبيقاً لأحكام قانون المطبوعات والنشر، عبر لجنة يشكلها وزير الإعلام بقرار وزاري تعمل على مراقبة الكتب ومنعها وفق الفكر السائد لأعضائها وما يرونه من منطلقهم الشخصي مع مخالفته لأحكام القانون وللنظام والآداب العامة، أو ما يعد مؤثرا على العلاقات بين الكويت وإحدى الدول الصديقة.

والحقيقة التي يجب أن يعلم بها وزير الإعلام وأعضاء لجنته الأفاضل أن العمل القانوني هو عمل فني يجب ممارسته من المشتغلين المختصين بعلوم القانون. والنظر في مدى مخالفة الوقائع الواردة في الروايات أو الكتب التي يعدها المؤلفون هي من المسائل الفنية التي تستلزم بحثها من المختصين في القانون الجنائي بسبب طبيعة قانون المطبوعات والنشر الجزائية.

أما الواقع العملي فيكشف أن من يتولى دراسة وبحث الروايات المعروضة على لجان الرقابة أفاضل ليسوا من أهل الاختصاص القانوني في هذا المجال، وليسوا أهلاً للنظر في مدى مخالفة الوقائع الواردة بتلك الكتب للنصوص الواردة بقانون المطبوعات والنشر، حتى وصل أمر عدم الدراية والإدراك بنصوص القانون إلى طلب أعضاء اللجنة من أحد المؤلفين تغيير الاسم الأول لشخصية الرجل وشخصية المرأة في إحدى الروايات من أجل إجازتها!

فكرة الرقابة المسبقة التي أوردها قانون المطبوعات والنشر على الكتب والمؤلفات هدفت إلى فرض رقابة مبكرة على الكتب والمؤلفات بعكس الرقابة على الصحف والمجلات التي تترك مباشرة للقضاء بعد لجوء المتضرر إليه مباشرة، ولذلك فإن المشرع أراد من فكرة الرقابة المبكرة السيطرة على الكتب قبل طرحها للتداول، وذلك خشية تجاوزها للمحاذير القانونية الواردة في قانون المطبوعات والنشر، والتي وردت بأحكام المواد 19 و20 و21 بفقراتها، علاوة على أحكام قانون أمن الدولة والوحدة الوطنية، وأحكام قانون الجزاء، وهي محظورات على الصعيد العملي يحقق وكلاء النيابة مع الكتاب والصحافيين فيها إذا ما كان نشرهم بالصحف اليومية أو الإلكترونية، ويعمل ثلاثة قضاة في المحكمة الكلية وثلاثة مستشارين آخرين في محكمة الاستئناف، وخمسة في محكمة التمييز للنظر في ثبوت وقوع الكاتب الصحافي في المحظورات الواردة بقانون المطبوعات والنشر من عدمه، فتصدر المحاكم المئات من أحكام البراءة والإدانة.

في المقابل، سمحت وزارة الإعلام لمجموعة من الإداريين بمنع 4500 كتاب خلال السنوات الخمس الماضية، بذريعة مخالفتها للقانون، ولم تقبل سوى تظلم أو اثنين، حسبما جاء في إجابة وزير الإعلام عن سؤال قدمه النائب خالد الشطي، دون أن يكون أعضاء اللجنة قضاة أو مستشارين أو حتى قانونيين، ولذلك أصدروا أحكامهم بالمنع دون دراية بأحكام القانون، ولو أوكل الأمر للقضاء لما سمح بذلك، وخصوصاً أنه سمح بتداول عدد من هذه الكتب بعد الطعن على قرارات منعها.

بات لزاماً على وزير الإعلام أن يعمل على إعادة تشكيل لجنة الرقابة، وأن يسند أمر رئاستها إلى أحد المستشارين في محكمة الاستئناف الذي ينتدب من المجلس الأعلى للقضاء، مع عضوية قاضٍ من المحكمة الكلية، وأستاذ قانون جزائي من كلية الحقوق، وعضو من وزارة الإعلام، وآخر من رابطة الأدباء، على أن تتولى اللجنة مهمة الرقابة على الكتب والاطلاع على مضمونها والتأكد من خلوها من المحظورات الواردة في القانون؛ وذلك لأن تشكيلها بهذه الصورة أوقع على فهم النصوص الواردة بأحكام القانون.

back to top