إذا لم تتحرك «أوبك»... فالزيت الصخري في مهب الريح

نشر في 01-12-2018
آخر تحديث 01-12-2018 | 00:03
No Image Caption
إذا هبطت الأسعار الى 40 دولاراً أو أقل للبرميل يتوقف حفر الآبار ويفضي الهبوط (أو التباطؤ في النمو) الى انخفاض المعروض في السوق، بما يكفي لرفع الأسعار من جديد.
ارتفع إنتاج النفط الأميركي هذه السنة ارتفاعا حادا متخطيا حتى أكثر التوقعات تفاؤلاً، بيد أن الانهيار الأخير في أسعار النفط قد يحقق ما عجزت عنه اختناقات الأنابيب – ألا وهو كبح جماح الزيت الصخري.

فما بين 2015 و2017 تقلبت أنشطة حفر الزيت الصخري على وقع أسعار النفط (على الرغم من تأخرها لعدة أشهر) نتيجة نشر شركات الحفر للمنصات، وزيادة الإنتاج بمجرد ارتفاع الأسعار ثم خفضه عند هبوطها. وكانت عمليات الحفر والإنتاج تتباين دائماً مع الأسعار، ولكن التحسن الأقصر كثيراً في سعر الزيت الصخري كان يعني أن الأسواق تستجيب بسرعة أكبر للتغير في الأسعار.

وأثار الانحسار والتدفق في أنشطة الحفر نظرية "النطاق الصخري"، التي تقول بوجود حدين أعلى وأدنى لأسعار النفط يقررها الى حد كبير انتاج الزيت الصخري. وعندما تختبر الأسعار واحداً من تلك الحدود يقوم الزيت الصخري باعادتها الى المدى المتوسط. وبشكل أكثر تحديداً اذا ارتفعت الأسعار الى 60 دولاراً مثلاً للبرميل تتحسن أنشطة الزيت الصخري، وتطرح امدادات جديدة لتعيد الأسعار الى أقل من تلك العتبة.

وإذا هبطت الأسعار الى 40 دولاراً أو أقل للبرميل يتوقف حفر الآبار ويفضي الهبوط (أو التباطؤ في النمو) الى انخفاض المعروض في السوق، بما يكفي لرفع الأسعار من جديد.

ومنذ أواخر 2017، عندما بدأ التأثير الحقيقي لخفض انتاج منظمة "أوبك" ارتفعت أسعار خام برنت فوق 60 دولاراً للبرميل، واستمرت عند ذلك المستوى. وعندما ارتدت الأسعار في هذه السنة حدث الارتداد فوق معدل السعر البالغ حوالي 40-60 دولاراً الذي هيمن على سوق النفط خلال السنوات العديدة الماضية.

وهكذا استمر الزيت الصخري في النمو بسرعة وثبات، كما أن التوقف في أماكن اخرى من العالم الذي واكب اتفاق "أوبك" والدول من خارجها حال دون هبوط الأسعار.

ومنذ انتهاء الشهر الماضي، أنعش الانهيار في سعر النفط – الذي تراجع بأكثر من الثلث منذ أكتوبر – نظرية الزيت الصخري من جديد. وقد هبط سعر نفط غرب تكساس الوسيط الى حدود 50 دولاراً للبرميل وبدأ الاقتراب من مستويات يمكن أن تؤثر على أنشطة الحفر.

وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال قال الرئيس التنفيذي لشركة وايتنغ بتروليوم مايكل ستيفنس، في مؤتمر صحافي، للصناعة في شهر نوفمبر "عند 50 دولاراً للبرميل نحن نحقق ما يكفي من النقد لتنمية انتاجنا الأحادي الرقم ضمن تدفقاتنا النقدية، ويعتبر سعر 50 دولاراً أساساً مهماً بالنسبة لنا".

ضغوط المساهمين

والأكثر من ذلك، وفي حين تمكن العديد من شركات الحفر من خفض سعر التوازن خلال السنوات القليلة الماضية فإن ضغوط المساهمين لضبط رأس المال كانت أقوى مما كان الحال في السابق. وفي الأعوام الماضية كانت شركات الحفر تعول على الديون، وتعد بتحقيق أرباح في نهاية المطاف، ووافق المستثمرون حينئذ على هذا الطرح، ولكن الحال لم يعد كذلك الآن. وهذا يعني أن ضغوط اجراء خفض من أجل الحفاظ على الربحية غدت أصعب مما كانت عليه في الماضي.

وفوق ذلك كله، لاتزال بعض مناطق الزيت الصخري تعاني حسومات بسبب قضايا خطوط الأنابيب. وهكذا وفيما وصل سعر غرب تكساس الوسيط الآن الى حدود الخمسين دولاراً للبرميل قد تحصل بعض شركات الزيت الصخري على ما هو أقل من ذلك.

وفي وقت سابق من هذه السنة تجاوز خصم حوض بيرميان 10 دولارات للبرميل، كما يتوقع أن يشهد باكن زيادة في الخصم مع امتلاء خطوط الأنابيب. ويتمثل الجانب المتغير في التحسن الكبير في أساليب الحفر خلال السنوات القليلة الماضية، والذي أفضى لزيادة وتيرة الإنتاج وخفض التكلفة.

وكما تلاحظ صحيفة وول ستريت جورنال فإن صناعة الزيت الصخري تعمل على وضع خطط حفر لسنة 2019 – وحتى الآن توقعت قلة قليلة من المطلعين أو المحللين هبوط الأسعار الى أقل من 60 دولاراً للبرميل في العام المقبل. ولكن الهبوط الأخير قد يدفع الى اعادة التفكير. وإذا مضت الصناعة في اتجاه أكثر محافظة فإن انتاج الزيت الصخري قد لا ينمو كما كان يعتقد في السابق.

وبعد هذا كله، تستطيع "أوبك" وضع نهاية للهبوط الأخير في الأسعار في الأسبوع المقبل. وكانت شائعات تحقيق خفض كبير في الانتاج بدأت تتردد قبل عدة أسابيع، ومع هبوط الأسعار يزداد احتمال قيام المنظمة بإجراء من نوع ما. وعند هذه النقطة فإن عدم القيام بخطوة ما سيدفع على الأرجح الى مزيد من هبوط الأسعار – ولذلك يبدو أنه من غير المحتمل الى حد كبير ألا تفعل "أوبك" أي شيء.

back to top