الحرب التجارية سبب تراجع نمو الاقتصاد الصيني خلال الربع الثالث إلى أقل مستوى منذ ١٠ سنوات

نشر في 16-11-2018
آخر تحديث 16-11-2018 | 00:04
No Image Caption
عندما تراجع معدل نمو الاقتصاد الصيني خلال الربع الثالث من العام الحالي إلى أقل مستوى له منذ نحو 10 سنوات، أرجع المسؤولون الصينيون هذا التباطؤ الاقتصادي إلى «الظروف الخارجية الصعبة»، وهو تعبير مهذب عن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

ويرى المحلل الاقتصادي كريستوفر بالدنغ، في تقرير لوكالة بلومبيرغ للأنباء، أن هذا التفسير الصيني لتراجع معدل نمو الاقتصاد يقدم الموقف على أن الشرير أصاب الطيب بالضرر.

لكن الواقع يقول إن السياسات والمشكلات الصينية هي السبب الرئيس وراء تباطؤ الاقتصاد الصيني خلال الشهور الأخيرة.

كل المؤشرات تقول إن تأثير الرسوم الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة على كمية من وارداتها من السلع الصينية، على الاقتصاد الكلي للصين ضئيل للغاية.

فمعدل نمو صادرات الصين إلى الولايات المتحدة، وهي أكبر شريك تجاري لها يبلغ حاليا 13 في المئة، وتتجه الصادرات الصينية إلى أكبر شريك تجاري لها نحو تحقيق أعلى معدل نمو لها منذ 10 سنوات، بفضل الأداء القوي للاقتصاد الأميركي بنسبة كبيرة.

كانت واشنطن قد فرضت في وقت سابق من العام الحالي رسوما تجارية على واردات السلع الصينية للسوق الأميركية بقيمة 250 مليار دولار، وهي تشكل حوالي 50 بالمئة من صادرات الصين للولايات المتحدة. وردت الصين باتخاذ إجراءات تجارية ضد وارداتها من السلع الأميركية بقيمة 110 مليارات دولار.

وحتى من دون الحواجز التجارية الأميركية الإضافية، لم يكن متوقعا نمو الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بأسرع من المعدلات الحالية. وحتى إذا بلغ معدل نمو الصادرات الصينية إلى أميركا بنسبة 20 في المئة على سبيل المثال، فإنه سيضيف فقط 22 مليار دولار إلى إجمالي الناتج المحلي للصين البالغ حوالي 13 تريليون دولار، أي أن هذا لن يكون له تأثير ملموس على معدل نمو إجمالي الناتج المحلي للصين.

بعبارة أخرى، فإن مثل هذه الزيادة في صادرات الصين إلى السوق الأميركي، كانت تعني زيادة معدل نمو القيمة الاسمية لإجمالي الناتج المحلي للصين خلال الربع الثالث من العام الحالي من 9.7 في المئة إلى 9.85 في المئة فقط.

في المقابل، فإن قرارات السياسة الاقتصادية والنقدية للصين تمثل السبب الأبرز وراء تراجع معدل نمو الاقتصاد الصيني خلال الربع الثالث من العام الحالي.

ومن هذه القرارات فرض قيود على نمو القروض والإنفاق الاستثماري في الصين. فعندما أعيد انتخاب الرئيس الصيني شي جين بينغ رئيسا للحزب الشيوعي الصيني ورئيسا للبلاد في أكتوبر 2017، كان معدل نمو ما يسمى بالتمويل الاجتماعي في الصين 31 في المئة سنويا، وقد تراجع هذا المقياس الواسع للقروض في الصين بنسبة 13 في المئة، بعد عام واحد من إعادة انتخاب جين بينغ».

وقد كانت مناورة بينغ لتحقيق خفض حاد لمعدل نمو القروض في الصين بسرعة كبيرة، بعد فوزه بفترة حكم ثانية، خطوة حكيمة، وكان تأثيرها الاقتصادي يفوق بكثير تأثير الحرب التجارية بين بكين وواشنطن. وإذا افترضنا أن إجمالي التمويل الاجتماعي ارتفع خلال العام الحالي بنسبة 10 في المئة، بدلا من انكماشه بنسبة 13 في المئة كما هو الواقع، فإن هذا كان يعني إضافة 4.1 تريليونات يوان (590 مليار دولار) إلى النشاط الاقتصادي للصين، بما يفوق بمراحل أي تأثيرات للنزاع التجاري مع واشنطن.

كما ساهم تحرك الصين للحد من الإنفاق الاستثماري، وهي خطوة مطلوبة أيضا لتحسين حالة الاقتصاد الصيني ككل، في تباطؤ وتيرة النمو. ففي عام 2015 كان الاستثمار في الأصول الثابتة يمثل حوالي 80 في المئة من إجمالي نمو الناتج المحلي للصين، ومنذ ذلك التاريخ بدأت هذه النسبة تنخفض باطراد.

وفي ستمبر الماضي سجل الإنفاق الاستثماري على الأصول الثابتة في الصين نموا بمعدل 5.4 في المئة فقط، لتصبح حصة القطاع 55 في المئة فقط من إجمالي الناتج المحلي خلال عام.

في الوقت نفسه، تتراجع مؤشرات ثقة المستثمرين والمستهلكين والشركات، طوال العام الحالي، والحقيقة أن إرجاع هذا الانخفاض في مؤشرات الثقة إلى الحرب التجارية، محل جدل، حيث إن الكثير من الأسئلة تثور حول التأثير النهائي للحرب التجارية على سلوك المستثمرين والشركات والمستهلكين في الصين. (د ب أ)

back to top