أسعار النفط العالمية في مهب الريح خلال العام المقبل

الإنتاج الأميركي المطّرد والتوسع في إنشاء أنابيب التصدير قد يشكلان تحدياً أمام «أوبك»

نشر في 15-11-2018
آخر تحديث 15-11-2018 | 00:00
No Image Caption
ارتفاع أسعار النفط في الأشهر القليلة الماضية إلى حد لامس فيه الخام الثمانين دولارا للبرميل، قبل ارتداده بشكل دراماتيكي ومفاجئ إلى ما دون السبعين دولارا للبرميل، أمر لابد أن تضعه الدول المنتجة والمصدرة للخام، في الحسبان، وعلى رأسها دول الخليج التي عادة ما تبني ميزانياتها السنوية على أساس سعر تقديري لبرميل النفط، وهو أمر معقد نسبيا.

وعلى الرغم من غياب معظم حصة إيران في الأسواق، فإن ذلك لم يشفع لارتفاع الأسعار، والتي كان متوقعا أن تزداد وتيرتها بشكل سريع، لكن مع ذلك هناك بعض الآراء التي ترى أن تأثيرات غياب الحصة الإيرانية وانعكاسها على الأسواق لن تظهر على المدى القريب، بل ربما على المدى المتوسط.

ومع التحذيرات، التي يطلقها بعض المتخصصين بشأن وجود وفرة كبيرة حاليا في الإنتاج الأميركي من النفط، سواء التقليدي أو الصخري، فإنهم يرون أن ضرورة اتخاذ قرار من دول منظمة "أوبك" لحماية الأسعار من الانهيار مثلما حدث قبل 4 أعوام على وجه التقريب، إذ يرى هؤلاء المتخصصون في الشأن النفطي أن الأسعار قد تتجه إلى الانخفاض العام المقبل بعد بيانات تشير إلى تطور مهم على صعيد السوق العالمي، وهو وصول النفط الأميركي إلى الأسواق العالمية بكثافة، لأن الولايات المتحدة أصبحت حالياً أكبر منتج في العالم بقدرة تفوق 10 ملايين برميل يومياً، لكن قدرتها التصديرية ما زالت محدودة بسبب عدم توافر ما يكفي من الأنابيب للتصدير، وهو حتماً ما ستبحث فيه في المستقبل القريب.

وحسب ملاحظات لكبار المسؤولين في الشركات النفطية العالمية، فإن الشركات الأميركية تسابق الزمن حالياً للعمل على بناء الأنابيب بشكل لافت، كما عمدت أميركا إلى زيادة إنتاجها من النفط الصخري بشكل كبير وبنسبة بلغت مئة ألف برميل في الشهر، وستزيد مع زيادة الأنابيب.

لكن الولايات المتحدة ما زالت تستورد كميات من النفط السعودي تراوح بين ٧٠٠ و٨٠٠ ألف برميل في اليوم، لأنها بحاجة إلى نوعية هذا النفط لمصافيها لإنتاج البنزين، وكانت دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الصيف لخفض أسعار النفط مرتبطة بسعر البنزين، الذي ارتفع إلى حوالي ٣ دولارات للغالون.

وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تعكف حالياً على بناء مصافٍ جديدة، فإن هذا يعني أنها تستعد لتقليص استيرادها النفطي لتكرير نفطها الخام في السنوات المقبلة، وفي الوقت نفسه ستزيد تصديرها من النفط الخام.

ومن الآن إلى عام ٢٠٢٠ ستكون هناك في الولايات المتحدة أنابيب جديدة قادرة على نقل ٢.٦ ملايين برميل في اليوم من النفط، إضافة إلى إمكان التخطيط لقدرة تصديرية تصل إلى مليون برميل في اليوم عبر أنابيب إضافية.

وفي السنوات المقبلة، وحسب الرؤية السوقية، فإن الولايات المتحدة ستكون مصدراً أساسياً إلى جانب السعودية وروسيا على صعيد السوق العالمية للنفط؛ كما أنها ستتمكن في المستقبل الأبعد من إنتاج وتصدير غاز مسال طبيعي يوازي قدرة قطر من إنتاج الغاز الطبيعي وفق الخبراء.

ولا شك في أن السنتين المقبلتين ستشهدان ظهور الولايات المتحدة لاعباً أساسياً في السوق النفطية العالمية. وهنا يبرز سؤوال مهم جداً عن كيفية تعامل منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط "أوبك" مع هذا اللاعب الجديد.

وعموماً، فإن وصول النفط الأميركي بكثافة إلى الأسواق العالمية سيكون التحدي الحقيقي لمستوى الأسعار وآلية تكييف "أوبك" وضعها مع هذا التطور المهم، خصوصاً أن الرئيس الأميركي يريد أسعار بنزين منخفضة ليسجل أمام شعبه نجاحا، دون أن يبالي بحاجات غيره من الدول المنتجة، وعليه فالحذر مطلوب بالنسبة إلى توقع مستوى سعر النفط، وبالنسبة لاعتماد الدول المنتجة موازنات على مستويات مرتفعة أكثر من المتوقع.

back to top