«الأكراد»... كلمة حق!

نشر في 14-11-2018
آخر تحديث 14-11-2018 | 00:17
 صالح القلاب كان خياراً موفقاً أن تتفق الأطراف التي تقاسمت المناصب العراقية في عهد ما بعد صدام حسين وحزب البعث على أن يكون رئيس الجمهورية من "الكرد"، فهؤلاء عراقيون مثلهم مثل غيرهم وربما أكثر، والمقصود هنا هم أهل إقليم كردستان العراقي الذي من المعروف أن النفوذ الحقيقي فيه لـ"البارزانيين" ممثلين بالقائد مسعود البارزاني وبالحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان أسسه والده الملا مصطفى، رحمه الله، في فترة مبكرة بعيدة.

المفترض أن تكون لهذا الشعب الشقيق، بأعداده التي تتجاوز الثلاثين مليوناً في تركيا وإيران والعراق وسورية... وأيضاً في لبنان لم لا؟! دولته المستقلة، لكن بما أن المشكلة في هذا المجال ليست مشكلة عربية وإنما مشكلة تركية بالدرجة الأولى ثم إيرانية، فإنه خيار موفق أن يكون رئيس العراق من هؤلاء الإخوة الأعزاء الذين لعبوا أدواراً تبعث على الاعتزاز إلى جانب أشقائهم العرب في مسيرة تاريخية عظيمة وطويلة.

إنه غير جائز على الإطلاق أن يُعامَلوا في بعض دول هذه المنطقة، إيران وتركيا على سبيل المثال، على أنهم مواطنون، لا من الدرجة الثانية فقط بل من الدرجة العاشرة، فهؤلاء، سواء هنا أو هناك، كان دورهم رئيسياً في مسيرة البناء والعطاء وفي النهضة الحضارية لهذه المنطقة، وأيضاً وقبل أي شيء وفوق كل شيء، في التصدي لكل الغزاة الذين استهدفوها عندما كانت تشكل دولة واحدة، وبعد ذلك عندما أصبحت دولاً متعددة في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى التي كانت مرت ذكرى انتهائها قبل أيام.

لقد بقي "الكرد" يشكلون جزءاً رئيسياً من نسيج هذه المنطقة عندما كانت دولة واحدة، وبعد ذلك عندما أصبحت دولاً متعددة وهم قد استبسلوا في الدفاع عنها كغيرهم من أهلها وربما أكثر، وهنا علينا أن نؤكد أن هؤلاء الأشقاء والإخوة كانوا الأكثر تصدياً لـ "الفرنجة" الصليبيين الذين كانوا احتلوا فلسطين كغزاة واحتلوا أيضاً أجزاءً من سورية والأردن وبالطبع من لبنان... وأيضاً من تركيا.

ولعل الجانب، ليس المهم فقط لا بل الأهم، هو أن هؤلاء الأشقاء فعلاً كان دورهم رئيسياً في المسيرة الحضارية، الثقافية على وجه التحديد، في العراق الحديث والقديم وفي سورية الحديثة والقديمة وفي الأردن وفلسطين... وأيضاً في مصر، فكبار الشعراء كانوا من الكرد، وأيضاً كبار الكتاب والفنانين والمؤرخين والمربين والمعماريين، مما يعني أن تاريخهم كان مجيداً وعطاءاتهم كانت كبيرة ومميزة، وأن تبوؤهم لموقع رئيس الجمهورية في بلاد الرافدين، بلادهم، هو أقل حق لهم... إن حقهم لن يكون كاملاً إلا إذا أصبحت لهم دولتهم الكردية في هذه المنطقة ومثلهم مثل غيرهم.

back to top