سارة بوشعر: تعليم الشباب وتثقيفهم حصانة الأوطان ضد الإرهاب

أكدت خلال تمثيلها «لوياك» في منتدى شباب العالم أن التغيير يحتاج إلى مثابرة وإيمان بالقضية

نشر في 13-11-2018
آخر تحديث 13-11-2018 | 00:05
أكدت ممثلة مؤسسة لوياك في منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، السورية سارة بوشعر أن الشباب هم أعظم وأهم ثروات العالم العربي، ولابد من استثمارهم وإطلاق طاقاتهم وإمكاناتهم، وتوفير البيئة التعليمية المناسبة لهم.

وشددت بوشعر، خلال كلمة لها بالمنتدى، على ضرورة توفير التعليم الأفضل للشباب، لأنه الحصانة الأقوى للأوطان ضد الإرهاب والحروب، مبينة أن استغلال الأموال المهدرة على شراء الأسلحة في تدريب الشباب وتثقيفهم يمكّن الدول من إعداد جيل قادر على بناء السلام وعالم أفضل.

وأوضحت أنها حظيت بفرصة لتلقي تعليم جيد وقوي من خلال نشأتها في الكويت، إذ تمكنت من خلال مدارس الكويت من الوصول إلى جامعة هارفارد الأميركية والتخرج فيها، مؤكدة أن تلك الفرصة منحتها دافعا قويا للمشاركة في بناء عالم أفضل.

وأشارت إلى أن شباب العالم ينقصهم التمكين وامتلاك القدرة على المشاركة في بناء بلدانهم، ورسم مستقبلهم، لكن الكثير منهم يواجهون بيئة محدودة الفرص والمساحة لإطلاق إبداعاتهم وقدراتهم، مؤكدة أن الجميع مطالبون اليوم بالعمل على بناء المستقبل.

وأكدت أهمية إشراك الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة في صنع القرارات والقوانين التي تخصهم، وكذلك المرأة، إذ يجب حضورها ومشاركتها في القضايا أو السياسات التي تخصها، فالأشخاص الأقدر على فهم المشاكل هم الأفضل للعمل على وضع الحلول لها.

ولفتت بوشعر إلى أن قيادة التقدم لا تقع على عاتق الحكومات وحدها، إذ على الشباب أخذ زمام المبادرة، وأن يكونوا هم التغيير الذي يريدون رؤيته في عالمهم.

وذكرت أن التغيير الذي يحلم به الشباب لن يحدث بين ليلة وضحاها، بل سيأتي بالمثابرة والعزيمة والإيمان بالقضية التي يعملون من أجلها، لافتة إلى أن «العالم يحتاج إلى أحلامنا الكبيرة»... وفيما يلي نص الكلمة:

«سيدي الرئيس، السادة الرؤساء، أعضاء البرلمان، معالي السادة الوزراء، زملائي الشباب في منتدى شباب العالم... بدايةً، أودّ أن أهنئكم سيدي الرئيس وشباب مصر على المبادرة الرائعة تجاه شباب العالم. إنها المرة الأولى التي أشهدُ فيها رئيساً يخصّص وقته وتركيزه كاملاً من أجل منتدى يُعنى بالشباب، ويحضر كل جلسةٍ، يدوّن الملاحظات ويشاركنا حواراً حقيقياً. وهذا يبيّن لي، كشابةٍ، أنّ أصواتنا موضع اهتمام وكذلك قضايانا. ولهذا فإنني أتوجه بالشكر لكم. وأودّ أن أتوجَّه بالشكر أيضاً إلى منظمة لوياك- الكويت، وهي منصة إقليمية خاصة بتمكين الشباب، والتي قامت بترشيحي للمشاركة في هذه التجربة القوية معكم جميعاً. لقد استقيتُ حماستي وإلهامي من إحساسي بالغاية المنشودة هنا بين الشباب من جميع أنحاء العالم. أنا سارة أبوشعر، وإنه لشرفٌ عظيمٌ لي أن أتحدث معكم جميعاً.

إلهام الطفولة

وأبدأ حديثي بقصة... عندما كنت في السابعة من عمري، وجدت نفسي أقفُ أمام رجل فارع الطول يرتدي بدلة رسمية، وأمعنُ النظر إلى قامته الشاهقة التي وقفت أمامي. لم أدرك حينها ما يفعله هذا الرجل، ولكن قيل لي إنّه رئيس بلدٍ قوي جداً. لم يبدُ الأمر مفهوماً حينها بالنسبة للطفلة ذات الأعوام السبعة، لكن ما أثار شديد اهتمامي كطفلة أنه خطف الأنظار إليه بدلاً مني.

نظرَ إليّ وقال: أيتها الصغيرة، ماذا تحبيّن أن تكوني حين تكبرين؟

رئيسة الولايات المتحدة الأميركية! أجبته بكل ثقة... لم أدرك حينها معنى ما قلته سوى أني رددت ما قيل لي عن عمل هذا الرجل، وقد بدا لي أنّ عمله كان شيئاً جيداً له.... كان هذا الرجل هو الرئيس الأميركي جورج بوش الأب!

هنا ضحك الرئيس بوش وقال: حسناً، أيتها الصغيرة، إن كنتُ على قيد الحياة حينها فستحظين بصوتي عند ترشحك.

لم يدر بخلدي أني سأجد نفسي بعد مرور سنوات عدة أتدرب داخل البيت الأبيض بضعة أشهر... تفاصيل تلك اللحظة تلاشت طويلاً من ذاكرتي، ولكن إجابته لي ظلت عالقة تكرر نفسها في ذهني، وخلقت في داخلي أحلاماً كبيرة، وإيماناً بإمكانات ليس لها قيود أو حدود، حتى وإن كنت طفلة، فإن بإمكاني أن أكون هو (مثله).

وعندما كبرت وأصبحت أكثر إدراكاً لحقائق العالم المحيط بي وصراعاته وتحدياته، تحوّل إلهام الطفولة ذاك، وذلك الردّ الطفولي العفوي إلى رغبة أكثر صلابة وواقعية في المشاركة في تغيير عالمي وفي رسم مستقبله.

آمال متنامية

وأذكر حديثاً لي مع جدتي حول آمالي المتنامية للانضمام إلى الحكومة والعمل في سبيل تحقيق التقدم السياسي والسلام. وقد كان ردّها مختلفًا بعض الشيء - حيث قالت: الله يُستر، لاقيلك حلم تاني. بمعنى آخر... لا سمح الله، جِدي لنفسك حلماً آخر، وعسى ألا ينتهي بك المطاف في مشكلة بسبب أحلامك الكبيرة.

وأعتقد أنّ لدى الكثير منّا نحن الشباب نسخةً من فكر جدتي ومقولة الصعب أو المستحيل، نحن مطالبون دوماً.. بأن نحصر أحلامنا في إطار صغير ليتناسب مع سياق الواقع. نقول للشباب أن يحصروا أحلامهم بما هو مستطاع، وأن يحلموا أحلاماً صغيرة ليس بشكل مباشر، ولكن من خلال الفرص المتاحة لهم، فالعديد منهم ليس لديه القدرة على مجرد تخيل عالم أفضل لانعدام الفرص المتاحة لهم وبيئتهم المحدودة... فكيف لنا أن نبني أوطاناً دون أن نحلم؟

أعظم الثروات

بينما تجذبنا الأخبار بعنواينها الرئيسية عن النفط والصراعات، نفقد رؤيتنا عما هو أهم في تحقيق ازدهارنا وسلامنا... شبابنا هم أهم وأعظم ثرواتنا إن تمكنا من إطلاق طاقاتهم وإمكاناتهم وتوفير التعليم الأفضل والفرص لهم.

إن تعليم الشباب هو أهم استثمار وأقوى حصانة لأوطاننا ضد الإرهاب والحروب، فإن استثمرنا ما يهدر من الأموال على الأسلحة والحروب في التعليم الأفضل للشباب أعددنا جيلاً متمكناً قادراً على بناء السلام... وعالم أفضل.

حين أنظر إلى ما كان له أكبر أثر في حياتي- أجد أنني قد حظيت بفرصة الحصول على تعليمٍ قوي في الكويت حيث نشأت، والذي، بدوره، مكّنني من الوصول إلى جامعة هارفارد، الأمر الذي عزّز دافعي في المشاركة في بناء عالم أفضل وإطلاق هذه الإمكانية وخلق الفرص للكثير من الشباب الآخرين.

وبعيداً عن التعليم، يبقى الجزء الأساسي الآخر هو التمكين وامتلاك الصوت، فالكثير من الشباب عبر أنحاء العالم حريصون اليوم على المشاركة في بناء بلدانهم، ورسم مستقبلهم... وأنا من بينهم، وأعلم أنكم أنتم أيضاً كذلك أيها الشباب، لكن هذه الرغبة تجد نفسها محصورة في بيئة تكون فيها فرصة مشاركة الشباب محدودة في كثير من الأحيان.

وغالباً ما أجد عند حضوري مؤتمرات دولية للشباب أن أصغر شخص يمثل صوت الشباب فيها يبلغ من العمر 57 أو 60 عاماً. نعم، أعلم أنه كان شاباً فيما مضى ـــ قبل ثلاثين عاماً. إلا أننا نحتاج إلى خلق مساحة للشباب للمشاركة في رسم مستقبلهم، وفي بناء عالم نعيش فيه.

تمكين الشباب

ويقودني هذا إلى نقطة مهمة... لقد كان من دواعي سروري حقاً أن أشهد في بداية هذا المنتدى جلسات نقاشٍ حول تمكين الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة. فمن أجل استيعاب الإمكانات التي يمثلها الشباب، علينا أيضاً استيعاب وإشراك التنوع المتعدد لشبابنا.

إن كنا سنبني مستقبلًا يناسب الجميع، فنحن نحتاج إلى أن يعمل الجميع على بناء هذا المستقبل. وعندما نعمل على رسم القوانين والسياسات للشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة فعلينا أن نشركهم في صنع هذه القوانين والقرارات التي تخصهم.

وعندما نتحدث عن قضايا أو سياسات تخص المرأة، يجب أن تكون المرأة حاضرة ومشاركة في سن هذه القوانين.... فالأشخاص الأقدر على فهم المشاكل هم الأفضل للعمل على وضع الحلول لها.

إن قيادة التقدم لا تقع على عاتق الحكومات وحدها، وعلينا نحن الشباب أخذ زمام المبادرة، وأن نكون نحن التغيير الذي نريد أن نراه في عالمنا، وأن نُدرك جيداً أنّنا سنواجه تحديات، لكن التغيير ليس نتاج ليلة وضحاها، بل هو نتاج المثابرة والعزيمة والإيمان بالقضية التي نعمل من أجلها.

مهما حدث، علينا ألا نيأس، وألا نفقد الأمل... احلم بلا حدود... آمن بما تسعى إليه واسع إليه كل يوم بعزيمة كبيرة، ثابر في تحدٍّ بعد تحد وفشل بعد فشل، ستجد أن الاحتمالات لن تعد تعني الكثير... ثابر على ما تؤمن به واسع إليه كل يوم.

من هنا، من أرض السلام، أصر وأؤكد على حلمي الأكبر. ثابر على ما تؤمن به واسع إليه كل يوم ... ومن خلال جهود آلاف الشباب منا في جميع أنحاء العالم عبر الـ163 بلداً، سنشكل قوة عارمة تستطيع التأثير... ثابر على ما تؤمن به... فالعالم يحتاج إلى أحلامنا الكبيرة... وإلى أفعالنا».

استغلال الأموال المهدرة على شراء الأسلحة في تعليم الشباب يعد جيلاً قادراً على بناء السلام

حظيت بفرصة تعليم جيد في الكويت مكنني من الوصول إلى جامعة هارفارد الأميركية

شباب العالم ينقصهم التمكين من المشاركة في بناء بلدانهم ورسم مستقبلهم

الأشخاص الأقدر على فهم المشاكل هم الأفضل للعمل على وضع الحلول لها
back to top