بانتظار استجابة الجزائر!

نشر في 09-11-2018
آخر تحديث 09-11-2018 | 00:15
 صالح القلاب ما قاله العاهل المغربي محمد السادس مساء الثلاثاء الماضي حول ضرورة تحسين العلاقات بـ"الشقيقة" الجزائر ومراجعة كل خلافات الدولتين المتجاورتين يستحق الإشادة ويستحق التقدير، ويستحق أيضاً الدعم والإسناد من الدول العربية القريبة والبعيدة، فأنْ تبقى هذه العلاقات متوترة ومتردية ليس في مصلحة الشعبين الشقيقين ولا البلدين اللذين من المفترض أنّ كلّاً منهما يشكل رديفاً حقيقياً للآخر، ويشكل مجالاً حيوياً إن ليس سياسياً فاقتصادياً وعلى اعتبار أن العلاقات بين الدول أصبحت علاقات اقتصادية لها الأولوية على كل شيء.

حتى قبل أن تصبح مشكلة الصحراء مشكلة خلافية "ملتهبة" وللأسف، بعد استقلال الجزائر الذي قدم الجزائريون من أجله مليوناً ونصف مليون شهيد، فإن بعض "سوء الفهم" بين الطرفين قد بدأ في بدايات انطلاق الثورة الجزائرية العظيمة حقاً في عام 1954 نتيجة شكوكٍ ما كان يجب أن تكون، وكان يجب استبعادها قبل عام 1962 وبعد ذلك، فالمصالح بين هذين الشعبين الشقيقين وبين هاتين الدولتين المتجاورتين كثيرة، وهي مصالح لا يجوز الاستمرار في تجميدها وقد اقترب العالم من أن ينهي عشرين عاماً من الألفية الثالثة.

ولعل ما يعزز دعوة العاهل المغربي لفتح صفحة جديدة بين المغرب والجزائر أن البلدين يشكلان معاً ركيزة أساسية في إفريقيا باعتبار أنهما، وهما بكل هذا الحجم وبهذه المكانة الإقليمية والدولية وبهذا الموقع الجغرافي المحاذي للقارة الأوروبية والمتداخل مع العديد من الدول الإفريقية، قادرتان على أن تكونا معاً رقماً رئيسياً إقليمياً ودولياً ولاعباً إيجابياً مؤثراً في العلاقات العربية– العربية وأيضا في العلاقات مع الدول الإسلامية.

وهنا حتى إذا كانت الجزائر تريد منفذاً على المحيط الأطلسي، فأغلب الظن أن المغرب لا يمكن أن يمانع في هذا، ولكن بالتفاهم ومن خلال العلاقات الأخوية الحميمة وبتغليب المصالح المشتركة على كل النزعات الاستحواذية والتخلص نهائياً من هذه الخلافات التي ازدادت تجذراً مع الوقت، ومع استمرار القطيعة، ومع بقاء الحدود بين بلدين شقيقين مغلقة ومعطلة كل هذه السنوات الطويلة.

وهكذا فأغلب الظن، لا بل المؤكد أن الجزائر العظيمة، جزائر المليون ونصف المليون شهيد، ستستقبل مبادرة العاهل المغربي بالترحاب والاحتضان، وأنها سترد على هذه الخطوة المباركة لا بخطوة مماثلة فقط، بل بأعرض وأكبر منها، فهذه القيادة الجزائرية التي قادت شعبها العظيم والشجاع إلى الاستقلال في عام 1962، بعد استعمار لا أبشع منه على مدى تاريخ البشرية كلها تواصل مئة واثنين وثلاثين عاماً، لا يمكن إلا أن تستقبل هذه المبادرة الأخوية فعلاً بالأحضان وعلى أساس أنه غير جائز أن تستمر هذه القطيعة المكلفة للبلدين بينما كل المصالح الكونية والإقليمية غدت متداخلة ومتكاملة.

back to top