إيران: صدمة وتخوين بعد شمول العقوبات «عملاء الالتفاف»

• واشنطن تسعى إلى خنق طهران بهدوء
• إردوغان: الإجراءات الأميركية تخل بتوازن العالم

نشر في 07-11-2018
آخر تحديث 07-11-2018 | 00:05
إيرانيون خلال دفن بقايا جنود قتلوا في الحرب العراقية - الإيرانية     (ارنا)
إيرانيون خلال دفن بقايا جنود قتلوا في الحرب العراقية - الإيرانية (ارنا)
صدمت دوائر صنع القرار الإيرانية جراء تضمين لائحة العقوبات الأميركية «أسماء لأطراف وشركات» تلعب دور الوسيط للالتفاف على القيود، وفتحت تحقيقاً لكشف حيثيات الاختراق الذي كشف تلك اللائحة، في وقت يبحث الاتحاد الأوروبي عن مضيف لـ «آلية مواصلة التجارة» مع طهران.
سرت صدمة واتهامات بالتخوين في الأوساط السياسية الإيرانية غداة سريان الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية الاقتصادية المعروفة سلفا، بعدما فوجئت أجهزة صنع القرار الإيرانية باشتمالها على لائحة بأسماء الأشخاص والشركات والكيانات التي كانت تلعب دور الوسيط للإفلات منها.

وأكد مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن كشف «عملاء الالتفاف» على العقوبات التي وصفها الرئيس دونالد ترامب بـ «الأكثر قسوة في التاريخ» أثار غضب العديد من نواب مجلس الشورى (البرلمان) وأعضاء مجلس الأمن الايراني، لأنه أحبط خطط البلاد السابقة والجديدة للإفلات من العقوبات الخانقة.

وأشار إلى أن «لائحة العملاء وخطط الالتفاف» تحظى بسرية، ولم يطلع عليها مجلس الأمن القومي، حيث تم فصل عمل الأجهزة عن بعضها البعض لضمان أكبر قدر من الحيطة، لكن انكشاف الأسماء يظهر أن الأميركيين نجحوا في زرع شبكة استخباراتية كبيرة استطاعت اختراق مختلف الأجهزة داخل إيران، ولم يكن الأمر مرتبطا بجاسوس أو اثنين فقط.

اقرأ أيضا

ولفت المصدر إلى أن الوزارات الحكومية و»الحرس الثوري» ومنظمات تابعة لمكتب المرشد الأعلى، كانوا قد أعدوا خططا منفصلة للحيلولة دون كشف العملاء على طريقة «قطع الدومينو»، لكن الجميع صدم بوضع الشركات والأشخاص، التي كانت تعول عليها طهران لتمرير بيع صادراتها، خاصة النفطية، على لائحة العقوبات الجديدة.

وأضاف المصدر أن المجلس الأعلى للأمن عقد جلسة طارئة مساء أمس الأول بأمر فوري من المرشد الأعلى علي خامنئي، بعد كشف «لائحة العملاء» التي أظهرت وجود اختراق أمني كبير يرجح تواطؤ شخصيات حكومية وأمنية عالية المستوى به.

وأفاد بأن الاجتماع أسفر عن فتح تحقيقات موسعة بأمر من المرشد الذي كلف الجهاز القضائي وأجهزة الأمن اعتقال كل من يشتبه في تورطه بالتسريب المزعوم والتحقيق معه دون أي اعتبار لمنصبه الحكومي أو العسكري أو علاقاته بأي من الشخصيات الحكومية، إضافة إلى وضع جميع المديرين الحكوميين المشتبه بهم وعائلاتهم على لوائح منع السفر حتى تنتهي التحقيقات.

وأوضح المصدر أن بعض الشخصيات والمؤسسات التي لم يطلها الاختراق لا تستطيع تلبية حاجات البلاد للإفلات من العقوبات، وعلى الحكومة أن تقوم بالعمل سريعاً على إيجاد طرق جديدة للتعايش مع العقوبات الأحادية.

خنق ببطء

يأتي ذلك في وقت أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يريد فرض عقوبات على النفط الإيراني تدريجيا، مشيرا إلى مخاوف من صدمة في أسواق الطاقة وزيادة الأسعار العالمية.

وقال ترامب: «فيما يتعلق بالنفط، الأمر مهم جدا. فرضنا أشد عقوبات على الإطلاق، لكن بالنسبة للنفط نريد أن نسير بوتيرة أبطأ قليلا، لأني لا أريد أن أرفع أسعار النفط في العالم».

ويبدو أن الولايات المتحدة قررت «خنق إيران» لا مضايقتها اقتصاديا، أو الإمساك بتلابيبها فقط، في محاولة يراد بها على الأرجح تعميق الأزمة الاقتصادية الداخلية، بقطع شريان النفط الذي يغذي الخزانة العامة، وبالتالي ضرب الريال الإيراني المتدهور بقوة، وسكب المزيد من الزيت على شرارات الاحتجاجات الكامنة في الشارع الإيراني من «ضيق المعيشة».

ظريف وجعفري

في المقابل، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الشعب الإيراني صانع للتاريخ، وأن الإدارة الأميركية «ستندم على تصرفاتها الحمقاء».

من جانب آخر، دافع قائد «الحرس الثوري» اللواء محمد جعفري عن قائد «فيلق القدس» المسؤول عن العمليات الخارجية اللواء قاسم سليماني، أمس، وقال إنه «طهّر الأراضي الإسلامية من دنس الإرهابيين عملاء أميركا».

وجاء ذلك ردا على تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي اعتبر أن سليماني ملطخ بالدماء من جراء تدخله بالصراعات والنزاعات في المنطقة خاصة بسورية والعراق.

صعوبات واستثناء

في غضون ذلك، أكد 3 دبلوماسيين أن الاتحاد الأوروبي لم يستطع حتى الآن إيجاد بلد يستضيف آلية خاصة للتجارة مع إيران للتغلب على العقوبات الأميركية على طهران، في الوقت الذي تخشى فيه الحكومات من استهدافها بإجراءات أميركية.

وأفاد الدبلوماسيون بأن أيا من دول الاتحاد لم تتطوع حتى الآن لاستضافة الآلية التي كان من المفترض أن تنطلق مع بدء سريان العقوبات.

وأعاد الاتحاد الأوروبي، أمس الأول، إصدار بيانه المنشور في الثاني من نوفمبر الجاري، معبرا عن معارضته للسياسة الأميركية، وقال إنه لا يزال يعكف على إنشاء ما يعرف باسم الآلية المحددة الغرض لمواصلة التجارة مع إيران، بهدف إقناعها بمواصلة الالتزام بالاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن.

من جهة أخرى، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستواصل السماح بالعمل في ثلاثة مشاريع يجري العمل فيها للأغراض السلمية بالقطاع النووي الإيراني، مما سيتيح إبقاء الاتفاق الموقّع عام 2015 الذي انسحبت منه واشنطن، وتمسك به الاتحاد الأوروبي وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا.

وأكدت «الخارجية» الأميركية أنه يُسمح بـ «مواصلة المشاريع تحت إشراف دقيق جدا لضمان الشفافية وإبقاء القيود على إيران». وجددت دعوة طهران لإبرام اتفاق جديد يشمل أنشطتها في المنطقة وبرنامج تسلحها الصاروخي وملفها النووي.

مساندة وادانة

من جهة ثانية، انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، إعادة الولايات المتحدة فرض العقوبات على إيران، ووصفها بأنها خطوة خاطئة تخل بتوازن العالم. وقال إن بلاده لا تريد العيش في «عالم إمبريالي».

في موازاة ذلك، حذّر وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو من محاولة عزل إيران عبر العقوبات الأميركية على قطاعي النفط والشحن، وقال إن من «الظلم معاقبة شعبها».

وأضاف: «لا نعتقد أن العقوبات يمكن أن تحقق أي نتائج، وأعتقد أن الحوار والمحادثات الجادة أكثر نفعا من العقوبات».

كما دان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخطوة الأميركية، قائلا إنها «غير مشروعة».

أوروبا تعجز عن إيجاد مضيف لـ «آلية التجارة»
back to top