قافلة المهاجرين تتحدى سلامة الحدود الأميركية

نشر في 05-11-2018
آخر تحديث 05-11-2018 | 00:00
 ذي أتلانتك عبر آلاف الأشخاص بالزوارق نهر سويشيات، الذي يفصل غواتيمالا عن المكسيك، لكن المكسيك لم تعتقلهم أو تطردهم، وسرعان ما عادوا إلى التحرك، يبدو أن المنظمين يأملون أن يخيف حجم القافلة السلطات المكسيكية والأميركية.

تمتحن هذه القافلة أيضاً النظام السياسي الأميركي، في حين يعمل ترامب على حض المحافظين الأميركيين على تبني خط متشدد بشأن الهجرة، كان له تأثير معاكس في خصومه السياسيين، ولا شك أن من الجنون أن يشير الرئيس إلى أن الديمقراطيين "يقودون" القافلة، كما فعل في تغريدة الأسبوع الماضي، لكنه لم يخطئ بشعوره بأن الديمقراطيين مرتبكون جداً بسبب هذه القافلة.

ولكن علينا أن نفهم المخاطر: تعتبر النظرية وراء هذه القوافل أن لسكان أميركا الوسطى مطالب محقة باللجوء إلى الولايات المتحدة نظراً إلى تفشي البطالة وأعمال العنف التي ترتكبها العصابات في بلدانهم. وإذا كان هذا الادعاء صحيحاً، فلا يقتصر مؤيدوه على الآلاف في القافلة، بل يشملون أيضاً الملايين في بلدانهم، فقد كشف استطلاع للرأي أجراه معهد بيو عام 2013 أن 58% من سكان السلفادور مستعدون للانتقال إلى الولايات المتحدة إذا استطاعوا ذلك. يبلغ اليوم عدد سكان الدول السبع في أميركا الوسطى مجتمعةً نحو 45 مليون نسمة، أي ما يوازي عدد سكان المسكيك في عام 1970 حين بدأت الهجرة من تلك الأمة.

لكن التطورات تحدث بسرعة أكبر في العقد الحالي، مقارنةً بسبعينيات القرن الماضي. عندما علّقت ألمانيا مؤقتاً قواعدها بشأن الحدود في شهر أغسطس عام 2015، تدفق نحو مليون مهاجر إلى البلد خلال الأشهر الأربعة التالية. وتواصل هذا التدفق خلال عام 2016. وما زالت تأثيراته السياسية تتفاعل حتى اليوم، فقد أدت هذه المسألة دوراً مهماً في تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، في انتخاب حكومة رجعية في بولندا، في إعادة إحياء فيكتور أوربان سياسياً في هنغاريا، وفي انهيار الأحزاب اليسارية الوسطية في فرنسا، وإيطاليا، والسويد، وألمانيا.

علاوة على ذلك، لانتخاب ترامب علاقة بتدفق المهاجرين عبر حدود الولايات المتحدة الجنوبية في صيف عام 2014، فقد عبر عشرات آلاف النساء والأولاد الحدود في غضون بضعة أسابيع فحسب. وما زال كثيرون ممن دخلوا عام 2014 يعيشون في الولايات المتحدة لغاية اليوم، حتى بعدما جاء الحكم سلبياً في قضاياهم، فقد تجاهلوا أوامر إخراجهم من البلد واختفوا بين العدد الكبير من المهاجرين غير الشرعيين المقيمين في الولايات المتحدة.

تجذب سوق العمل الأميركية القوية مجدداً عمال الأجور المتدنية، ففي عام 2018 عادت عمليات عبور الحدود الجنوبية غير الشرعية، التي كانت قد انخفضت عام 2017، إلى الارتفاع إلى المعدلات التي عهدناها في عام 2016، متخطيةً بأشواط ما شهده عام 2015. وإذا نجح آلاف الناس في القافلة في عبور الحدود وقدّموا طلبات اللجوء وانتشروا في الولايات المتحدة بانتظار الحكم في قضاياهم، فلا شك أن كثيرين آخرين سيحذون حذوهم.

ولمَ لا؟ يعيش أكثر من 60% من سكان هندوراس في الفقر، وفق البنك الدولي، شأنهم في ذلك شأن 60% تقريباً من سكان غواتيمالا، ومع أن معدلات الجريمة والعنف تتراجع في كلا هذين البلدين منذ عام 2014، تبقى مرتفعة جداً وفق المعايير العالمية.

تمثل القافلة بالنسبة إلى ترامب فرصة سياسية، فهذا بالتحديد نوع المسائل الذي يثير اهتمام عدد أكبر من الأميركيين المحافظين ويمكّنه بصفته بطلهم العاصف الغاضب.

أما بالنسبة إلى خصوم ترامب فتمثل هذه القافلة شركاً، هل دفعهم ميل ترامب الشعوبي المتطرف إلى التطرف في الاتجاه المعاكس، حتى إنهم باتوا يطبقون رسالة القافلة ضد أي نوع من ضبط الحدود مهما كان؟ إذا صح ذلك، فلا يساعدون المهاجرين، بل يهمشون أنفسهم وستتبع السياسات الأميركية المسار الأوروبي الذي سمح للأحزاب المناهضة للهجرة من اليمين المتطرف بالقضاء على الوسط السياسي.

إذا أصر الليبراليون على أن الفاشيين وحدهم يدافعون عن الحدود، فسيعمد الناخبون عندئذٍ إلى الاستعانة بالفاشيين للقيام بعمل يرفضه الليبراليون، وإنني أدق طبول التحذير هذه منذ تسارع أزمة الهجرة الأوروبية في عام 2013، ويصح هذا التحذير اليوم أكثر من أي وقت مضى، فقد بلغت المشكلة عقر دارنا.

* ديفيد فروم

*«أتلانتيك»

back to top