العدو الصديق

نشر في 02-11-2018
آخر تحديث 02-11-2018 | 00:07
 دانة الراشد صديقك أخطر عدو، وعدوك أفضل صديق... صديقك أعرف ببواطنك ونقاط ضعفك، وكم من السهل أن يتمادى في جفائه وطغيانه، فهو يعرف مدى محبتك له، أما عدوك فهو مرآتك الصادقة، يُريك عيوبك بكل صراحة، عدوك خير معلم، ودروسه قيّمة، فأحسن الملاحظة وافهم المغزى من وجوده في حياتك.

وما أجمل الصداقة ما بعد عدواة، وما أروع التجارب والصعاب التي تقرب القلوب إلى بعضها بعضا، فاختبارات الوفاء والثقة من شدّة وأسفار تكشف معادن الناس، فتقرب منك الأصدقاء الحقيقيين وتبعد عنك المتملقين.

رب عدوٍ أصدق من صديق، ورب صديقٍ انقلب عدواً، فهذه هي الحياة، دائمة التغير تدهشك في تقلب أحوالها، فلا وقت للأسى ولا داعي للحزن وأخذ الأمور بشخصية. املأ قلبك بالرضا والقبول، فدوام الحال من المحال، كما يُقال. لذا، تقبل برحابة صدر وجود الأعداء في حياتك ورحيل بعض الأحبة منها، فمصير الحياة التجدد وظهور الأحباب من جديد، وإن أتوك بصورة مختلفة.

لا تفرط في محبة الحبيب، ولا تبالغ في كره أعدائك، فإنك لا تعلم ماذا يحمل لك الغد، هكذا تحافظ على سلامة قلبك من الانكسار. ولا تعزل نفسك عن أيٍ منهما، فكلاهما يساهمان في نموك... هكذا تكتمل الصورة وتستمر دائرة الأخذ والعطاء.

احفظ سرك ولسانك، ولا تشارك بواطنك إلا لأقل القليلين، والأفضل من ذلك هو الاحتفاظ بذلك الجزء الخفي والحميم منك لنفسك فقط، فلا أحد أقدر منك على حمل عبء أسرارك.

استغنِ عن الحاجة إلى الآخرين، ولا تلقِ بعبء شكواك على أحدهم فتثقل عليه. اخلق سلسلة متنوعة من الصداقات والعلاقات الطيبة المتبادلة، فبذلك تجد من يقف معك وقت الشدة ومن يفرح ويحتفل معك وقت السعادة والرخاء. اخفض من سقف توقعاتك على أية حال وليكن قلبك كريماً معطاءً يسمو فوق مسميات العداوة والصداقة... انظر من حولك فستجد العديد من القلوب المتصدعة التي تحتاج المساعدة فلا تتناسها ولا تغض الطرف عنها.

فلنتحلَّ بالمرونة للتعاطي مع الطرفين ولنرَ الحكمة من وجود كلا الصديق والعدو في حيواتنا. وبالمحبة والنزاهة قد نحيل بعض أعدائنا أحباباً.

* "إنني أسحق أعدائي حينما أجعلهم أصدقائي". (إبراهام لينكولن)

back to top