المرأة قاضية

نشر في 28-10-2018
آخر تحديث 28-10-2018 | 00:08
حتى لا نظلم المرأة الكويتية فإن متطلبات الإصلاح القضائي أهم بكثير من مجرد احتفالنا بوصول المرأة إلى منصب قاضية، وبالمثل فإن إصلاح التجربة البرلمانية أهم بكثير من مجرد وصول المرأة إلى مقعد التشريع والرقابة.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

أقرت لجنة عمل الفروانية في المجلس البلدي بوجود 400 عامل في منطقة جليب الشيوخ ووصفتها بأنها منطقة عشوائية تواجه مرافق حيوية مثل المطار واستاد جابر والمدينة الجامعية. المطلوب تغيير وضع هذه المنطقة لأنها تمثل حالياً الحديقة الخلفية لتجار الإقامات وتهريب البشر.

***

خبر تعيين المرأة الكويتية قاضية في العام 2019 الذي كتبت الصحافة حوله يعدّ حدثاً مهماً وعلى طريق المساواة والعدالة، حيث هناك خطة بين النيابة العامة والمحكمة الكلية لتعيين من أتمَمن خمس سنوات من العمل في النيابة قاضيات لاحقاً.

هنا يجب أن نتوقف عند هذا الحدث المرتقب ونتذكر الملابسات التي رافقت مطلب دخول المرأة المعترك السياسي من خلال عضويتها في البرلمان.

وقتها- وبعد مرور المرسوم الأميري- سادت الفرحة أوساط النساء وشريحة من المواطنين ممن يرون أنه شيء مستحق، وهو كذلك، لكن الذي حدث أنه بعد نجاح أربع نساء دفعة واحدة في كسب مقاعد في البرلمان كان الهجوم والعيون تترصدهُن وكأنهن يُمثِلن المجلس بأسره، وحُمِلن ما وصلت له التجربة البرلمانية بسلبياتها وإيجابياتها، وقيل الكثير عن أدائهن ظُلماً وإجحافاً، والحقيقة أن ما نجحت فيه المرأة في التجربة البرلمانية هو ما نجح فيه أقرانها من الرجال والعكس صحيح، وبما يعني أن مسألة الجنس هنا لا صلة لها بالأداء بتاتاً.

الجانب الاحتفائي والاحتفالي بدخول المرأة الكويتية أي ميدان من ميادين الإدارة العامة رد فعل فطري لأي إنسان يعتقد بالمساواة والعدالة بين الناس، لكن المسألة تتعدى هذا الشعور العاطفي لتصل بنا إلى ضرورة تقييم أداء المرفق الذي تدخل فيه المرأة بعد عقود من الإدارة الرجالية له، برلماناً كان أم قضاء.

وللتوضيح نقول إن تنفيذ وعد تنصيب المرأة قاضية يتطلب مناقشة إصلاح مرفق القضاء أولاً لا الاحتفال بوصول نسوة إليه. هذا هو الفرق.

وحتى لا تتعرض الكويتية القاضية لما تعرضت له المرأة البرلمانية نقف عند أبرز الملاحظات المطروحة لإصلاح مرفق القضاء ومنها:

تكويت مرفق القضاء، وتقليص مسائل السيادة أمام القانون كالجنسية والإبعاد الإداري، وإنشاء دور العبادة، وعدم بسط الرقابة على الجهاز الإداري. وهناك ملف دعم الاستقلال المالي والإداري لمرفق القضاء ليكون دور وزارة العدل إشرافياً فقط، وإصدار قانون مخاصمة القضاء، وتطوير بعض القوانين لتلائم الحياة الاجتماعية ومنها قانون الجزاء الصادر عام ١٩٦٢ كما حدث لقوانين أخرى مثل القانون المدني والأحوال الشخصية وقوانين الشركات والتجارة.

كل هذه الأمور والمتطلبات الخاصة بالإصلاح القضائي تبدو أكبر بكثير من مجرد احتفالنا بوصول المرأة إلى منصب قاضية، وبالمثل فإن إصلاح التجربة البرلمانية أهم بكثير من مجرد وصول المرأة إلى مقعد التشريع والرقابة.

التساؤل الذي يمكن طرحه هنا: لماذا يستند وصول المرأة إلى منصب قاضية إلى ضرورة أن تمر بقناة العمل في النيابة العامة فقط، لماذا لا تصل إلى هذا المنصب عبر التدرج والتأهيل من شرائح أخرى كالمحامين وأساتذة القانون وأصحاب الخبرات وفقاً لضوابط محددة، كما هو الوضع في دول الشمال الإفريقي العربي ولبنان مثلاً؟

جميل أن نحتفل بإصلاح القضاء وإصلاح التجربة الديمقراطية بعيداً عن الفرح العاطفي.

back to top