الوادي الآخر

نشر في 28-10-2018
آخر تحديث 28-10-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي عذراً لكم، لا أستطيع الكتابة عن المواضيع التي تشغل العالم، ولا غيري يستطيع في هذا البلد، بل وفي هذه البقعة المعتمة من الكوكب.

أقول هذا رداً على من يعاتبنا لعدم تفاعلنا مع بعض الأحداث العالمية، أو ذات الصدى العالمي. يقول أحدهم: "ننتظر آراءكم، كتّابنا، عن الموضوع الفلاني والحدث العلاني، فإذا العالم كله في وادٍ وأنتم في وادٍ آخر".

نعم يا عزيزي، نحن أهل الوادي الآخر. نحن أهل الوادي الذي لا تسمح حكوماته بأن يناقش أهله قضاياه بحرية تامة، لكنها تسمح للغريب، بشرط أن يكون هذا الغريب من الغرب. فلا تعتب، ولا تكرر مقولتك: "صحافتنا مجرد أوراق مملوءة بحبر".

فالقضية ليست محصورة في الصحافة الورقية. الفضائيات كذلك، والإذاعات والمسرح والتلفزيون، بل حتى وسائل التواصل الاجتماعي، كلها محشورة في سراديب العتمة والتعتيم.

ودعني أصارحك: حتى في برنامجي سناب شات وتويتر، اللذين لا تسيطر عليهما رقابة مسبقة، لا نستطيع الحديث عن بعض القضايا الإقليمية أو الدولية التي تمس منطقتنا. ليش؟ لأن الأثمان أكبر من قدرتنا على الدفع. لذلك نختار دائماً الحديث بالإشارة والغمزة وعض الشفاه والضرب على الفخذ.

ثم تعال أيها الحر الغاضب، كما تريد أن تصور لي ولغيري. لنفترض أننا كتبنا، لنفترض ذلك جدلاً وهبلاً، ووصلت إليك الصورة كاملة. ما الذي سيتغير فيك؟ هل لرأيك وللرأي العام في منطقتنا أي تأثير؟ هل تعتقد أن حكومات أميركا وأوروبا ستتعاقد مع شركات علاقات عامة للتأثير على الرأي العام في منطقتنا، كما تفعل بعض حكوماتنا بتعاقدها مع شركات للتأثير على رأي الناخب الغربي؟

دع عنك التظاهر بما ليس فيك، فلا رأيك يهم ولا رأيي يجرح نملة في دوائر القرار بمنطقتنا. وعليه، ما الذي يجبرنا على المجازفة بالسير في الغابات المشتعلة؟ يا عزيزي نحن من أهل الوادي الآخر، فلا توقظنا من سباتنا.

back to top