سدانيات: خامنئي... شاه أم إله؟!

نشر في 27-10-2018
آخر تحديث 27-10-2018 | 00:06
التسامي على الجراح الذي قامت به أوروبا، هو ما جعلها تنسى خلافاتها مع ألد أعدائها منتقلة من أنظمة فاشية ونازية ودكتاتورية وشيوعية إلى نظام رأسمالي لا يعرف إلا المصلحة شعاراً للدولة، وقد لا أتفق مع هذا الأمر، إلا أن إيمان هذه الأنظمة بمبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية واحترام قيمة الإنسان كعامل ورافد في حياتهم الاقتصادية هو ما جعل أوروبا تنهض مجددا من سنوات الدمار والخراب إلى الازدهار الحقيقي.
 محمد السداني في مشهد ملتهب في منطقة الشرق الأوسط، لا تكاد نار حربٍ تخبو في منطقة حتى تشتعل في أخرى. يصرح ولي العهد السعودي بأنَّ الشرق الأوسط سيكون أوروبا الجديدة، تصريح طموح في ظل ما تشهده المنطقة من خطط تنموية يعلم الله وحده هل ستنفذ على أرض الواقع أم أنها مثل مثيلاتها في تاريخنا المعاصر؟

الشاهد من التصريح الذي أطلق على هامش مؤتمر اقتصادي يدفعنا إلى العديد من التساؤلات المهمة التي ستقودنا إلى حقيقة أوروبا الجديدة أو شرق أوسط أكثر تعقيدا، لم تكن أوروبا على ما هي عليه من تطور وازدهار بناء على ما تملكه من ثروات اقتصادية ضخمة ولست أنا من يدعي هذا بل إنَّ التاريخ يثبت أنَّ هذه الدول دُمرت جراء الحرب العالمية الطاحنة التي علمتها درسا في الحياة ومعنى البقاء.

إن التسامي على الجراح الذي قامت به أوروبا مع نفسها هو ما جعلها تنسى خلافاتها مع ألد أعدائها منتقلة من أنظمة فاشية ونازية ودكتاتورية وشيوعية إلى نظام رأسمالي لا يعرف إلا المصلحة شعاراً للدولة - وقد لا أتفق مع هذا الأمر- إلا أنَّ إيمان هذه الأنظمة بمبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية واحترام قيمة الإنسان كعامل ورافد في حياتهم الاقتصادية هو ما جعل أوروبا تنهض مجددا من سنوات من الدمار والخراب إلى الازدهار الحقيقي المتحقق في جوانب النهضة الحقيقية التي تتمثل في تعليم حقيقي يخدم المجتمعات ونظام سياسي حقيقي يحاكي رغبات الشعوب في سُبل حكمها ونظام اقتصادي لا يكون فيه لأحد من الشعب حقٌ فيه إلا من خلال ما يقدمه من خدمات.

لم تكن أوروبا مجموعة شركات واستثمارات، بل نظام إداري محكم البناء ربط شعوبا لا يجمعها أصل ولا لغة ولا دين ولا عادات ولا تقاليد، فأثبت هذا النظام نجاحه عن طريق بقائه طوال هذه السنوات، بل النجاح الأكبر أن أوروبا صارت مهوى الأفئدة المشتعلة شوقا للأمن والأمان ولكل من يبحث عن دول تحترم الإنسان لقيمته كإنسان لا لأصله ونسبه ولونه.

إننا في الصورة المقابلة في الشرق الأوسط المزعوم الذي لم يجتمع إلا على عامل الجغرافيا، ولو تفحصته لوجدته متشرذما متفرقا لا تكاد تنتقل بضع كيلومترات بين بلدانه إلا وتجد نفسك أمام أسلاك شائكة ودبابات وحراسات وتأشيرات لا تنتهي، وكأنك تنتقل من ملكيات خاصة لأفراد يتفضلون عليك بإدخال إلى دولهم التي لولا النظام العالمي لم يكن لها وجود.

الشرق الأوسط الذي نعيشه هو شرق أوسط يلقي بفشله ولومه وتأخره عن ركب الحضارة العالمية على إيران ومشاريعها في المنطقة، وكأنَّهم صدموا عند علمهم أنَّ الدول الكبيرة تتدافع بمشاريعها التوسعية إما بناء على فكرة سياسية أو اقتصادية أو دينية، والعاقل هنا يطرح سؤالاً مهماً: لماذا يصفق البعض للمشروع التركي ويسبح بحمده ليل نهار ويلعن يوميا المشروع الإيراني، رغم أن المشروعين يواجهان عداء عالميا بسبب بيئتهما الدينية؟!

لن تكون هناك أوروبا جديدة دون وجود إيران وتركيا فيهما، فقبل أن نبني شركات عملاقة ونضخ مليارات الدولارات في السوق العالمية يجب علينا أن نبني جسور الثقة وتقبل الآخر وأن نتدافع بعضنا مع بعض بالمشاريع الأممية التي تنتصر بأدوات الفكر وعوامل البناء والازدهار، لا يمكن أن نكون أوروبا جديدة ونحن مازلنا نخاف الرأي الآخر ونقمع كل مخالف ونحارب الأفكار الجديدة.

ليس إعجابا بإيران ولكن مع ما تواجهه من حصار وتحديات وعقوبات، وصمودها وممارستها دورا كبيرا في المنطقة عسكريا وسياسيا مربكة مشاهد دول كثيرة تنعم برضا النظام العالمي وموارد مالية ضخمة، فهذا يستوجب أن نعيد التفكير في فكرة الحرب والاقتتال التي لن تكون حلاً صائباً للجميع.

خارج النص:

سألت صديقاً عن إمكانية انتقاد الممارسات السياسية للشخصيات ذات البعد الديني مثل خامنئي، فقالها صراحة: هو ليس بشاه ولا إله.

back to top