خاشقجي توفّي خطأً... والتحقيق لا يشير إلى تعذيب

• الصحافي السعودي سقط بعد كتم أنفاسه لمنعه من الصراخ... وجثته لُفّت بسجادة
• فريق التفاوض تجاوز صلاحيته وزوّر تقريراً لتضليل القيادة وسعى إلى التغطية على الحادث

نشر في 22-10-2018
آخر تحديث 22-10-2018 | 00:05
واصلت السلطات السعودية الكشف عن المعلومات التي توصلت إليها عن حادثة وفاة الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول. وأكد مسؤول سعودي أن خاشقجي توفي بسبب خطأ ارتكبه فريق التفاوض الحكومي الذي أرسل للتفاوض معه.
قدّم مسؤول حكومي سعودي كبير، أمس، تفاصيل جديدة عن حادثة وفاة الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 الجاري، مؤكدا أن خاشقجي توفي بسبب خطأ من الفريق الحكومي الذي توجه الى تركيا للتفاوض معه حول عودته الى المملكة.

وفي تصريحات لـ «رويترز»، تناقلتها وسائل الإعلام السعودية، روى المسؤول السعودي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، تفاصيل عن كيف هدد فريق من 15 سعوديا، أرسلوا للقاء خاشقجي في الثاني من أكتوبر الجاري، بتخديره وخطفه، قبل أن يقتلوه في شجار عندما قاوم. ثم ارتدى أحد أفراد الفريق ملابس خاشقجي ليبدو الأمر وكأنه غادر القنصلية.

وقال إن الحكومة السعودية أرادت إقناع خاشقجي، الذي انتقل للإقامة في واشنطن قبل عام، بالعودة إلى المملكة، كجزء من حملة للحيلولة دون تجنيد أعداء البلاد للمعارضين السعوديين.

وأضاف: «من أجل ذلك شكّل نائب رئيس الاستخبارات العامة، أحمد عسيري، فريقاً من 15 فردا من الاستخبارات والأمن للذهاب إلى إسطنبول ومقابلة خاشقجي في القنصلية ومحاولة إقناعه بالعودة».

وذكر أن «عسيري كوّن الفريق، واستعان بموظف يعمل مع المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني كان يعرف جمال جيدا، إذ عملا معا بسفارة المملكة في لندن».

وتابع أن القحطاني، الذي عمل مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وافق على أن يدير أحد موظفيه المفاوضات.

خطة وذعر

وأكد أنه وفقا للخطة كان الفريق سيحتجز خاشقجي في مكان آمن خارج إسطنبول لبعض الوقت، ثم يفرج عنه إذا رفض في نهاية الأمر العودة إلى المملكة.

وأضاف أن الأمور ساءت منذ البداية، إذ إن الفريق تجاوز التعليمات ولجأ سريعا للعنف.

ووفقا للرواية، تم توجيه خاشقجي لمكتب القنصل العام، حيث تحدث أحد أفراد الفريق، ويدعى ماهر مطرب، معه عن العودة.

وقال المسؤول إن خاشقجي رفض، وأبلغ مطرب أن شخصا ما ينتظره بالخارج، وسيتصل بالسلطات التركية إذا لم يظهر خلال ساعة.

وبحسب رواية المصدر، قال خاشقجي لمطرب: «الأمر مخالف للأعراف الدبلوماسية والأنظمة الدولية. ماذا ستفعلون بي، هل لديكم نية لخطفي؟».

ورد مطرب: «نعم سنخدرك وسنقوم باختطافك»، وهو ما وصفه المسؤول بمحاولة تخويف تخالف هدف المهمة.

وعندما رفع خاشقجي صوته أصيب الفريق بذعر. وتابع المسؤول: «نتيجة إصرار جمال على رفع صوته وإصراره على مغادرة المكتب، حاولوا تهدئته، لكن الأمر تحول إلى عراك بينهم، مما اضطرهم إلى تقييد حركته وكتم نفسه».

وأضاف: «حاولوا أن يُسكتوه، لكنه مات. لم تكن هناك نية لقتله». ورداً على سؤال حول ما إذا كان الفريق خنق خاشقجي، قال المسؤول: «إذا وضعت شخصا في سن جمال في الموقف، فسيموت على الأرجح».

جثة وتزوير

وأشار المسؤول إلى أنه للتغطية على الجريمة، لف الفريق جثة خاشقجي في سجادة، وأخرجوها في سيارة تابعة للقنصلية وسلموها لـ «متعاون محلي يقيم بإسطنبول»، لم يكشف عن جنسيته، للتخلص منها. وأضاف أن المحققين يحاولون معرفة مكان الجثة.

وأضاف أن أحد المتهمين الـ15، خبير بالأدلة الجنائية والطب الشرعي، يدعى صلاح الطبيقي، حاول إزالة أي أثر للحادث.

وفي الوقت ذاته، ارتدى أحد أفراد الفريق، ويدعى مصطفى المدني، ملابس خاشقجي ونظارته وساعته الـ «أبل»، وغادر من الباب الخلفي للقنصلية في محاولة لإظهار أن خاشقجي خرج من المبنى. وتوجه المدني إلى منطقة السلطان أحمد، حيث تخلص من المتعلقات.

وقال المسؤول إن الفريق كتب بعد ذلك تقريرا مزورا لرؤسائه، قائلا إنه سمح لخاشقجي بالمغادرة، بعد أن حذّر من أن السلطات التركية ستتدخل، وأنهم غادروا البلاد سريعاً قبل اكتشاف أمرهم.

سلطة وتشكيك

من جانب آخر، برر المصدر تغيير تفسير الحكومة السعودية لموت الصحافي، بعد نفيها مقتله بالقنصلية، بالقول إن رواية الأولى للحكومة استندت إلى معلومات خاطئة قدمتها جهات داخلية في ذلك الوقت. في إشارة إلى نفي الرياض التقارير التي تحدثت عن موت خاشقجي داخل القنصلية، قبل أن تعود وتعلن وفاته داخلها ليل الجمعة - السبت.

وأضاف المسؤول أنه بمجرد أن تبين أن التقارير المبدئية كانت كاذبة، بدأت الرياض تحقيقاً داخليا، وتوقفت عن الإدلاء بالمزيد من التصريحات.

ولفت إلى أن هناك أمراً دائماً بالتفاوض على عودة المعارضين بطريقة سلمية، مضيفا أن «أمر العمليات يمنحهم سلطة التصرف دون الرجوع للقيادة».

وقدّم المسؤول السعودي ما قال إنها وثائق مخابرات سعودية تكشف، فيما يبدو، عن خطة لإعادة المعارضين، إضافة إلى الوثيقة التي تخص خاشقجي. كما عرض شهادة من أشخاص ضالعين فيما وصفها بتغطية الفريق الذي ذهب للقاء خاشقجي على ما حدث والنتائج الأولية لتحقيق داخلي.

ورداً على سؤال عن مزاعم تعذيب خاشقجي، (59 عاما)، وقطع رأسه، قال المسؤول إن النتائج الأولية للتحقيق لا تشير إلى ذلك.

في المقابل، يتساءل متشككون عن سبب مشاركة 15 فردا بينهم ضباط بالجيش وخبراء في الطب الشرعي متخصصون في التشريح بالفريق السعودي، إذا كان الهدف هو إقناع خاشقجي بالعودة إلى البلاد بإرادته.

وقال المسؤول إن جميع أفراد الفريق، ومجموعهم 15 شخصا، اعتقلوا ويجري التحقيق معهم، إضافة إلى 3 مشتبه فيهم آخرين.

back to top